حتي تــــرفع حافـــرها

عادل التعلب

الإنسان الذي حمل الأمانة بعد أن لفظتها السماوات والأرض والجبال ، لم يكن حِمله إياها اعتباطًا ، بل إنه تميز عن سائر المخلوقات بصفات كانت قديمًا تعد بأنه قد انفرد بها ، حتي طغت المادة على ميزاته فطمستها .
الرحمة لم تعد صفة” تُلصق بالإنسان قدر ما باتت تلازم كثيرا من المخلوقات غيره ، فلارحمة بيننا ولا ضمير وأصبحنا نسير كما القطعان في الغاب ، كلنا فريسة لتلك الذئاب .
في الحديث القدسي الجليل أن رب العزة سبحانه جعل الرحمة مائة جزء ، وأمسك عنده ٩٩ جزءا وجعل في الأرض منها جزءا واحدا يتراحم منه الناس والمخلوقات حتي قال حتي ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبة ، ففي الحيوانات – أعزكم الله جميعا- قد أودع الله فيها الرحمة حتي أنها ترفع حافرها برحمة خشية أن تصيب وليدها بسوء .
علي ذلك قس ، أب يُتهم بقتل أبناءه ، وأم تُلقي أبناءها في البحر ، وأخري تُقطع أبنها بعد إتهامها له بمحاولة الإعتداء عليها ، ومؤخرا مجزرة كفر الشيخ ، وحلقات المسلسل متتابعة ، وشاشات العرض متوهجه ، وأعين المتابعين متيقظة .
ربما أصبحت أصابع الإتهام لا تومئ إلا داخل الجدران التي جمعت تلك الأجساد لسنوات علي المودة والرحمة ، كانت هي الشاخصة المحدقة علي تلك اللا إنسانية ، بل تلك الوحشية والهمجية ، لا أتمني أن أصطدم بتلك الأنباء التي تتهم أبا بقتل أبناءه ، في ذات الوقت أرجوا أن يلفظ المجتمع تلك الآفات التي نزعت منها فتيل الرحمة قبل الدين .
إن كان لي أصبع يشير بالإتهام ، فمن أتهم ؟
هل أتهم مجتمعًا أصبح يحكمه قانون الغاب ؟
أم أباءا خلعوا عن كاهلهم عباءا الدين في أصول التربية ؟
أم إعلام لايملك سوي التصفيق والتطبيل لجحافل أغلبهم جناة صاغوا منهم أبطالا علي الشاشات وفي أعين المشاهدين ؟
أم انحلال أصبح هو السلعة الرائجة في كل النواصي ؟
أم خطباء ووعاظ فقدوا مكانتهم في قلوب الناس ، فما أصبحوا قدوة ولا نبراسا ؟
لازلت أنتظر معكم ، حتي ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبة .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.