جنايات دمنهور تنتصر للطفولة…السجن المؤبد للمتهم بهتك عرض الطفل ياسين
جنايات دمنهور تنتصر للطفولة...السجن المؤبد للمتهم بهتك عرض الطفل ياسين
جنايات دمنهور تنتصر للطفولة…السجن المؤبد للمتهم بهتك عرض الطفل ياسين
في واحدة من القضايا التي هزّت الرأي العام بمحافظة البحيرة، أسدلت محكمة جنايات دمنهور الستار على واقعة مؤلمة كان بطلها طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره، وضحيتها الثقة المجتمعية في المؤسسات التعليمية، حيث قضت المحكمة، اليوم الأربعاء، بمعاقبة المتهم “ص. ك” بالسجن المؤبد، بعد إدانته بارتكاب جريمة هتك عرض الطفل “ياسين” داخل حضانة مدرسة خاصة شهيرة بمدينة دمنهور.
كتب: هاني سليم
وقائع الجريمة: صدمة داخل أسوار التعليم
تعود تفاصيل القضية إلى واقعة تم الكشف عنها خلال العام الدراسي الجاري، حين تقدمت أسرة الطفل ببلاغ رسمي تتهم فيه مسؤول الحسابات بالمدرسة بهتك عرض نجلهم خلال اليوم الدراسي، داخل إحدى غرف الحضانة التابعة للمؤسسة التعليمية.
الواقعة، التي أحدثت صدمة واسعة في أوساط أولياء الأمور، دفعت النيابة العامة إلى فتح تحقيق عاجل، حيث استمعت إلى أقوال والدي الطفل، ومديرة المدرسة، وعدد من العاملين فيها، إضافة إلى التقارير الطبية والنفسية التي دعمت رواية الطفل.
تحقيقات متعثرة ومحاولات طي الملف
واجهت أسرة الطفل معاناة كبيرة في سبيل الوصول إلى العدالة، بحسب شهادة الأم أمام هيئة المحكمة. فقد أشارت إلى أنه تم حفظ التحقيقات في الواقعة أكثر من مرة دون إحالتها للمحاكمة، ما دفع الأسرة إلى التظلم مرارًا، إلى أن قررت النيابة العامة إعادة فتح القضية وعرضها على محكمة الجنايات.
وفي جلسة المحاكمة، سمحت هيئة المحكمة لوالدة المجني عليه بإلقاء كلمتها، لتروي تفاصيل معاناة نجلها النفسية، وتأثير الواقعة عليه، إضافة إلى الجهود المضنية التي بذلتها الأسرة من أجل إظهار الحقيقة، مطالبة بتحقيق العدالة ورفع الظلم عن ابنها.
إجراءات أمنية مشددة ومتابعة جماهيرية
شهدت جلسة النطق بالحكم، التي انعقدت بمقر محكمة إيتاي البارود الجزئية، حضورًا أمنيًا مكثفًا وإجراءات أمنية صارمة، نظراً لحساسية القضية، وارتفاع حجم الاهتمام الشعبي والإعلامي بها. وبدأت أولى جلسات المحاكمة أمام الدائرة الأولى بمحكمة جنايات دمنهور، برئاسة المستشار شريف كامل مصطفى، وعضوية المستشارين أحمد حسونة عزب، وأدهم محمد سعيد، ومحمد سعيد عبدالحميد.
القضية تم قيدها تحت رقم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور، والمقيدة كليًا برقم 1946 لسنة 2024 جنايات وسط دمنهور، بعد أن أمر المستشار محمد الحسيني، المحامي العام لنيابات وسط دمنهور، بإحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية، استنادًا إلى نص المادة 268 من قانون العقوبات، التي تجرم هتك العرض، خاصة إذا كان المجني عليه قاصرًا لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره.
الدفاع يطالب بالبراءة والمحكمة تقول كلمتها
خلال الجلسات، دفع محامي المتهم بعدم صحة الواقعة، مطالبًا ببراءة موكله، كما قدم طلبًا بتعديل القيد والوصف القانوني للتهمة. إلا أن المحكمة، وبعد الاطلاع على ملف التحقيقات وسماع أقوال الشهود ومناقشة الأدلة، قضت بإدانة المتهم ومعاقبته بالسجن المؤبد.
حكم قضائي رادع ورسالة للمجتمع
يمثل هذا الحكم رسالة واضحة من القضاء المصري مفادها أن انتهاك براءة الطفولة، خاصة في أماكن يُفترض أن تكون آمنة مثل المؤسسات التعليمية، هو جريمة لا يمكن التساهل معها. كما يعكس الحكم رغبة حقيقية في التصدي لأي سلوك يُعرّض الأطفال للخطر أو ينتهك حمايتهم القانونية والإنسانية.
الحكم بالسجن المؤبد، الذي صدر بعد جلسات محكمة دقيقة وعلنية، يؤكد أن القضاء، رغم كل المعوقات، قادر على الإنصاف ورد الحقوق لأصحابها، متى توفرت الإرادة والشجاعة في المطالبة بها.
قضايا الطفولة ليست مجرد أرقام
قضية الطفل “ياسين” ليست مجرد رقم في سجلات المحاكم، بل نموذج لقضية مجتمعية خطيرة تتطلب وقفة من الجميع؛ بدءًا من مؤسسات التعليم، ومرورًا بأجهزة الرقابة، وانتهاءً بالأسرة والمجتمع، لضمان بيئة آمنة للأطفال، وحمايتهم من أي انتهاكات قد تحدث في الخفاء.
إن ما حدث يجب أن يكون جرس إنذار لضرورة تعزيز آليات الرقابة داخل المدارس، وتكثيف الوعي القانوني والنفسي لدى أولياء الأمور والمعلمين، للحد من تكرار مثل هذه الوقائع المؤلمة.