حرب أكتوبر 1973 ملحمة الكرامة وتحطيم الأسطورة
حرب أكتوبر 1973 ملحمة الكرامة وتحطيم الأسطورة

في تمام الساعة الثانية من ظهر يوم السادس من أكتوبر عام 1973 الموافق العاشر من رمضان، انطلقت الشرارة التي أعادت الروح والأمل إلى الأمة العربية، إيذاناً ببدء حرب أكتوبر المجيدة.
حرب أكتوبر 1973
لم تكن هذه الحرب مجرد محاولة لاسترداد الأرض المحتلة بعد نكسة 1967، بل كانت بمثابة صرخة كرامة أعادت الثقة إلى نفوس العرب، و نسفت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر” التي حاول العدو ترسيخها، لقد جاء قرار الحرب، الذي اتخذه الرئيس أنور السادات، بعد استنفاذ كافة الجهود السياسية والدبلوماسية لـ إسترداد الأرض بالطرق السلمية.
كان التخطيط لهذه الملحمة مثالاً للعبقرية العسكرية، حيث اعتمد على المفاجأة الاستراتيجية الكاملة، والخطة “بدر” التي جسدت الإصرار المصري على تجاوز المستحيل.
الإرادة تصنع المعجزات
العبور: كانت الساعات الأولى للحرب بمثابة معجزة عسكرية بكل المقاييس، بدأت بـ الضربة الجوية المباغتة التي حققت نسبة نجاح مذهلة، تلاها العبور العظيم لقناة السويس.
لقد تحدى الجندي المصري بكل بسالة وروح قتالية عالية أعتى الموانع الطبيعية والصناعية،
خط بارليف هذا الحاجز الدفاعي الضخم، الذي وصفه العدو بأنه “خط منيع”، انهار تحت ضربات المقاتلين المصريين في غضون ساعات قليلة، بفضل فكرة هندسية بسيطة وفعالة وهي استخدام مضخات المياه لتجريف الساتر الترابي الهائل.
الجندي المصري
أثبت المقاتل المصري، بشجاعته وصبره وكفاءته القتالية العالية، أنه هو العامل الحاسم في المعادلة العسكرية، مما دفع المعاهد العسكرية الدولية إلى إعادة تقييم عنصر “النوعية القتالية” للفرد المقاتل في حسابات القوى العسكرية العالمية.
شهدت الأيام الأولى للحرب انتصارات متتالية للقوات المصرية، أدت إلى تحرير مساحات واسعة من الضفة الشرقية للقناة، وإلحاق خسائر فادحة بقوات العدو، مما أحدث زلزالاً نفسياً وسياسياً في إسرائيل والعالم.
نتائج غيرت وجه المنطقة والعالم
لم تقتصر نتائج حرب أكتوبر على الجانب العسكري المباشر، بل امتدت لتشمل تحولات عميقة على المستويات السياسية والاقتصادية والدولية:
نتائج حرب أكتوبر
• استرداد الكرامة والثقة: عادت الروح المعنوية والثقة بالنفس إلى الجندي والشعب المصري والعربي بعد هزيمة 1967.
• تحطيم أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”: انهارت عقيدة الأمن الإسرائيلية وسقطت أسطورة التفوق المطلق، ما مهد الطريق للمفاوضات السياسية.
• التحرير التدريجي للأرض: مثلت الحرب النقطة التي انطلق منها المسار السلمي لتحرير واسترداد كامل التراب الوطني لسيناء، بدايةً من فك الاشتباك وصولاً إلى
• استعادة طابا عبر التحكيم الدولي.
• التضامن العربي الفعال: برز دور التضامن العربي الاقتصادي من خلال سلاح النفط، الذي استخدمته الدول العربية في وجه الداعمين للعدو، وأثبت فعاليته كأداة ضغط استراتيجية على المستوى العالمي.
• تحولات دولية: أحدثت الحرب تغييراً في موازين القوى والتكتلات الدولية، و مهدت الطريق لتغيرات جذرية في سياسة المنطقة.
أكتوبر: درس للأجيال القادمة
إن حرب أكتوبر المجيدة ستبقى دوماً رمزاً لقوة الإرادة الوطنية وعبقرية التخطيط وروح التضحية والفداء، إنها تذكير دائم بأن الحق لا يضيع وراءه مطالب، وأن الأمة قادرة على النهوض وتحقيق المستحيل بوحدتها و تكاتفها خلف قواتها المسلحة.
إنها ملحمة الشعب الذي كان عماد النصر، بـ مساندته الكاملة ودعمه اللامحدود لجيشه.
تحيا ذكرى النصر، وتحيا مصر، حرة أبية بفضل دماء شهدائها وعزيمة أبنائها.