جرعة أنوثة |  ( ذات الوشم ).

بقلم| بسنت يوسف.

 

دي داقه وشم .. عديمة التربيه.

دا وآشم .. اكيد خريج سجون.

دي واشمه نجمة خماسية .. ملعونه.

بعض الكلمات الصادمه التي نعت بها مجتمعنا العربي ذات الوشم، بناء على معتقدات راسخة منذ قديم الأزل، ففي وقت ما كان الوشم هو العلامة المميزة التي يستدل بها على المنتمين إلى الفئات الدنيا من المجتمع مثل المجرمين والعاهرات و البحارة والسائقين وغيرهم من الاشخاص الذين يتم تصنيفهم على أنهم يعيشون على هامش المجتمع.

كانت أول ذكرى لنا مع الوشم من خلال فيلم “تمر حنة” لرشدي أباظة ونعيمة عاكف عام 1957، حين أراد رشدي اباظه أن يزيل رسمة تمر حنه من على صدره بواسطه ماده كاويه، رغم ذلك لا يعامل الوشم في وقتنا الحالي كتراث شعبي بل استبعدته مجتمعاتنا المدنية الحديثة وإدانته، ونظرات أعين العامة والأهل لأصحاب الوشوم خاصة النساء نظرات حادة وحاكمة.

A42CA589-EC88-480A-A937-EC6FEB5D262F

وأعتقد أن علاقة المرأة بدق الوشم/التاتو حاليًا تحمل في طياتها علاقة إثبات وضع واكتساب حق، وأن كلما زادت أعداد النساء والرجال الذين يدقون الوشوم كلما تغيرت حدة أعين الناظرين أمام الصامدين و الصامدات على حقهن في رسم مختلف الصور والأشكال والكتابات وحملها على أجسادهن، فتهدأ نسبياَ نوبات الرفض المجتمعي الشديد.

لكن في وقتنا الحالي تخطي الوشم المحظورات بعد أن انتشر الوشم بشكل مفزع وصل حد الإدمان لدى البعض، فلم يعد مجرد رسمه طفيفة على ذقن المرأة حسب العرب و لم يعد اسم يطبع علي يد الرجل بل سبح في بحر من الرسوم العجيبة والغريبة .. تجد نفسك عاجزا عن تفسيرها!  

تحول الوشم تحول جذري من علامة تميز بها المجرمين والعاهرات الي زينه، فلم تجد حضارة بشرية لم تعرف الوشم او ( التاتو ) منها الفرعوني والنازي والأمازيغي والأفريقي، ولكن حين تتحول الرجوله والانوثه إلى أداة للرسم عليها فذاك يعني انهيار منظومة شخصية المرء، غير آبهين بالمخاطر المحدقة بهم جراء وخز الإبر والأمراض القاتلة الناجمة عنه.

4162D605-2AD9-49B5-BE16-87B2205C4778

من منا لم يرغب بمعرفة ما وراء هذا الفن الذي تحول إلى حرفة لها نقابات ورخص وصالونات خاصة، لنتعرف علي تاريخ أقدم الفنون التي تتعلق روحيا بالإنسان ومعتقداته.

ان العمر النظري لاكتشاف فن رسم الوشم على الجسد هو ما يقارب ال ٨٠٠٠ سنة تقريبا ولكن لكل شئ تاريخ نظري وعملي الذي بدأ فعليا منذ ٤٠٠٠ عام قبل الميلاد عند المصريين القدماء حيث كانوا يقومون بالوشم علي المومياء و يكرسون فكرهم العقائدي والديني من خلال الوفاء لهذه المبادئ عن طريق رسمها على أجسادهن.

الوشم هو شكل من أشكال التعديل الجسدي ويتم رسم الوشم باستخدام آلة باليد تعمل مثل آلة الخياطة، تحتوي على إبرة أو أكثر لثقب الجلد مراراً وتكراراً، حيث يتم إدخال قطرات صغيرة من الحبر مع كل ثقب يتم ثقبه بالابره، لكن قد يسبب الوشم دون تخدير كمية صغيرة من النزيف، يرافقه ألم كبير محتمل، ويتم رسم الوشم بشكل يدوي، من خلال ثقب الجلد بإبرة، وحقن الحبر باليد، وما زالت تُستخدم هذه الطريقة في بعض أنحاء العالم.

الوشم موجود منذ عدة قرون في جميع أنحاء العالم. الآينو، وهم السكان الأصليين لليابان، اول من قاموا بوشم الوجوه كنوع من العادات والتقاليد.

ثم عرف الوشم في قبيلة الأمازيغ و (شمال أفريقيا)، وعند الماوري في نيوزلندا، والهوسا في شمال نيجيريا، والعرب في شرق تركيا، والبدو في سوريا.

كان الوشم موجود على نطاق واسع عند الشعوب البولينيزية، وعند مجموعات قبلية معينة في تايوان والفلبين وبورنيو وجزر مينتاواي وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى وأوروبا واليابان وكمبوديا ونيوزلندا.

التوشيم هو ممارسة أوراسية وعلى الأقل منذ حوالي العصر الحجري الحديث.

اكتشفت مومياء أوتزي والتي تعود إلى العصر النحاسي أي حوالي عام ٣٤٠٠ قبل الميلاد، تم العثور عليها في وادي أوتز في جبال الألب وعليها ما يقارب الـ ٥٧ وشم كربوني تتكون من نقاط وخطوط بسيطة في العمود الفقري السفلي، وخلف الركبة اليسرى وعلى الكاحل الأيمن.

ويعتقد بأن هذه الوشوم كانت شكلاً من أشكال العلاج بسبب موضعهم الذي يشبه الوخز بالإبر، وقد تم اكتشاف مومياءات أخرى تحمل الوشم والتي يعود تاريخها إلى نهاية الألف الثاني قبل الميلاد، مثل مومياء أمونيت في مصر القديمة ومومياوات بازيريك في هضبة أو كوك.

وعام ٢٠١٤ اكتشفت مومياء مصرية تحمل اسم “ذات الوشم” لامرأة مصرية لديها ثلاثون وشمًا رغم أن عمرها لم يتجاوز أربعة وثلاثين عام، عاشت بين 1300- 1070 عام  ق.م. غالبًا ما كانت كاهنة ذات شأن عالِ؛ ولم تكن الكاهنات فقط من تدقن الوشم، إنما أيضاً الراقصات الفرعونيات.

ولكن الفرق بين الماضي والحاضر، قديما كان العديد من الوشوم تكون عبارة عن طقوس حياتية (كالزواج والتقدم بالعمر والموت) وتصنيفات اخرى منها رتب ورموز دينية وروحانية ومنها للتعبير عن الشجاعة، و للإثارة الجنسية وتعهدات الحب، والعقاب و التمائم والتعويذات والحماية، ودلالة على المنبوذين والعبيد والمحكومين، رمزية الوشم وتأثيره يختلف باختلاف الأماكن والثقافات وقد يوضع الوشم للتعبير عن قرب الموشوم من قريبه (عادة الأم أو الأب أو الابن أو الابنة)، أو لشخص ليس بقريب.

في الوقت الحاضر، يختار الناس التوشيم لأسباب تجميلية وعاطفية وتذكارية ودينية وسحرية، وكرمز لانتمائهم أو لتمييزهم مع مجموعات معينة من الناس، بما فيها العصابات الإجرامية وأيضاً مجموعات عرقية معينة ومجموعات ثقافية خاصة.

بعض الماوري لا يزالون يختارون توشيم وجوههم بوشم موكو المعقّد، وفي لاوس وكمبوديا وتايلاند وشم يانترا للحماية من الشر وزيادة الحظ.

في الفلبين، قبائل معينة تعتقد أن الوشم له صفات سحرية، حيث يقوم الوشم بحماية حامليه، أغلب الوشوم التقليدية في الفلبين متعلقة بالإنجازات التي قام بها حامل الوشم في الحياة أو أن الوشم يدل على رتبة معينة في القبيلة، يتم التوشيم برموز مسيحية بين الكاثوليك الكروات في البوسنة والهرسك وذلك لحماية أنفسهم من الأتراك المسلمين.

إلا أن هناك أناس تم توشيمهم قسرا، وكمثال معروف السجناء في معسكرات الاعتقال النازية خلال الهولوكوست، وتم استخدام التوشيم خلال تلك الفترة لأغراض أخرى لتحديد الهوية.

وفي عهد الإمبراطورية الرومانية، كان مطلوب قانونياً من الجنود الرومان بوضع وشوم معينة على أيديهم ليكون من الصعب إخفاء الوشم في حال الانشقاق أو الفرار كذلك المصارعين والعبيد، العبيد الذين يتم تصديرها يوشم عليهم عبارة “الضريبة مدفوعة”، او الوشم على جباههم عبارة “أوقفوني، أنا هارب”. حظر الامبراطور قسطنطين الأول الوشم على الوجه عام ٣٣٠م، كما حظر “مجلس نيقية الثاني” جميع علامات الجسد كممارسات وثنية وذلك عام٧٨٧م.

ايضا خضع البحارة لقرون عديدة للتوشيم وذلك لغرض التعرف على هويتهم في حال الغرق بهذه الطريقة يمكن التعرف علي الجثث المنتشلة من البحر وإمكانية الاتصال بعائلات وأصدقاء أصحاب الجثث قبل الدفن، لذلك كان يعمل راسمي الأوشام في الكثير من الأحيان في الموانئ، حيث العديد من الزبائن المحتملين.

بالرغم من بعض المحرمات التي تحيط بالوشم، إلا أن هذا الفن لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في مناطق متعددة من العالم العربي، الوشم خطوط لا يمحوها الزمن نراها محفورة بعمق في وجوه جداتنا وفي أيديهن لم تمح رغم التجاعيد التي خلفها الزمن، أساليب ابتدعت قديما للتجمل والتميّز والتعبير عن الذات، بالرموز والأشكال التي تخط على الجسد، انتشرت كتراث في شتى أنحاء المنطقة العربية، من شمال أفريقيا إلى الجزيرة العربية مرورا بالمشرق العربي.
299EB17A-7B2B-4D7A-84DA-0A932FADD803

_ الوشم عند قبائل الأمازيغ المغربية:

يعتبر الوشم من أهم وسائل زينة المرأة الأمازيغية في شمال افريقيا، فعند سن البلوغ تعلن عن دخولها مرحلة النضج عبر الأشكال والرموز والرسوم التي تدبغ على أجزاء من جسدها.
وتقوم “الكهّانة”، وهي امرأة تخضع لطقوس التكريس عند ضريح ولي متخصص، برسم علامات وخطوط ورموز في مختلف مناطق جسمها، كالوجه والذراع واليد والصدر و النهدين والرجلين، ليتحول إلى لوحة فنية تخاطب الآخر.

تعتبر علامة زائد (+)، من أبرز الرسوم المنتشرة عند غالبية الأمازيغيات فترسم على الخد  والجبين وحتى اليدين
وتعني حرف تاء في الحروف الأمازيغية وهو اختصار لكلمة ( تامتوت ) التي تعني الأنثى الجميلة، بينما تدل علامات الوشم على النهدين، على الخصوبة والنضج الجنسي.
من دلالات الوشم عند الأمازيغ كذلك، الشفاء من الأمراض والحماية من الأوبئة وطلب الخصوبة للعاقر ودفع الحسد والعين، فالنقطة بجانب الأنف للحماية من أمراض الأسنان، و بجانب العين للوقاية من الأمراض التي تصيب العيون.

FEB33727-83D6-4D5E-8A3A-BCF3874D199F

_ الوشم عند الشاميات:

تعرف عادة الوشم  في الشام ب( الدق )، وهو ما أكده الباحث السوري ( غسان رمضان ) الذي تحدث عن الوشم  قائلاً: يسمى الوشم عندنا ( الدق ) ويعتبر من التقاليد التي توارثتها النساء الديريات وقد يشم بعض الرجال على زنودهم صوراً معينة ولكنه إجمالاً منتشر بين النساء.
كما تتعدد أسماء الوشم وفق المنطقة الموشومة وشكل الوشم ومنه ( الرثمة ) وهي وشم يكون في طرف الشفةً ومنتشرة كثيراً بين النساء، و( زلف ونقطة ) وهو وشم على الخد، ويكون ( كحلة القطا ) وشم على طرف العين، أما ( الحجول ) فيوشم في أسفل الساق.
كما ترسم أشكال ورود على الزند، وأجزاء أخرى من الجسم منها الرقبة والبطن والكتف والصدر ويمكن للمرأة ألا تكتفي بوشم واحد في مكان واحد من جسمها.

9B0178CD-C957-42DA-A6F3-F427FBE9FD4C

_ الوشم عند العراقيات:

يعتبر فصل الربيع،  موسم الوشم عند النساء العراقيات، حيث تحمل البنات الزبد واللبن إلى

( الدكَّاكة ) وهي المرأة التي يتبركون بها، لتقوم بوشمهن، وأطلق بسببها المثل العراقي ( دكاكة وتدك لبتها ) كدلالة على اهتمامها بتجميل البنات بكل الطرق فما بالك بتجميلها لابنتها، أو يقال: (دك أم هرفي مثل حروف القرآن وابرتها مثل قلم السلطان).
وقد أخبر الباحث العراقي محمد عجاج الجميلي عن طقوس الوشم قائلا: “يكون للوشم موسم معين هو الربيع، حتى لا تقيح الجروح من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن في الربيع يكثر الخير من الزبد واللبن).

ترسم  المرأة الريفية في العراق وشم ( مخدة ابن العم) على ذراعيها في شكل خطوط مستقيمة، اعتقادا راسخا منها بأن ابن عمَّها سيتزوجها، وأنه سيزداد بها حباً وهيامًا بعد الزواج حين يتوسد ذراعها.
2D8C406A-71D0-4E7F-B4D7-DFFDE42C9170

_ الوشم عند القبائل الأردنية:

تعرف نساء البادية والصحراء والقرى الأردنية، برسمهم للوشم، في شكل خطوط تحت الشفة السفلى من زاوية الفم اليمنى إلى  الزاوية اليسرى بشكل أفقي، و
يسمى ( الدبيب ) بينما يسمى الوشم المرسوم من منتصف الشفة السفلي إلى منتصف الذقن، ( السياله ).
و ( المشط ) هو وشم يوضع  في شكل نقاط مثلثة ومربعة من منطقة نهاية الشفتين يمينا و يسارا.

و( الردعه ) ترسم في أشكال مدورة من منطقة رأس الخد الأيمن والأيسر، وذات الأشكال الطولية تدعى (ضفدعة) وترسم بين منطقة التقاء الحاجبين (هلال) وفي منطقة الجبين ثلاث حبات تدعى (النجوم) تكون على شكل نجمة.

اختلفت الأسباب ودقت الوشوم، انتشرت على أجساد النساء والرجال في منطقتنا العربية وأفريقيا منذ القدم. دقت الوشوم للتمييز بين القبائل وعلاج لمختلف الأمراض النفسية والعصبية والعضوية ولجلب العرسان وبركة الإنجاب، أما في بعض قبائل أفريقيا، الوشم وسيلة لعدم ارتخاء ثدي المرأة وفي أخرى للاحتفال ببلوغ الفتيان، كما دق حماية من الحسد أو لمواجهة قوى غيبية شريرة.

326B2CC7-CA82-4BE4-AC20-EB05812083BA

تجعلنا بعض المعتقدات والأقوال نؤمن تماما أن رسم الوشم كان له هدف منذ البداية يغاير القيمة الفنية التي يضفيها على جسد الإنسان، كما تجعلنا نؤمن أن الوشم هو عبارة عن رسم الانسان لمبدأ ما هو يؤمن به أو عقيدة خاصة به أو ذكري لأحد أحبائه الغائبين عن حياته بحيث انه أينما ذهب ومهما حل به ستظل هذه الذكريات والمبادئ مرافقه له علي جسده أمام ناظريه.

_ وبسؤال أحدي السيدات المصنفين من مدمني الوشم عن تجربتهم الأولى:

الحاله الاولي:

حلمت منذ أن بلغت السادسة عشرة من عمري بالحصول على وشم، لم يهمني مكانه ولا معناه، كان الهوس واضحاً ولطالما غرقنا في المنزل بنقاشات عميقة عن معنى الوشم والغاية منه.
عارضت أمي الفكرة منذ لحظة طرحها، أما الوالد فكان دبلوماسياً بجوابه: “لكِ حرية الاختيار عند بلوغك الثامنة عشرة.

قضية الوشم أو ( التاتو) والتي تعتبر ظاهرة قديمة حديثة غالبا ما ترتبط إمّا بالتعبير عن النفس أو عن الوضع النفسيّ الذي نعيشه سواء كان سعادة أم حزن. توالت الأيام والسنوات وبلغت العشرين من عمري. قضيت معظم أوقاتي بتصفّح صور الوشوم الصغيرة والكبيرة محاولة اختيار ما يناسبني، ما يشبهني.
وفي الثانية والعشرين من عمري اكتشفت أنني فاشلة باختيار الوشم المناسب وأنني أملك مخيّلة نملة، استسلمت مقتنعة بأن اللحظة المناسبة للحصول على وشم ستأتي عاجلاً أم آجلاً. وفي الرابع من

شباط/ فبراير٢٠١٤ وبعد يومٍ عصيب في العمل ومشاكل لا متناهية، وخلال استماعي لأغنية بعنوان “وردة اللوتس” قررتُ إنه اليوم المثالي للحصول على وشمي الأول.
الأجواء مناسبة، الأغنية من الأغاني المفضلة عندي واللوتس الوردة الأجمل بنظري، أما المحفز فكان الغضب .. اجتاحتني رغبة عارمة بالحصول على الوشم وحددت موعداً وفي غضون ساعتين كنت أراقب وشمي الأول وهو يرسم على معصمي.
الألم كان مخيفاً، راقبت الإبرة والدم، نعم، ولم أكترث، عدت إلى المنزل متفاخرة بإنجازي وبعكس توقعاتي أعجبت والدتي بالوشم وأثنت على خياري الصائب. لم تدم موجة الهدوء والبعد عن حبر الوشم طويلا، فبعد أشهر قليلة، وبعد جدال محتد مع صديقٍ لي، وجدت نفسي في المرسم أحصل على وشمي الثاني : “حمامة السلام” التي أتت كرد فعل على اتهام صديقي لي بـ “العصبية”.
نعم، وشومي ردود فعل مؤرخة على جسدي، وهي جزء قد يكون غريباً، ولكنه جزء لا يتجزأ من شخصيتي. الوشوم تذكرني دائماً بلحظات وقرارات غيّرت مجرى حياتي، وهي غالباً ما تكون متعلّقة إمّا بالنهايات أو بالبدايات الجديدة.

الحالة الثانية:

خبرت الوشم عن ظهر قلب، وشمت سلسال يلف خاصرتي تتدلى منه صورة حبيب فارقني قبل عامين بحادث سير، على الكتف الأيمن طبعت خاتم الخطوبه، كنت اريد دمغ كل شئ  بحياتي رحل «كتعبير عن غضب مدفون يأجج خوفي من المستقبل» تقول عن اعتقادها «وشومي نوع من الترويح عن النفس، في قمة الغضب حين تغرز الإبرة في جسدك اثناء الوشم وتذرف الدم وتتألم، تطرد الحزن وتبكي وجع سينطفئ ما إن تنجز رسمتك» كنت أريد تغير خط سير حياتي بوخزة ابرة ونقطة دم.

الحالة الثالثة:

لجأت الى الوشم قبل عشرة أعوام ، اعشق هذه الموضه كثيرا حيث انها تبرز مفاتن الجسم ولكني تعمقت بها الى حد الجنون «أصبحت مهووسة بها، اغيرها حسب مزاجي»، لكن انحرمت من وظيفتي بسببها لانها ظاهره غير لائقة كما يقولون.

 

_ وبسؤال أوس أوس أحد اشهر رسامي الوشم عن أغرب المواقف التي تعرض لها في عمله والشخصيات والرسومات الطريفة التى قابلها، قال أن هناك كثير من المهووسين بالوشم حد الإدمان وأن أحد تلك النماذج هو صاحب كشك من الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة إلا أنه يدمن الرسم لدرجة أنه أحيانا لا ينفق على أسرته فى سبيل رسم وشم جديد.
وكشف أنه التقى خلال عمله بنماذج كثيرة من عبدة الشيطان والـ”إيموز” يأتون إليه لرسم تعاويذ وطلاسم ورموز شيطانية ولها علاقة بالعوالم الأخرى، مؤكدا أنه لا يفهمها لكنه يرسمها فقط على حسب رغبة العميل، وأن بعضهم يقرأ تعويذات وطلاسم أثناء عملية الرسم ويتحدث إلى كائنات غير مرئية.
لكن اغلب زواري هم من السيدات اللاتي يرغبن في إبراز مفاتن الجسد الرقبة، الصدر وحتى الأماكن الحساسة وأنا أفسر هذا الفعل أنه حالة هروب من شيء ما إلى آخر للتنفيس عن حالة غضب يعتريهم «عازيا الامر الى عدة امور اولها «تقليد المشاهير وثانيا ردة فعل على حدث والأخطر حالة هروب من مواجهة أمر وارتكاب خطأ بحق الجسد».

اختفى الوشم القديم، البسيط اليوم  وظهر محله (التاتو) الذي انتشر بشكل واسع بين الشباب في تقليد واضح للموضه الدارجة في أمريكا وبعض المجتمعات الغربية الأخرى، بلا وعي بدلالات الرسوم والخطوط، ولا بالمخاطر الممكنة لعملية دبغ الجلد المستحدثة.

إذن موضة الوشم فن.. احباط.. هروب.. تمرد.. غضب.. تخبط نفس !!!!!

وما هي الدوافع الي خوض غمار هذا العالم؟

وهل الوشم يساعد في تقوية الشخصيه؟

وكيف يقرأه علم النفس و يحلله الطب؟

وهل الوشم يؤرخ تقلباتنا النفسية ؟

و لماذا حرم الوشم في الثلاث أديان؟

إلى أي مدى سوف نتحمل الألم باسم الجمال؟

_ تخطى الوشم كل المحظورات، لم يعد الشيء الجميل الذي يزين الجسد فحسب، بل هناك ما هو اخطر من ذلك فالواشم في أغلب الأحيان لم يدرس هذا النوع بل تعدى على المهنة وهنا مكمن الخطر إذ قد يوخز في مناطق مكسوة بالشرايين ما يسبب التهابات في الدم وتسمم الجسم ويسبب بعدوى الأمراض «بحسب طبيب القلب والشرايين د.علي زبيب الذي يرى أن «إستخدام مواد رخيصة وإعتماد إبرة واحدة في الوخز دون تعقيم يؤدي إلى إنتقال الأمراض الإنتقالية كالإيدز و نقص المناعة وأمراض الكبد B وC».

وأكثر ما يلفت إليه زبيب أن «الخطر الكبير يكمن فيما يخبأ تحت الجلد من تسرب الملوثات من الوخز وعدوى الدم» وهناك كثيرون طرقوا باب الوشم وهم غير اختصاصيين، يستخدمون مواد رخيصة تضر الجسم وتنقل العدوى مثلا إحدى السيدات وشمت حواجبها فالتهب الجلد وتورمت بسبب خطأ فادح في طريقة الوشم وقد أضرها ومنعت من ممارسته مجددا». والأنكى أن لا رقابة عليهم يسرحون ويمرحون دون رقابة فهناك الكثير من الدول لديها قانون يجرم الوشم فقد تقدم مارتن مادون عام ١٩٦٩بمشروع قانون تحريم الوشم رسميا في انجلترا وأصدرت الحكومة اليابانية عام ١٨٧٠ مرسوم يحرم الوشم ايضا.

_ قال الدكتور/ هاني الناظر دكتور الجلدية، 

كل لون من ألوان الأصباغ والمُلونات المستخدمة في الوشم يدل على طبيعة مكوناته، الأحمر يدل على وجود الزئبق والحديد و سيانيد الحديد وأحد المنتجات الكيماوية المستخرجة من النفط، ويدل البرتقالي على وجود الكادميوم والآزوت، ويشير الأصفر إلى الرصاص والكادميوم والزنك والآزوت وسيانيد الحديد، والأخضر يعني وجود الرصاص والكْروم والألومنيوم والنحاس والآزوت و سيانيد الحديد، ويشير الأزرق إلى النحاس والكوبالت و سيانيد الحديد، أما البنفسجي فيدل على الألومنيوم والآزوت، والبني يدل على الحديد والآزوت، والأسود على النيكل والحديد والكربون مثل السُخام والرماد والحناء السوداء، بينما يدُل اللون الأبيض على وجود الرصاص والزنك والتيتانيوم والباريوم، تحتوي هذه الألوان على مواد أقل ما يقال عنها انها سامة ويمكن أن تسبب التسمم.

وأيضا التهابات جلدية موضعية، تتظاهر على شكل ألم موضعي، واحمرار، وزيادة سخونة الجلد، وتورم، خروج مفرزات قيحية، وتهيجات، وربما تقرحات. وإذا ما تمت العدوى بجراثيم مقاومة للمضادات الحيوية، فإنه يمكن تلك الجراثيم أن تنساب إلى الدم والرئتين.

وبعض الأمراض المنقولة بواسطة الدم، بسبب استعمال أدوات الوخز الملوثة بأحد أمراض الدم المعدية، مثل التهاب الكبد الفيروسي بي أو سي والسل، والإيدز، والزهري غير انه المحفز الأول للسرطان، ووفق منظمة الصحة العالمية فإن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي سي، هم الذين يرسمون الوشم بأدوات غير معقمة.

ورصدت دراسة في جامعة «لانغون مديكال سنتر» في نيويورك، وجود صلة بين الوشم وزيادة خطر الاصابة بفيروس الكبد سي، وأظهرت أن المصابين بالفيروس سي الذي ينتقل عبر الدم هم أكثر عرضة بمعدل أربعة أمثال للإبلاغ عن تعرضهم لتجربة الوشم، حتى مع الأخذ في الاعتبار عوامل الخطر الأخرى،  وتعليقاً على هذه النتيجة أوضح الدكتور أن الوشم في حد ذاته يشكل عامل خطر في هذا المرض الذي يمكن أن يظل صامتاً لسنوات، ويبلغ عدد المصابين بالتهاب الكبد بالفيروس سي في الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة ملايين شخص غالبيتهم لا يعلمون أن الفيروس مستوطن في أجسادهم.

الحساسية، وتظهر هذه كرد فعل الجسم تجاه الأصباغ المستعملة في الوشم خصوصاً اللون الأحمر، وتتظاهر الحساسية على شكل حكة واندفاعات جلدية في منطقة الوشم، ويمكنها أن تصرّح عن نفسها في وقت قصير أو بعد سنوات طويلة على رسم الوشم. وفي كثير من الأحيان قد تندلع الحساسية بعد تعرض منطقة الوشم إلى الأشعة فوق البنفسجية، سواء الشمسية أو الصناعية.

مضاعفات بعد التصوير بالرنين المغناطيسي، مثل التورم والحرقة في المنطقة التي يتم تصويرها، وفي بعض الأحيان قد يعرقل الوشم من أخذ صورة صحيحة للمنطقة، أو يضع عراقيل أمام إعطاء تشخيص سليم.

_ علماء النفس يفسرون هذه الظاهرة بأنها انعكاس الحاله الداخليه لخاله من الشك وعدم اليقين أو حالة من التمرد وميلهم الاستهانة بالحياة وتحدي الأعراف الدينية والقيم التي اتفق المجتمع علي تقديسها ووجوب احترامها والتمسك بها.

الدكتور/ جمال فرويز استشاري الصحة النفسية قال: إن بعض الأشخاص يلجأون الي رسم الوشم على أجزاء من أجسامهم نتيجة اضطراب في الشخصية، سواء بالاكتئاب أو الهوس أو رفض الواقع مشيرا إلى ان الإنسان يلجأ برسومات تعبر عن شخصيته او ما يريد أن يقوله للآخرين مثل أن يرسم أحدهم عقرب للتعبير عن ألقوه او ورده للتعبير عن الرقه والرومانسيه أو رمز يعبر عن شئ ما  أو تدوين تاريخ ميلاد شخص ما.

وأضاف أن العلاج يبدأ بالخضوع لجلسات علاج معرفي حتى يصبح شخصا سوي وعندها يكون الاختيار له ان يتخلص من هذا الوشم او ان يتركه كما هو.

ويضيف أحد أخصائي علم النفس، يتباهون بالوشم علي أجسادهم يعتقدون انه قوه وهم لا يدرون أنه ردة فعل على حدث ما أصابهم، صرعه الوشم انعكاس لحالة داخليه يلجأون المراهقون إليه لعده أسباب ولكن النتيجه واحده..الوشم جرعة زائدة من ردة فعل عابرة.

كما أشارت العديد من الدراسات لدى الأشخاص الذين قاموا بعملية الوشم انهم يواجهون مشكلات في حياتهم اليومية وضعف في تقدير الذات اضافة الى المشكلات الاجتماعيه والتسريع، ومهما تكون الغاية من الوشم فانها طريقة وأسلوب تشويه الذات والجسد كما انا تقود فاعلها لطريق الإدمان والسلوك الانحرافي فما هي إلا حالة تصنف في التحليل النفسي (مازوخية) بكل ما تحمله الكلمه من معني ما هي إلا تلذذ لإسقاط الأدب على النفس  والجسد.

_ يرى الدكتور/ رأفت عثمان أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الدين يحرم الوشم لقوله (ص): لعن الله الواصلة والمستوصفات والواشمه والمستوشمه والتانيه والمتنمصة المغيرات خلق الله.

مؤكد بأن الزينة والتجميل التي تقوم على الغش والتدليس محرما شرعا بينما تلك التي تقوم علي صالح الإنسان وإزالة التشوهات والتداوي بهذه لا ضرر منها.

ويضيف الدكتور عثمان أننا نتعرض لهجمة شرسة تعطل قواعد السنة ومن أخطر هذه الهجمات تلك المعتقدات الاجتماعية بالوشم وان رسوماته تمنع الحسد و تزيد الشعور الثقة بالنفس وغيرها من الخرافات.

_ بينما يري الدكتور/ عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الشريف: أن الوشم تشويه لخلق الله تعالى والتصرف في ودائعه الحسد بغير حق محرم ، الواشم والمستوشم ملعونان من الله تعالى وهو انصياعا لأوامر الشيطان وانحراف فكري وسلوكي أصاب بعض الشباب.

واللعن هو الإخراج من رحمه الله وذلك يدل على  أن الشريعة هي من صنع لطيف خبير وعن أبي جحيفة قال نهى النبي (ص): عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الرأسمالية والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور.صحيح البخاري١٩٨٠/ كتاب البيوع.

ولذلك أباح الإسلام (التطريف) وهو نقش الحناء وجعل الكحل جمالا مستمرا ولها ان تقشر الوجه ( إزالة الشعر) خصوصا إذا نبت لها لحية او شارب، اما الرحال فجمالها في تهذيب اللحية ونقاء الثياب ووضع الطيب.8D2D8642-5F70-497D-BC40-C276C8EFB061

_ فاذا كان الاسلام لعن فاعليه فإن المسيحية حرمته ايضا منذ مجمع نيقية ثم حرمه المجمع الديني السابع تحريما مطلقا باعتباره من العادات الوثنية.

يذكر الكتاب المقدس في سفر اللاويين، وهو الكتاب الذي يختص بشرائع ووصايا أعطاها الله لشعب إسرائيل قبيل دخول أرض الموعد، فيقول ” وَلاَ تَجْرَحُوا أَجْسَادَكُمْ لِمَيْتٍ وَكِتَابَةَ وَسْمٍ لاَ تَجْعَلُوا فِيكُمْ. أَنَا الرَّبُّ ” سفر اللاويين١٩:٢٨.

فقد كانت ممارسات الشعوب المجاورة في إظهار الحزن على شخص عزيز قد مات، هي في تجريح الجسم، وكذلك كانت هناك عادة في عمل وشم أو وسم عليه اسم أو شكل الوثن الذي يؤمن به الشخص أو الشعب للتخصيص أو التبرك به.

 

يستعجل الكثير في رسم وشم على أجسامهم لكن هذا القرار المتسرِّع قد يكون له اثر طويل الامد في علاقاتهم الشخصية وحياتهم المهنية، ولا تنسَ ان ازالة الوشم عملية مكلِّفة ومؤلمة، غير ان عددا كبيرا ممن يرسمون وشما على اجسامهم يندمون لاحقا على ذلك.‏
اما اذا كنت تريد الحصول على وشم، يجب عليك التفكير مليا في شكل هذا الوشم والمعاني التي يحملها، لأن الوشم يعبر عن شخصيتك وتوجهك الروحي، لذا توخ الحذر ولا تتسرع لأن الوشم أبدي.

 

وكما قال نزار قباني…

ليس صحيحا أن جسدك .. لا علاقة له بالشعر.

أو بالنثر،أو بالمسرح،أو بالفنون التشكيلية،أو بالتأليف السمفوني.

فالذين يطلقون هذه الإشاعة، هم ذكور القبيلة …

خلقك الله في احسن تقويم ذات وجه حسن ووهبك جسدك كامل .. مثالي، حقك مواكبه الموضه وتطورات العصر وذلك ليس صعبا وتحقيقه باليسر من خلال الحنة الملونة والتاتو المؤقت بمدة محددة البدائل كثر، ايضا حقك التصرف في جسدك كما تشائين فهو ملكك وحدك وانت صاحبه القرار فيه ولكن عليك بالتفكير مليا قبل الاقدام علي هذه الخطوه ولا تنسي انه شيئا أبديا، لكن انصحك بالحفاظ علي جسدك وتكريمه كما خلقه الله مصان معافي، فالانوثه في الروح وليست في الجسد.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.