جرعة أنوثة| ” ست بشنب “

بقلم| بسنت يوسف

ازدادت في الآونة الأخيرة قضايا الطلاق خاصة في المجتمعات الشرقية لاسباب غريبه غير معتاده الظهور من قبل، وظهور الزوجة بمظهر المرأة المسترجلة.

حيث كشفت بعض الدراسات انه اكثر من 45 ٪  من حالات الطلاق التي تتم حاليا ترجع إلى محاولة المرأة تمثيل شخصية الرجل، تتحكم بشؤون البيت وتستولي على صلاحيات الرجل التقليدية في إدارته للعلاقة الزوجية، كما أوضحت هذه الدراسات التي شملت عدد كبير من حالات الطلاق أن الزوجة المسترجلة والمدمنة للجدل والتي تستعذب البحث عن المشاكل واثارتها وتحول بيتها لساحة قتالية رغبة منها في لفت أنظار الزوج اليها والى شخصيتها وإنما تحدث بهذا السلوك المقيت ودون أن تدري صداعا لا يمكن جبره الا بالانفصال او الطلاق وهو عادة ما يلجأ إليه الزوج كحل اخير للخلاص من الجو الكئيب الذي خلقته تلك الزوجه.

مشاكل الحياة الزوجيه لا حصر لها وبالتأكيد لا يملك أي من الزوجين عصا سحرية يستطيع من خلالها التخلص من كل الخلافات والمشاكل بلمح البصر، لكن تعد كل مشكلة من مشاكل الحياة الزوجية بمثابة صندوق من السهل العثور على مفتاح له والتعرف على ما بداخله والتخلص مما لا يناسبنا منه.

نحن اليوم أمام قضيه غريبه من نوعها، أثارت اشمئزاز الرأى العام وتضاربت الأسئلة حولها…..

كيف لعلاقة زوجية المفروض انها قائمة على الحب و الرومانسيه والغزل أن تتحول حلبة مصارعه حره؟!

فمن المخطئ في حق الآخر الزوجة أم الزوج؟

وما هي الدوافع التي أوقعت بالزوجة في هذا الخطأ الفادح؟

وكيف يحافظ الشريكان على علاقة زوجية متوازنة بعيدا عن مظاهر التسلط والسيطرة؟

قال الزوج (كريم.ج) بدعوى النشوز التي أقامها ضد زوجته (جهاد.ع) أمام محكمة الأسرة بإمبابة، التى حملت رقم 8769 لسنة 2015.

تزوجتها منذ سنه وثمان اشهر عن طريق زملاء مشتركين بالعمل وعندما قاموا بالثناء على اخلاقها وادبها وانها تعمل في حالها ولا تختلط بزملائها أدركت ان الوقت قد حان للزواج وخصوصا اني بلغت الثلاثين عاما، تقدمت لها واستمرت الخطبة ثلاثة أشهر فكل منا كان مستعد للزواج فهي أيضا تبلغ من العمر ثمان وعشرون عاما.

وأكمل الزوج بدعواه التي أقامها بعد رفع زوجته دعوى طلاق بنفس المحكمة:  تزوجنا وجمعنا منزل واحد وانقضى اول شهر بسلام وبعدها عدنا إلى عملنا بإحدى المصالح الحكومية ووقتها ظهر الوجه الثاني وبدأت تتعصب ليل ونهار بدون أسباب معينة وعندما تغضب تتلفظ بألفاظ نابية وانا بدوري ارد عليها السب، واصبحت حياتنا على شفا الانهيار فلجأت  إلى أهلها وشكوت لهم فقالوا لي إن ضغوط الحياة والعمل خارج وداخل المنزل تجعلها كذلك فطلبت منهم أن تترك العمل إذا لم تكن تستطيع تحمله فرفضت،وعدنا بعد غيابها شهرين عن المنزل بعد جلسات صلح من قبل بعض الاصدقاء.

وتابع الزوج: عندما عادت للمنزل استمرت بنفس سلوكها بل زاد الامر سوءا فاصبحت تلفظ بأشياء لا يليق قولها لرجل لديه كرامه، اضربها فترد عليه وتضربني، ومن هنا حدثت الأزمة بيننا وطلبت الطلاق وتركت المنزل وطالبت بكل حقوقها رغم انها من تكره العشرة وتريد هدم المنزل فرفضت، وذهبت إلى محكمة الاسرة واقامة دعوى طلاق وأعدت على بشيء ليس لها اي اساس من الصحه، فأقمت عليها دعوى النشوز وأنها من خالفت كل شيء وتسببت باخلاقها غير السوية في هدم المنزل.

_ الزوجة:  السن بالسن والعين بالعين……..

وهذا ما ردت به الزوجة على دعوى النشوز التي أقامها زوجها وقالت: زوجى بخيل ويريد أن يستغل اننى موظفة ويأخذ نصف راتبي وعندما اعترضت على أفعاله قام بضربي فاضطررت ان ارد عليه دفاعا عن نفسي، فأنا إنسانة ولى حقوق وليست حيوانة يتعدى عليها وتترك نفسها لتهان، فالسن بالسن والعين بالعين وعندما طلبت الطلاق أقام دعوى نشوف ضدى حتى اترد من كل حقوق بحكم أنى ناشز وخارجة عن طاعته.images-1

ذكرتني هذه القضية برشدى اباظة فى فيلم (آه من حواء) حين قال للبنى عبد العزيز الفتاة المتمردة(اتجوزت ست بشنب).

تتنوع شخصيات الناس فى الحياة، فنجد أقوياء الشخصية ونجد الضعفاء والمهزوزين وكل منهم يتميز بصفات خاصة.

ويعتبر الكثيرون قوة الشخصيه مرادف التكبر والتسلط والغرور وهو مفهوم مغلوط، فلابد من التفرقة بين الشخصية القوية والشخصية المتسلطة:

_ الشخصيه القويه الإيجابية: تعد هذه الشخصية من مميزات اي مجتمع يطمح فى التقدم والازدهار لاتصافها بإنجاز المهام والقدرة على تحدي العوائق و حلها بأكفأ الطرق.

_ اما الشخصيه القويه السلبية(المتسلطة) :هي الشخصية السلبية التي تفرض رأيها على الآخرين وتسمح لنفسها بالتدخل والتطفل في شؤون الغير كما أنها تتسم بالغضب الشديد والعصبية الزائدة والشعور بالنرجسية والتعالي على الغير.

الكثير منا يعاني من وجود أشخاص متسلطين في حياته سواء كانت هذه الفئة أحد الوالدين، الصديقات والأصدقاء الذين هدفهم السيطرة وحب التملك والتحكم بالاخرين او مدير العمل الذي يفرض سيطرته وسطوته على من هم أقل منه في التدرج الوظيفي، ولكن اصعب هذه العلاقات هي العلاقة المتمثلة في العلاقه الزوجيه اذا كان احد اطرافها من الشخصية المتسلطة.

وغالبا ما يسعى المتسلط او المسيطر الذي يتمتع بحب السيطرة الى اثارة المشاكل والفتن واتباع أساليب الحيل وتسليطها على الشخصيات الضعيفة التي لا حول لها ولا قوه لخوفها وعدم قدرتها على مواجهة الشخص المتسلط مما يتسبب لها في حالة من الاكتئاب.

فسر الأخصائيون النفسيون سبب حب التسلط الى وجود خلل في التربيه  التي أورثها الوالدان للأبناء وبعض العوامل النفسية المؤثرة في الأبناء منذ النشأة.

أثبتت هذه الدراسات أن المتسلط (مريض نفسيا) يعاني من نقص داخلي ويحاول أن يثبت وجوده باتباع عدة أساليب من أجل اثارة المشاكل والتدخل في امور الاخرين.

_ كما أن للعامل الوراثي دور في نشأة أبناء متسلطين في حال كون أحد الوالدين في الأصل متسلط، تنتقل هذه الصفة للأبناء عن طريق الاكتساب وتقليدهم الشخصية المتسلطة التي عايشوها، مبينا أثر التغيرات الفسيولوجية التي يمر بها الأبناء اثناء مراحل النمو خاصة في فترة المراهقة والتى تعتبر مرحلة حرجة ولها الكثير من الآثار في تبدل تصرفاتهم ومحاولاتهم إبراز شخصيتهم من خلال فرض سيطرتهم.

_ أيضا البيئة والمحيط الاجتماعي و أسلوب التربية في الصغر من قبل الوالدين احد الاسباب التي تخلق أبناء متسلطين ، حيث ان تهميش الطفل وتجاهله وعدم اعطائه فرصة للتعبير والاصغاء له  دافع قوي يؤدي الى الشعور بالنقص الداخلي الذي ينعكس على حالته النفسية محاولا التعبير عن ذاته باتباع أساليب غير مرضية للغير.

ويؤكد الأخصائيون النفسيون أن التسلط له علاقه بعده أمور منها التربيه، والتسلط  المرضى، الشخصيه الديكتاتورية والتي يتجسد من خلالها الشخصية النرجسية التي تعجب بنفسها وقدراتها وانجازاتها وممتلكاتها و التي تميل إلى الغرور والتباهي والكبرياء والاهتمام بالشكليات والمظاهر والحسد والغيرة لكل ما يملكه غيرهم من إمكانيات والتي تعتبر شخصية انتهازية استغلالية لا يهمها خسارة أي شخص في مقابل تحقيق أكبر قدر من المكاسب الذاتية والمصالح الشخصية.

ويشيرون إلى أن علاج هذه الشخصية صعب جدا لما يعانيه من نقص البصيرة والجهل ولا يدركون ما يقومون به، ويعتبرون في الطب النفسي ( مرضى ) لديهم اضطراب فى الشخصية ويعانون داخليا من عدم الاستقرار النفسي وتقلب معنوياتهم والشعور بالاكتئاب والقلق.

و نصحوا أن تكون طريقة التعامل مع الشخصية المتسلطة عن طريق محاولة التكيف معها وعدم الهجران والبعد والبغض والحفاظ على التواصل معهم فربما بهذه الطريقة نوجه لهم رسالة مباشر أو غير مباشر للتغير من طريقة تعاملهم ومساعدتهم على العطاء.

والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يتصرف الرجل مع المرأة ذات الشخصية المتسلطة التي يتعامل معها يوميات زوجته او ربما اخته او امه؟

تنحصر معظم المشاكل الأسرية أما في حدوث سوء فهم بين الزوجين او عدم توافق الشخصيات،فلابد لتجنب هذا الصراع والتمتع بحياة زوجية سعيدة اتباع هذه النقاط…….

_ النقاش بهدوء بين الزوجين وضرورة اختيار الوقت المناسب للمناقشة، ليس عند مجئ الزوج من العمل وهو مرهق او عند عودة الزوجة من يوم عمل طويل حيث يكون كل منهم منهك جسديا وفكريا، ويحبذ  اختيار وقت وميعاد يكون الاثنان معا في صفاء ذهني واستعداد لمناقشة جميع الامور.

_ التبادل الذهني يمكن ان يحسن العلاقة والتفاهم بين الزوجين بحيث يدرك كل منهما مطالب الآخر بسرعة ويعمل على تحقيق رغبات شريكه.

_ من أساسيات الحياة الزوجية التعامل الإيجابي واعطاء الثقة وتقسيم المهام بين الثنائي بحيث لا يتعدى أحد منهم على مسؤوليات الآخر، لذلك يجب عدم قيام أي طرف سواء الزوج او الزوجه بإلقاء المسؤولية على الطرف الآخر عند حدوث اي مشكله او لومه وعتابه بشكل فج فمن الضروري تجنب الجملة الشهيرة(انت السبب).

_  تجنب اللجوء الى الكذب  كحل فمن الاسهل اتباع اقصر الطرق لتجنب حدوث المشاكل من خلال الصراحة والوضوح.

_ المشاكل المادية لا يمكن الاغفال عنها ولتفادي هذه المشاكل يجب تخصيص ميزانية للمنزل والمصاريف الضرورية لتجنب حدوث أزمات مادية تؤثر بالسلب على هدوء الحياة الزوجية.

_ لا نستطيع ان ننكر ان الجانب الجمالي للزوج والزوجه عامل مؤثر، وليس المقصود هنا الجانب الشكلي فقط بل جمال الروح و حسن المظهر و تنظيم البيت و النظافة الشخصية أو العامة.

_ من المهم حصول الزوجين على اجازة صغيرة تجدد فيها المشاعر والأحاسيس ولو بأقل الامكانيات، حيث يسهم هذا التجديد فى القضاء على الملل والرتابة، ومن الممكن التجديد بالمنزل و اضافة القليل من الزهور والانوار الخافته لإضفاء الطابع الرومانسي على العلاقة.

فمنزل الزوجيه مملكه الزوجين معا وليس ملكا لطرف على حساب الآخر، وبالتالي فإن النجاح متمثل بهما معا فيجب عدم عمل إسقاط لطرف على حساب الآخر، فإذا كانت سيطرة المراة كما سيطرة الرجل فهي تعتبر شكلا من أشكال نسف وجود النصف الآخر معنويا.

كما أنه ضعف شخصية الزوج وتراخيه امام زوجته يعتبر من اقوى الاسباب لتسلط الزوجة خاصة منذ بداية الحياه الزوجيه، وهذا ما يعبر عنه ب(الزوج الاتكالي) وسلبية هذا النوع من الأزواج وضعف شخصيته واعتياده على ترك كل  الأمور لزوجته يرجع سببها الرئيسي غالبا الى نشأتة الأولى حيث تربى وحيدا او مدللا فى أسرته ولم يعتاد على اتخاذ أي قرار في حياته وكانت والدتة هي التي تحركه وتتولى كافة شؤونه.

الأسرة كيان قوامه الحب والتكافل والتعاون،والزوج في هذه المنظومة هو ربانها القائم بأمرها والمسؤول عن قيادتها، والزوجة هي الحضن الدافئ ل هذا الكيان فهي الراعية والموجهة والمتعلمة و القدوة والمرجع والملاذ، ولكي تنضبط  الأمور في هذا الصرح فلا بد أن يقوم كل طرف بدوره المناط به.

الرجل يحافظ على الأسرة من زعزعة الخلافات والأهواء ويقيها من عناصر الهدم والتدمير، والمرأة تحضنها من الداخل بالحب والعطف والحنان، ومتى تنازل احد الطرفين عن دوره وأخذ دور الاخر قهر او تسليما،فإن هذا يؤدى الى ضعف الكيان الاسرى وربما انهياره، فاما ان ينهار بالطلاق وإما أن يستمر ضعيفا مهزوز الأركان و يكون عرضة للسقوط بأي لحظة.

لك يا صديقتي، فقوة الشخصية ليست في التسلط والتعنت في الأمور.

قوة الشخصية تكمن في كيف تكونى مؤثره في الاخرين؟

و كيف تقنعى من أمامك بما تريدين؟

و كيف تدافعي عن حقك قبل ما يسلبه منك احد؟

كوني ذات شخصية قوية إيجابية حتى تمنحي الحياة لكل الكائنات..فأنت مصدر الحياه.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.