كتبت- دعاء علي
رُبما كان لهما من اسميهِما نصيب: الأوّل جادَ بروحه، والثاني ظفِرَ بالشهادة، اليوم صار الشقيقان جوادين ظافرين.
وفي مشهد مهيب، توسط والدهما جثمانيهما، حمل جواد في يده اليمنى، وظافر في يديه اليسرى طيلة موكبهما الجنائزي الذي جاب شوارع رام الله وبيت ريما بفلسطين.
قبل عدة أيام قرّر جواد وظافر الريماوي أخوين، من بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله، أن يفاجئا والديهما وأشقائهما بمأدبة غداء في رام الله، كون العائلة لم تجتمع على طاولة واحدة منذ مدة، وفجر امس الثلاثاء، وخلال مواجهات اندلعت في قرية كفر عين استشهد الشقيقان، أصيب في بادئ الأمر ظافر (19 عاما) بعدة رصاصات في جسده، قبل أن يلتحق به شقيقه جواد (22 عاما) ويصاب في منطقة الحوض.
وثق شريط فيديو لحظة إصابتهما، فبعد أن سمع دوي قوي لإطلاق الرصاص الحي يتداخل معه صوت المؤذن لصلاة الفجر، جاء صوت صراخ ظافر الذي أصيب في البداية: “جواد الحقني”، حاول جواد إنقاذه، إلا أنه ما إن تقدم نحوه حتى تعرض هو الآخر لإطلاق نار، حيث تم نقل الشقيقان إلى مستشفى الشهيد ياسر عرفات في سلفيت قبل أن يعلن عن ارتقاء جواد متأثرا بجروحه، فيما نقل ظافر إلى مجمع فلسطين الطبي برام الله.
المزيد من المشاركات
وصل الخبر مبكرا لعائلة الشهيدين التي توجهت إلى سلفيت، لتكتشف أن ظافر في رام الله، ودعت جواد وتوجهت لرام الله. كان ظافر ما زال حيا عندما وصل أهله إلى مجمع فلسطين الطبي، لكن محاولات الأطباء لم تنجح في إنقاذ حياته ليلتحق بشقيقه جواد، بينما صرخ والدهما عبد الرحمن الريماوي في طوارئ المجمع الطبي: “هذول أولادي الاثنين يا ناس راحوا” وبدأ يقول كلاما لا يفهم، لكنه يرى في تعبيراته.
أما والدتهما أسرار، معلمة اللغة الإنجليزية في مدرسة بنات قاسم الريماوي، قالت: “راحوا أولادي، ولادي راحو لسه بدي أفرح فيهم، حقي كإنسان أشوف أولادي متزوجين، حقي أشوف أحفادي”، متابعة في نوبة بكاء: “ما بقدر اتحمل يا عالم، هذول اثنين، ربيتهم وكبرتهم عشان أفرح فيهم، مش أدفنهم مع بعض”.
وخلال مراسم التشييع في مقبرة البلدة، جاءت الرسالة من زنازين النقب، من عمهم الأسير ظافر الريماوي، حيث أطلق اسم ظافر على ابن شقيقه تيمنا بعمه المعتقل منذ الثاني من نيسان 2002، ومحكوم بالسجن 32 عاما، الذي قال: “زنزانتي تحولت إلى جنة باستشهادهما”، وكنت متشوقا لهما، أريد أن أتنفس معهما شمس الحرية”.
أنهى جواد العام الماضي بكالوريس المحاسبة من جامعة بيرزيت، ويعمل منذ مدة قصيرة في أحد البنوك، فيما ظافر ما زال في سنته الدراسية الثانية في الجامعة ذاتها ويدرس علم الحاسوب، ولهما من الأخوة شقيقة طبيبة تخرجت منذ عامين من جامعة القدس، وشقيقان توأمان في الـ 14 من العمر.

المقال التالى
قد يعجبك ايضآ