جرعة أنوثة| ” فالك من فنجانك “
بقلم| بسنت يوسف
(( أبين زين وأوشوش الودع .. اقرأ الكفوف قرب وشوف .. أطمن الشابة و أبشر الجدع )) عبارات بسيطة لطالما تلفظت بها العرافات.
قراءة الفنجان إحدى الممارسات التي يعتقد بعض الاشخاص انة يمكن عن طريقها قراءة الطالع و معرفة المستقبل، تعد قراءة الفنجان من الأمور المعروفة منذ القدم، وتعرف قراءة الفنجان قديما باسم (التاسيوغرافي).
قد بدأ فن قراءة الفنجان فى الصين فى بادىء الامر، حيث ان هذا الفن له جذور قديمة جدا وكان يمارسها رجال الدين بالصين ولكن كانت تستخدم بأوراق الشاى و قد انتقل هذا الفن للشرق الاوسط وكانت من العادات المشهورة عند المصريين بعد أن حلت القهوة محل أوراق الشاى، ثم بعد ذلك عرفها الاغريق و الاتراك وهناك اعتقاد حول قراءة الفنجان بأنه يرجع فى الاصل الى الاتراك وانهم اسياد هذا الفن و مبتدعية حيث ان كلمة (الفال) كلمة تركية الأصل معناها الحظ أوالنصيب.
تعتبر قراءة الفنجان فن أكثر ما هو علم يعتمد على أسس وقواعد كما أنة يعتمد على علم الفراسة و الذكاء والفهلوة في فك ألغاز ملامح صاحب الفنجان لذلك لا يمكن لشخصان قراءة فنجان شخص بعينة بنفس النتائج.
الانسان بطبعه فضولي يسعى دائما لمعرفة ما تخبئه له الأقدار، فكل شىء مغلف بالغموض يثير بداخله فضولا لمعرفته، ولعل أكثر ما يثير فضولة معرفة المستقبل ذلك الزمن الغامض القادم لا محالة.
فعندما تزداد ضغوط الحياة و تتراكم، يشعر البعض بحالة من التعب والفراغ الروحي ينتج عنه عدم الرضى عن الحياة و الخوف من المستقبل لذلك يحاول البعض بالإمساك ببصيص امل لينير دروبه المظلمة، يلجأ البعض لمن يملك سلطة أو قدرة روحية للمساعدة في حل المشاكل التي تعترض طريقة من خلال قراءة الطالع والتنجيم الذى يستخدم أصحابها فنجان القهوة للقراءة او اوراق الكوتشينة والتاروت أو بعض الرمال والأصداف، وهناك اعتقاد من البعض أن فن قراءة الفنجان والتبصير تمكنه من تحليل الشخصية و قراءة الأفكار و الإطلاع على المستقبل من خلال الرموز والخطوط الموجودة بفنجان القهوة و أنحائه.
ذكر فى كتاب ( البيان فى علم الكوتشينة والفنجان) للأستاذ / عبدالفتاح الطوخى وهو كتاب عتيق منذ قديم الأزل، آلية تكون الرسوم فى الفنجان وما يميز كل فنجان عن غيره من حيث الرموز المرسومة على جوانبه و قعره معتمدة على طرق علمية فيزيائية و كيميائية.
وقد استدل علماء الفلك فى التبصير فى فنجان القهوة على أن جسم الإنسان يتركب من ذرات صغيرة تمتزج بالدم الذى يجرى فى الشرايين امتزاجا كليا ومن هذه الذرات التى يمتزج بها دم الإنسان يتركب العالم الطبيعي المحيط به ولما كانت الجاذبية أمر طبيعيا فان خضوع هذه الذرات الطبيعية الى الذرات الإنسانية أمر طبيعى وبالتالى ستجذب ذرات الدم الكائنة فى الانسان بالذرات الطبيعية المحيطة به وتمتزج بها تماما و بواسطة هذا الامتزاج الكلى والمعنوى تتضح الخفايا المكونة فى علم الغيب وتظهر الأسرار المحيطة بالإنسان وطوالع المستقبل.
فمن الطبيعي إذا امتزجت ذرات القهوة التي يشربها الإنسان بذرات المخلوقة فية بواسطة الشهيق و الزفير ارتسمت على أثرها الأشكال والرسوم التى تظهر واضحة فى جوانب الفنجان وفى قاعه ومتى عرف المطلع عليها سر تفسيرها استطاع معرفة حظه و طلع مستقبله.
أثارت عدة تساؤلات حول أيهما أكثر اهتماما بالتبصير الرجال أم النساء؟
وهل التعبير علم أم خرافة أم فن؟!
أثبتت بعض الدراسات ان النساء هن أكثر اهتماما بقراءة الفنجان و التبصير بشكل عام لأنهم يهتمون أكثر بالمستقبل والمشاكل العاطفية والزوجية حيث ان لديهم الحس الفضولي أعمق وأكبر من الرجال، فالرجل عقلاني اكثر اما المرأة فهى متهورة وعاطفية، وقد يكون سبب اهتمامهم بالتبصير أحيانا بغرض التسلية فى التجمعات النسائية وهناك أشخاص مهووسين بالتبصير ويعتقدون فى هذا الفن و يؤمنوا بة ، يخلف ذلك من شخص لاخر حسب تفكيره و إيمان كل شخص الذي يميل بطبيعته لمعرفة جزء من المجهول.
أغلبية النساء يسيطر عليها سلوك الحيرة لذلك تهتم بقراءة الفنجان خاصة السيدات اللواتى يعانوا من المشاكل الزوجية ومشاكل الأبناء والإنجاب حيث يصل الجهل بالبعض ان يلاحظوا ان الرسومات العشوائية التى تنتج عن ترسبات القهوة في قاع الفنجان وعلى حوافه وتمثل شيء من المستقبل، أما بالنسبة للرجال فغالبا ما يسألوا عن مستقبلهم المادي والوظيفي أو من أجل الاستشارة للدخول فى مشروع ما.
لا يقتصر الاهتمام بقراءة الفنجان و التبصير بانواعة على طبقة معينة من الناس فهناك علماء يصلون إلى درجات علمية كبيرة و تنتابهم هذه الأفكار أحيانا لانها موروث قديم ما يزال راسخا في سلوكياتنا البشرية.
قال علماء النفس أن هناك الكثير من الاختبارات الاسقاطية التي تعتبر وسيلة غير مباشرة للكشف عن شخصية الفرد ومن خلالها يسقط الفرد حاجاته ودوافعه ورغباته وبقراته الخاصة دون أن يفطن لما يقوم به من تفريغ وجدانى، ومن هذه الاختبارات الاسقاطية اختبار (بقع البن) الموجودة فى الفنجان وهو عبارة عن اشكال ورسومات باشكال لا معنى لها تعطى الشخص المختبر على أنها كشف عن طوالع المستقبل، حيث ان قارىء الفنجان يركز على عين الشخص الذي يقرأ فنجانة أكثر مما يقرأ فى الفنجان فهو يملك قدرة على الاستحواذ على عقل الشخص الذى امامة وغالبا ما يكون شخص ذكي، بارع في علم الفراسة يجيد الكلام و توصيل الفكرة عن طريق الإيحاء، والبعض يقوم بعملية التنويم المغناطيسى كنوع من انواع الذهول أو حالات الإغماء التى تصيب الانسان فيشل الوعى الانسانى لبرهة من الوقت، وبعض البصاريين يدعو معرفة الاشخاص المراد السؤال عنهم وكشف الشخص الذى قام بالسرقة أو تحديد أوصاف السارق واسمة، والبعض يفسرون ذلك بأن هناك اتصال بين الجن وبين قارىء الفنجان، فالجن احيانا يستطيعون نقل هذه الاخبار التى وقعت فى الماضى أما عن الغيب فهو محصور ومقصور على الله وحدة وليس كائنا من كان ان يعرفة.
وذكروا أيضا أن قراءة الفنجان ليست سوى قراءة أفكار وتوارد خواطر ومن كان ناضحا و ذو إرادة قوية لا يستطيع اى شخص تنويمه أو الإيحاء له بشيء من الإيحاءات الخارجية ليس لها قوة علينا فقوتها الوحيدة مستجدة من داخلنا .. نحن من يمنحها من خلال تفكيرنا بموافقتنا الذهنية عليها فتصبح الفكرة ملكنا و يحولها عقلنا الباطن الى واقع فالقدرة على الاختيار من حقنا .. من حقنا اختيار الحياة والواقع والحب والصحة.
رغم كل هذا الا ان ظهرت فى الاونة الاخيرة بعض ألاعيب الفضاء الالكترونى وأعلنت عدة مواقع قدرتها على تقديم قراءات مستقبل زائريها، والمطلوب أن يقوم الزائر بتسجيل حسابه الألكتروني ليتمكن من رؤية النتائج ،تجذب هذه المواقع جمهورها للمشاركة بعبارات رنانة منها….
_ تعرف على ذكائك .. شخصيتك
_ من يحبك ومن يكرهك من اصدقائك
_ اعرف توأم روحك
_ من هم أصدقاؤك المقربون
_ ما هى الوظيفة التى ولدت لتقوم بها
_ اعرف شخصيتك من سمات وجهك
وغيرها الكثير من العبارات التي تجذب رواد مواقع التواصل الاجتماعى إلى هذه المنشورات الدعائية والتي تحصل على أرباح مادية من زيادة أعداد الزائرين لها.
ومع ثورة التكنولوجيا ظهرت أيضا بعض التطبيقات الخاصة بقراءة الفنجان على الهواتف الذكية لتستولي على عقول الكثيرين، يلتقط الشخص من خلال التطبيق صور لفنجانه من كافة زواياه ويرسلها مع بياناتة للقارئة ويستطيع الشخص الحصول على قراءة (مميزة) برسالة صوتية عندما يشترك فى النظام المميز عن طريق الدفع الالكتروني.
قالت مستخدمات هذا التطبيق انها تشرب القهوة يوميا من اجل ارسال صورة الفنجان والحصول على قراءة عبر التطبيق رغم انها لا تصدق ما يقال ولكنها اعتادت ذلك من اجل التسلية.
وقالت اخرى ان القراءات التى ترسل من التطبيق مجرد معلومات عشوائية لا صحة لها لكنها تستخدم التطبيق عند اجتماعها مع اصدقائها لتمضية الوقت ولتصديق ما يعجبها فقط.
يذكر أن هذه المواقع تخلى مسئوليتها عن التداعيات التي قد تصل للزائرين بناء على ما يحصلون عليه من نتائج، معلنة عن أن كل المحتويات الموجودة لأغراض الترفيه فقط.
أصبح الوضع سيء للغاية بسبب العادات الباطلة التى غزت المجتمع والتى يفعلها الناس من باب الجهل وعدم العلم بالدين و الأحكام الشرعية او بقصد التسلية وتضييع الوقت أو ظنا منهم أنهم بهذه الطريقة يكونون قادرين على قراءة الغيب ومعرفة المستقبل والتنبؤ بالأحداث القادمة ومن بين هذه العادات الذهاب إلى الكهنة والعرافين وممارسة أعمال السحر والشعوذة وقراءة الكف والضرب بالرمل والحصى و التنجيم وقراءة ابراج الحظ وقراءة الفنجان.
فكل هذه الممارسات لا يمارسها إلا من كان جاهلا بأحكام دينه، قال رسول (ص) من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على) خصوصا ان هذه العادات يحدث فيها العديد من التجاوزات الشرعية منها…
_ التشكيك في العقيدة السماوية وإظهار معرفة الغيب والتنبؤ بة دون وجه حق و ادعاء العلم الخفي لأن الله تعالى وحده يعلم الغيب ووحده من يطلع عليه.
_ زرع الفتن بين الناس لان البعض ممن يقرأون الفنجان يدعون على البعض بكنهم لوجود عداوات بين الناس مع ذكر بعض الأسماء بشكل عشوائى.
_ التدليس على الناس وإقناعهم بعمل أشياء لا صحة لها.
_ خسارة الأموال على غير وجه حق اذ ان البعض يدفعون الاموال لمن يقرأون لهم الفنجان.
عجبت لشعب يبحث عن حظه فى فنجان ويمسح نوافذ السيارات بأوراق الجرائد!!!!!!!!!!!
لذلك انصح من يتجهون إلى هذه الممارسات من البدع الاتجاة الى الله و الدعاء و الاستغفار فهو مفتاح الأبواب المغلقة والابتعاد عن سؤال البشر عن الغيبات والاتجاه إلى اليقين الربانى، فالله وحده الذي يعلم الغيب و يقدر الأمور ولا يستطيع اى انسان ان يتنبأ بالغيبات، فنجعل الله الملجأ الوحيد فى السراء و الضراء.