حرب أكتوبر تعتبر الحرب الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية

 
كتبت الإعلامية/ مروة حسن
يصف المؤرخون حرب أكتوبر بأنها الحرب الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية حيث قلبت موازين القوى وابهرت العالم بعد أن أجمع خبراء عسكريون على استحالة تنفيذ فكرة العبور .. ولكن عبقرية التخطيط وعنصر المفاجأة وعزائم المصريين حققت المستحيل الشعب يرفض الهزيمة :- من مخاض الهزيمة كان الإصرار على الثأر والانتصار ففى أعقاب حرب 1967 رفض الشعب المصري والعربي الهزيمة، وحدد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر استراتيجية المرحلة كعملية استعداد للثأر والانتصار. وكانت الخطة تهدف لتوفير فرص مناسبة للقوات المسلحة المصرية، لإعادة تنظيمها والقيام بمسئوليتها في الدفاع عن مصر واسترداد أراضيها. لم يتوان الشعب المصري- قيادة وشعبا- منذ لحظة إعلان إيقاف النيران في السعي لاسترداد أرضه المحتلة، وفي التعرف والمعالجة على الأسباب الحقيقية للنكسة، فتحمل الشعب الإجراءات القاسية لتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد حرب، والذي استنزف حوالي 50 % من ميزانية الدولة، تخصص لإعادة بناء القوات المسلحة. وقد اعتمد التحول إلى اقتصاد حرب على عدة أسس أهمها: الالتزام بتحقيق مطالب المجهود الحربي، وإزالة آثار العدوان ، وضع بدائل لخطة التنمية، على أن يُختار منها الخطط التي تتفق مع موارد واستخدام النقد المحلي والأجنبي ، استغلال الطاقات المحلية، كبديل عن الاستيراد لتوفير العملة الصعبة ، تطوير استراتيجية استخدام العمالة والقوى البشرية، طبقا للظروف الحالية. أمدّ الشعب القوات المسلحة بخيرة الشباب المتعلم، الذي حقق طفرة علمية كبيرة نتيجة لاستيعابهم تكنولوجيا الأسلحة الحديثة، وإيمانهم بالتضحية في سبيل مصر، وإطلاق فكره في التعامل مع العدو بأساليب علمية وابتكارات حديثة تحقق تفوق المقاتل المصري على المقاتل الإسرائيلي. أصر الشعب على تحقيق مبدأ “يد تبني.. ويد تحمل السلاح”؛ فشهدت هذه المرحلة تحقيق العديد من المشـروعات القومية، في ظروف صعبة مثل استكمال بناء السد العالي، وإنشاء مصنع الألومنيوم في نجع حمادي، وإنتاج المصانع المصرية للعديد من متطلبات القوات المسلحة.

أنه “صراع كفاحي مصري جديد” من أجل التقدم على قاعدة العلم والتخطيط الرشيد وبروح السادس من أكتوبر وهو جدير بأن يفتح عصرا جديدا مجيدا وعالما جديدا شجاعا في سيناء التي تشكل بامتياز أمثولة لجغرافيا الشهداء في أقدم وأعرق دولة فى الجغرافيا السياسية للعالم.

وفي الذكرى الخامسة والأربعين لحرب السادس من أكتوبر فإن تلك الحرب بحضورها الراسخ في الوجدان المصري إنما تعبر عن ثقافة بمكوناتها الجوهرية من مبادرة وابتكار وإبداع وإتقان وتضحية وفداء وإيمان وفهم عميق لمعنى التراب الوطني وقيمة الأرض.

المجد والخلود لشهداء مصر الأبرار دفاعا عن الأرض والعرض والكرامة.. ونهتف من أعماق القلب في الذكرى الخامسة والأربعين لحرب التحرير بصيحة هتف بها ذات يوم مثقف مصري كبير هو الراحل لويس عوض معبرا عن الضمير الوطني في الطريق إلى حرب رمضان: “سيناء.. سيناء.. سيناء”.. نعم أنها جغرافيا الشهداء وقلب التاريخ وطريق المستقبل بالعقل المصري المبدع.

وحتى تتضح الصورة للشباب الذين لم يعاصروا هذا اليوم الخالد فى تاريخ العسكرية المصرية السادس من اكتوبر 1973 … نقول إن القوات المسلحة المصرية وجدت نفسها أمام ترسانات من الموانع المائية والترابية والرملية والنقاط الحصينة جعلت العدو يتصور أنه في مأمن ، وولدت اعتقاداً بأن من يريد تجاوزها سيكون مصيره الهلاك… ومن ثم ، كان عبور المانع المائي على امتداد القناة باستخدام القوارب المطاطية والجسور والكباري عملاً بطولياً وخصوصاً أن العدو كان يهدد بتحويل القناة إلى كتلة من اللهب إذا ما فكر أحد في عبورها.

وسطر جنود مصر ملحمة بطولية على ضفاف القناة… وفي جعبة كل جندي شارك في الحرب ذكريات وقصص وحكايات تذكر … كان الجميع يتنافس على شرف البطولة في ساحات النضال ، القادة والضباط والجنود… وكلنا نتذكر الشهيد أحمد حمدي أحد مهندسي كباري العبور الذي كان يتنقل من معبر إلى معبر ليطمئن على تشغيل معظم الكباري… وعلى تراب سيناء ووسط أبنائه الجنود والضباط استشهد على أرض المعركة في 14 أكتوبر 1973 ، بعد أن سطر اسمه بأحرف من نور في سجل العسكرية المصرية وكرمته القيادة المصرية بإطلاق اسمه على أشهر نفق في مصر ” نفق الشهيد أحمد حمدي ” الذي يربط سيناء بمدن القناة .

وفتح نصر اكتوبر ابواب السلام … فما كان لـ ” إسرائيل ” أن تقبل بالجلوس على مائدة التفاوض من دون اقرار بنصر أكتوبر ، وما كان لمصر أن تستعيد كامل ترابها الوطني من دون أن تمهد لذلك بنصر عسكري عظيم صحح موازين القوى وأعاد إلى الشعب المصري ثقته بذاته ، واجبر اسرائيل على ابرام معاهدة السلام فى 26 مارس 1979.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.