حب تحت الاستعمار..خيال كاتبة – قصة قصيرة
قصة قصيرة بقلم / رشا السعدي
في ساحة واسعة تحيطها ثكنات عسكرية تم جمعهنّ وتشكيلهنّ على هيئة دائرة مستديرة
مجموعة من الأسيرات .. منهن متوسطة الجمال ومنهن الجميلة وكانت هي الفائقة بينهن . هؤلاء الأسيرات لم يكنّ فتيات
عاديات بل كل منهنّ كانت تحتل مركزاً علمياً مرموقاً مع ما حققنهنّ من نجاحات على مدار سنوات أضافت لهنّ صفة العبقرية
في منتصف تلك الحلقة وقف ظابط ذو رتبة عالية صارم الملامح وألقى عليهنّ شروط الحرية ، وكانت تلك الشروط في منتهى
الغرابة ، وهى أن تختار كل واحدة منهنّ ظابطاً من المميزين بالكفاءة والبنية القوية وتقوم بمعاشرته جنسياً حتى تُنجب منه
وإذا أنجبت فهي حرة طليقة بعد أن تتخلى عن هذا الجنين وإن لم تُنجب فستظل أسيرة ذليلة لمن اختارته حتى تنجب أو
يزهدها ويكون مصيرها القتل في تلك الحالة
تلك الفكرة الجهنمية نمت وترعرعت في ذهن ظابط داهية مخضرم ذو عقل شيطاني ، والهدف منها الحصول على جيل من
الأطفال العباقرة بالإضافة إلى بنية قوية
وافقت الفتيات لأن من ترفض سيتم إذلالها وتعذيبها ثم إعدامها ، ولأنها كانت الفائقة
بينهنّ فقد كان لها أولوية اختيار من ستهبه جسدها
وتجولت بين الحجرات وتمنى كل ظابط أن تختاره ، وفجأة وقعت عيناها عليه .. كان أكثرهم وسامة وجاذبية بقامته الطويلة
وعضلاته المفتولة ولونه الخمرى وشعره الحالك السواد مع أعين حادة النظرات وللعجب أنه تجاهلها تماماً
كيمياء أصابتها برعشة كهربائية لا تدرى كُنهها رغم تفوقها في هذا المجال ، وإختارته .. الظابط خالد
أعدت نفسها للذهاب إلى حجرته .. هي الفاحشة الجمال وبريئة النفس والعبقرية في علم الكيمياء .. بيــرال
طرقت الباب بهدوء بيد بيضاء صغيرة ففتحه وأفسح لها مساحة للدخول فنظرت إليه نظرة خجلى ومرتبكة ، ولكن نظراته لها كانت حادة ومشمئزة وأخذ ينظر إليها
ويتفحص جسدها البض الفارع ناصع البياض ووجها الأنثوى المثير تحيطه براءة من نوع غريب في آن واحد ، وشفاه ممتلئة وردية اللون ، وكل هذا يتزين بتاج من
الحرير الأسود يصل إلى ما بعد مؤخرتها .. وجدها لوحة فنية مرسومة بإتقان فسألها مباشرة
خالد : لماذا أنا ؟
فأجابت بصوت منخفض : شعرت أنك تُشبهني
فتعجب من ردها ونظر إليها مستفسراً فإسترسلت قائلة :
تُشبهني في الشكل الخارجي فتآلفت نوع من الكيمياء
خالد : ما إسمك ؟
ـ بيرال
خالد : واخترتني أنا لمعاشرتي حتى تنجبي طفلاً وتنالي حريتك .. صحيح ؟
بيرال ( وهى مطأطأة الرأس في خجل ) : نعم
خالد ( بطريقة صارمة ) : ألا تعلمي أنكِ اخترتِ أكثرهم شراسة وقسوة
فظلت صامتة ومُطرقة رأسها لأسفل من الخجل ، فاستكمل خالد حديثه بطريقة مهينة ممتلئة سخرية
ـ إعلمي جيداً أنني لن أمنحك شرف أن تحملي في رحمك طفلاً مني ، فأنا لا أحترم امرأة تُدني جسدها أسفل أي رجل من أجل حريتها ، وكان من الأفضل لكِ أيتها الشريفة أن تُفضلي الموت على أن تُهيني هذا الجسد الجميل
فرفعت إليه رأسها في حيرة وإرتباك .. حزن وإستسلام .. خزى وألم ، وهمت بأن تغادر الغرفة
إلا أنه وعلى حين غرة جذبها من شعرها فشهقت من الألم والمفاجأة ثم عالجها بقبلات شرهة ومزق ثيابها وهى ترتعش
وقذفها على السرير وإنقض عليها يأكل كل قطعة في جسدها بنهم ، وإقتحمها بكل قسوة غير عابئاً بآلامها ، فصرخت صرخة
مدوية من الألم ، ولكنه إستمر ولم يبال بل أكمل إقتحامه وهي على نفس الصرخات
التي إمتزجت بدموع المهانة وبعد إن إنتهى قال لها :
ـ هذا ما تستحقينه فأمثالك تتم معاملتهن هكذا
وفوجئ بسائل وردي اللون ينساب من بين فخذيها فنظر إليها بتعجب
ـ هل كنتِ عذراء ؟!
فأومأت إليه برأسها بدموع ساخنة إمتزجت مع دماءها
إرتبك خالد من داخله وإنتابته بعض مشاعر الشفقة والألم فربت على كتفيها وطلب منها أن تذهب لتغتسل
عندما عادت إليه كسيرة ومهانة أخبرها أنه بإمكانها المبيت في حجرته تلك الليلة ، فإستسلمت لذلك وإستكانت بين أحضان عدوها ومغتصبها !
في الصباح تسللت من حجرته وعادت إلى زميلاتها في الأسر وسمعتهن يتحدثن عن إنبهار الظباط بجمالهن وسطوة هذا الجمال
لدرجة التدلل فتقوقعت على نفسها من الحسرة
وفى المساء طرقت الباب بيد مرتعشة ووقفت أمامه كجارية ذليلة منتظرة ما سيُفعل بها ، وكالمرة السابقة نزع عنها ستار
جسدها وإلتهم كل قطعة من جسدها البض وإقتحمها بدون رأفة ومسيطراً على نفسه كرجل كيلا يمنحها ثمن حريتها
*********
نمت مشاعر غريبة نتاج علاقة مريضة بينهما .. فقد بدأت تحبه رغم إحتقاره لها وقسوة معاملته معها . أما هو فقد تعجب
من نبتة المشاعر التي بدأت تترعرع في قلبه .. كيف يحب ويحترم من تبيع الجسد
وتخسر الكرامة مقابل الحرية ؟ ! هل الحياة تستحق ؟
ظل الحال بينهما على ذلك الوضع .. يلتهمها كل ليلة ويسيطر على رجولته وهي مستكينة وتعلم أن مصيرها في كلتا
الحالتين هو الموت
ومرت أشهر ومشاعرهما المستترة تنمو أكثر وتُثبت جذورها في قلبيهما دون أي ترجمة فعلية إلى أن بدأت أعراض الحمل تظهر
على بعض زميلاتها في الأسر مما يعنى أنهن سيحصلن على حريتهن قريباً وهى ما زالت
أسيرة وتعلم ان الموت وشيك .. موت قلبها وجسدها !
ذهب خالد في مأمورية هامة وظلت هي في وحدتها وإشتياقها التي كادت تقتلها
فقررت الذهاب إلى حجرته والإستكانة في سريره لتشتم رائحة عطره المميز ، وفى طريقها تعرض لها بعض الظباط السكارى
الجدد ذوى الرتب الصغيرة وحاولوا نهشها ، وهى تحاول المقاومة والفرار ودموعها تلك المرة تنساب بخوف .. الخوف من أن
يقتحمها أحد غير خالد
ترغب في أن تظل نظيفة من أجله ، ولكنهم إستطاعوا الإمساك بها وصفعها أحدهم على وجهها صارخاً بنشوة : كم أنتِ جميلة ؟ لمن
تلك الأسيرة يا تُرى ؟ من ذلك المحظوظ بها ؟ وهم بحملها ولكنه فوجئ بقبضة قوية تنقض عليه من القائد خالد المشهور
بشراسته وعنفه والذى لا يعرف الرحمة .. فتراجعوا للخلف بحروف إعتذار مرتعشة ومؤدين التحية العسكرية
فور أن إقترب منها سقطت بين ذراعيه فحملها إلى حجرته شبه نائمة ، وتساءل بداخله : رافضة أن يمسها آخرون ، ومقاومة
للمساتهم حتى الموت ! فلماذا أنا من رضخت له وإستسلمت وتحملت قسوته وإحتقاره ؟!
وكانت تلك اللحظة التي أفصح فيها بعينيه عن مدى حبه لها ، فلقد كادت أن تضيع من
بين يديه وقد رأى في عينيها الواسعتين الكثير من الألم والخوف والإنكسار و …….. الحب
كانت تلك المرة الأولى منذ أشهر طويلة التي يُعاملها فيها بحنان ورقة .. فقد لمس خديها الناعمين ومسح دموعها التي تشبه
إسمها برقة وأغرقها في شلال من القبلات الحانية وإلتهم شفتيها بعذوبة ، وبادلته هي القبلات بكل ما تحمله من جوع وحب .. ثم
تسلل بيديه إلى خارطة جسدها التي حفظ معالمها وأجاد التعامل معها ، وإلتحما تلك المرة بسخونة عذبة وإرتعشا من شدة
الشوق وقذف بداخلها ثمن حريتها ، وفى سكرة الحب وغيبوبته همست له :
ـ أحبك من أول يوم رأيتك فيه وعشقت كل
لمساتك القاسية قبل الحانية وإرتعبت من أن يقتحمنى أحد غيرك .. قررت أن أهبك
جسدى وروحى وقلبى حتى لو كان الثمن حياتى
خالد : لا موت .. إنما حياة وقبلّها قبلة ظلت عقارب الساعة تدور في فلكها
*********
بعد ثلاثة أشهر من توهج الحب بينهما .. جاءته ذات ليلة وطرقت باب حجرته بكل سعادة ودلال ومنحته إبتسامة ساحرة
وقبل أن يلتقط شفتيها .. سقطت بين يديه
جزع من الخوف والقلق وحملها وهرع بها إلى الطبيب والذى أثاره ما رأى
خالد ( بقلق ) : لا أريد أن أفقدها .. أرجوك
الطبيب ( بدهشة ) : أنت .. أيها القائد !
خالد ( بحدة ) : أنا ماذا ؟
الطبيب : تحب ؟!
خالد ( بعصبية ) : ليس هذا وقت ما تقوله .. أنقذها
الطبيب ( بإبتسامة ) : لا تقلق
خالد ( بتعجب ) : كيف ؟!
الطبيب : هي حامل
فضحك خالد ضحكة مجلجلة أزالت عنه بعض هيبته الصارمة ، وحمل بيرال مرة أخرى كالعصفور الصغير وذهب بها إلى حجرته وسط دهشتها وسعادتها
بيرال : أخبرتنى من قبل أنك لن تمنح امرأة تُدنى جسدها تحتك طفلاً لأنك أعلى من ذلك
خالد : ولكني أحببتك .. أحببت الفتاة الجميلة البريئة والتي حفظت نفسها وكادت أن تخسر حياتها من أجلي وذابا في قبلة شهية وتضاجعت الشفتان
*********
بعد فترة قصيرة قامت مداولات ومباحثات عسكرية وسياسية بين الدولتين إنتهت فيها بأن سحبت قوات الإستعمار رجالها وأسلحتها وحدث التحالف وقرر خالد أن يأخذ بيرال معه وألا يتركها تواجه العالم وحدها وتزوجا وإنتقلا إلى مسكن خالد والذى ملأته بيرال حب وسعادة .