طارق علي: أعتز بثقة أشرف زكي… وسعادتي لا تُوصَف حين غني تامر حسني كلماتي بصوته
طارق علي: فخور بثقة أشرف زكي... وسعادتي لا تُوصَف حين قدم تامر حسني كلماتي بصوته
حوار وإعداد: ريهام طارق
يظل اسم الشاعر المصري المبدع طارق علي علامة فارقة، وبصمة خاصه لا تشبه سواها ،وعلى المستوى الشخصي، كنت شاهدة على هذا الإبداع المسرحي المتفرد، إذ تابعت عن قرب عددًا من أعماله و رأيت مدى التفاعل الكبير الذي حظيت به من الجمهور، لما تحمله من رسالة إنسانية راقية.

و مؤخرًا، أطل علينا الشاعر الغنائي طارق علي كعادته بإحدى روائعه الجديدة بعنوان “من كان يا ما كان“، ليضيف فصلا جديدا إلى تاريخه الحافل بالنجاحات والتميز، تجربة استثنائية بكل المقاييس، جمعته لأول مرة بالنجم تامر حسني والملحن الموهوب كريم نيازي، في تعاون فني مثمر أنتج عمل راقي متكامل الأركان.
وقد توج هذا التعاون برؤية النجم تامر حسني الإخراجية المبهرة، التي قدّم من خلالها الأغنية كإهداءٍ خاص إلى مهرجان نقابة المهن التمثيلية، ليصبح العمل تحية فنية خالدة تجسد قيمة الفن الحقيقي و تكرم روح الإبداع المصري الأصيل، وكل هذا كان تحت رعاية وقيادة الفنان الكبير الدكتور أشرف زكي الذي لولاه ما كان ظهر هذا العمل بهذا الشكل الاحترافي.

وفي هذا الحوار الخاص والحصري لـ جريدة “أسرار المشاهير”، يروي لنا الشاعر طارق علي كواليس اغنيه من كان ياما كان منذ بداية الفكرة حتى ظهورها بهذا الشكل الاحترافي وتفاصيل تعاونه الأول مع النجم تامر حسني.

كيف جاء ترشيحك لكتابة أغنية “من كان يا ما كان” الخاصة بافتتاح مهرجان نقابة المهن التمثيلية ؟
جاء الترشيح من الدكتور أشرف زكي شخصيا، الذي كان مصرّا منذ البداية على أن أكون أنا من يكتب الأغنية الرسمية لافتتاح المهرجان هذا العام، بصراحة، شعرت في البداية ببعض الرهبة، وكان هاجسي الأكبر من التكرار وان اقدم عمل يشبه أعمالي السابقة، خاصة أنني قدمت من قبل أعمالا كثيره في مهرجانات المسرح والدراما، مثل أغنية “بحبك يا دراما”، إلى جانب عدد كبير من الأغاني التي شاركت بها في المهرجان القومي للمسرح المصري.
كيف جاءت لك فكرة أغنية “من كان يا ما كان”؟
جاءت الفكرة بعد نقاش مطوّل جمعني بالدكتور أشرف زكي، الذي اقترح أن تتناول فكرة الأغنية إحياء ذكرى قامات ورموز التي صنعت تاريخ المسرح المصري منذ بدايته، سواء من رحلوا أو من لا يزالوا يضيئون الساحة الفنية بعطائهم.. أعجبتني الفكرة كثيرًا لما تحمله من رساله وفاء لهم وطلبت من الدكتور أشرف أن يمنحني يومين فقط للانتهاء من كتابة الكلمات، حتى أتمكن من صياغتها.
الفكرة كما عودتنا دائمًا جاءت جديدة ومؤثرة.. كيف استلهمت كلمات أغنية ” من كان يا ما كان” لتخرج بهذا الشكل المختلف والرائع؟
تخيلت للحظه أنني أمتلك “آلة زمن” تعيدني إلى زمن البدايات الأولى لصناعة المسرح المصري، فقررت أن أعيش رحلة ألتقي، من خلالها برموز هذا الفن واحدًا تلو الآخر، وقمت بحوار جمعني بهم جميعًا، لأصف لهم عظمة ما قدموه و كأنني أشاركهم جلسة فنية بداية من يعقوب صنوع و القباني مرورا بعزيز عيد وجورج أبيض ونجيب الريحاني وعلي الكسار ويوسف وهبي وزكي طليمات وإسماعيل ياسين، و صولًا إلى أمينة رزق والتي اخذت منها اسمها رزق ووصفته أن رزقها كان في المسرح لأنها لم تتزوج ولم تنجب لذلك كان رزقها في الدنيا هو نجاحها في المسرح ثم جيل شويكار وسهير البابلي، إسعاد يونس وبعدهم شيرين وشريهان، وكلامي للاستاذ فؤاد المهندس كاننا في حوار ودي اقول له، “يا فؤاد، مش كنت متنبئ إن عادل إمام وتوقعت انه هيبقى زعيم؟ بالفعل، أصبح زعيم جيله بالكامل”، ثم واصلت رحلتي حتى وصلت إلى عباقرة حقبه زمنيه ثانيه من المسرح المصري مثل سمير غانم، و ختاما الجوكر محمد صبحي، الذي ما زال حتى اليوم رمزا و رائدًا للمسرح المصري الحديث.
فكرة المزج بين الأجيال في الأغنية كانت لافتة للغاية… هل كنت تقصد من خلالها توثيق مراحل تطور المسرح المصري في قالبٍ قصصي؟
بالفعل كان هدفي الأول أن أقدم الأغنية كسردٍ درامي بصوت شاعر يعيش بين الأجيال، يربط الماضي بالحاضر في مشهدٍ فني واحد يعبّر عن استمرارية الإبداع، و سعيت لأن تكون الكلمات بمثابة رحلة توثيقية تعيد إلى الأذهان ملامح البدايات الأولى للمسرح المصري، من خلال حكايات إنسانية و شخصيات صنعت التاريخ و خلدها الفن.. أتذكر أن الفنان الكبير زكي طليمات، الذي ترك بصمة لا تنسى في تاريخ المسرح المصري برؤيته الثاقبة و إسهاماته المؤثرة، وهو أيضا أحد مؤسسي المسرح الأكاديمي في مصر، مقولته الشهيرة: ” المعهد العالي للفنون المسرحية كما سيخرج فنانين عظماء، سيخرج أيضًا فنانات عظيمات”، وهو ما تحقق بالفعل من خلال أسماء كبيرة ذكرتها في الأغنية مثل أمينة رزق،و سميحة أيوب، وغيرهن من الرائدات اللواتي صنعن مجد المسرح المصري.
ما الرسالة التي كنت تسعى إلى إيصالها من خلال العمل؟
كان هدفي هو تجسيد فكرة أن قيمة الفنان الحقيقية لا تُقاس ببريق الشهرة أو وهج الأضواء، اللحظي بل بالبصمة الخالده التي يتركها في وجدان الناس، فالأعمال العظيمة لا تموت، بل تبقى خالدة في ذاكرة الأجيال مهما مر الزمن، وأن المسرح المصري سيظل دائمًا شامخا، لا يسقط ولا يختفي، لأنه ببساطة هو الجذر الأصيل للمسرح العربي ومعلمه الأول، فمن أرض مصر ولد هذا الفن العظيم، وسيبقى خالدا لا يموت ولن يندثر.
هل كانت لك حرية الاختيار في فريق العمل المشارك الأغنية؟
نعم، هذه هي المرة الثالثة التي يمنحني فيها الدكتور أشرف زكي شرف ثقته الكاملة في تنفيذ مهمة بهذا الحجم، وقد ترك لي حرية اختيار الملحن والموزع الموسيقي بالفعل بدأت في الكتابة واختارت الملحن كريم نيازي لتلحين الأغنية وقام بتوزيعها الموزع الموسيقي مؤمن ياسر.

ما سبب اختيارك لـ الملحن كريم نيازي لتلحين العمل؟
كريم نيازي من الصناع الشابة الموهوبة في عالم التلحين، حاليا و قدّم خلال الفتره الماضية العديد من الأعمال الناجحة التي أثبتت موهبته، وكنت أبحث عن روح جديدة وفكر مختلف يتناسب مع طبيعة الأغنية لضمان أن تقدم في قالب جديد وبعيد عن ما قدمته من قبل، ورأيت في كريم الشخص القادر على تحقيق ذلك وبالفعل، كان على قدر الثقة وقدم لحنا رائعا فاق كل التوقعات.
وماذا كان رأي الدكتور أشرف زكي عندما استمع إلى الأغنيه؟
قال لي الدكتور أشرف زكي جملة لن أنساها ما حييت:
“أنت تفوقت على نفسك يا طارق… وقدمت عملًا مختلفًا تمامًا عن كل ما كتبته للمسرح من قبل”، كانت تلك الكلمات بمثابة وسام شرف أعتز به، لأنها صدرت عن فنان حقيقي يحمل في داخله عشقا صادقا للفن والمسرح، ويدرك تمامًا قيمة الكلمة و مسؤوليتها الفنية، و يقدّر الإبداع الحقيقي حين يراه ولا يبخل عليه أبدا بتقديم المساندة والدعم ليظهر في أفضل صورة.
هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها تامر حسني في مهرجان خاص بالمسرح المصري، من كان صاحب الفكرة؟
بعد الانتهاء من كتابة كلمات الأغنية ، ووضع اللحن والتوزيع الموسيقي، أرسلت النسخة النهائية إلى الدكتور أشرف زكي، واختار الدكتور أشرف زكي النجم تامر حسني، وبصراحة، سعدت جدًا بهذا الترشيح وقلت له فورا: “اللحن متركب على صوت تامر حسني أصلاً”، فقد شعرت أن أداء تامر سيضفي عليها روحا مختلفة، وبالفعل، أرسل الدكتور أشرف الأغنية إليه ليستمع إليها، وعندما سمعها اعجبته جدا و قال للدكتور أشرف زكي إنه سيتبنّى الأغنية بالكامل، وسيتولى إنتاج تصوير الفيديو كليب وإخراجه على نفقته الخاصة، إيمانا منها برسالتها وقيمتها الفنية، وبالفعل وضع تامر حسني عليها صوته، ولم نري الفيديو الكليب إلا ليلة افتتاح المهرجان، وكانت لحظة مدهشة بكل المقاييس!
تفاجأنا جميعًا بعظمة الفكرة وروعة التنفيذ، وكيف ترجم تامر كل معنى كتبته بكلماتي إلى صورة وصوت وإحساس صادق وصل إلى قلب كل من شاهده.

حدثنا عن تعاونك مع النجم الكبير تامر حسني، خاصة أن هذا هو أول لقاء فني يجمع بينكما؟
عندما علمت بموافقة النجم تامر حسني على تقديم الأغنية بصوته، غمرتني سعادة كبيرة، لأنني مدرك أنه سيكون إضافة فنية هائلة للعمل، لما يمتلكه من إحساس عالٍ وقدرة على توصيل المعنى بصدق استثنائي، وبعدها تلقيت مكالمة من رقم لا اعرفه، و جاءني صوت شخص يعرف نفسه بأنه “ملحن جديد” يرغب في أن أستمع إلى بعض ألحانه، وافقت وفجأة، سمعت صوتًا مألوفا يغني مطلع الأغنية: “من يا ما كان… يا ما كان”، حينها أدركت أن المتصل تامر حسني نفسه، دار بيننا حديث طويل امتد لنحو نصف ساعة، عبر خلاله عن إعجابه الكبير بكلمات الأغنية، وقال لي بحماس شديد: “إزاي كتبت عمل عظيم بالشكل ده؟ و إزاي أنا معرفكش قبل كده؟”، كانت مكالمة مليئة بالطاقة الإيجابية، لا يمكنني أن انساها ولا أصف سعادتي بها، فقد كانت لحظة فارقة بالنسبة لي على المستويين الفني والإنساني.
في ختام هذا الحوار، كيف تصف هذه التجربة ؟
هذه التجربة كانت خاصة لي بكل المقاييس بالنسبة لي، أولًا لأنني فخور بثقة الدكتور أشرف زكي في موهبتي، وسعيد جدًا بالتعاون مع ملحن موهوب مثل كريم نيازي، ثم جاءت الخطوة الأكبر في مشواري الفني حين غنى النجم تامر حسني من كلماتي، وكانت لحظة لا تنسى بالنسبة لي وأتمنى أن تجمعنا أعمال أخرى في الفترة القادمة.
في النهاية كلمة من الشاعر طارق علي الي المسرح المصري؟
أنت لست مجرد ذاكرة فنية خالدة أو تاريخا عظيما يروى، بل أنت، المنبر الثقافي، و الرائد الأساسي والمعلم الأول للتجربة المسرحية في الوطن العربي بأسره.. يعيش المسرح المصري..يعيش.
في نهاية الحوار نشكر الشاعر الكبير طارق علي علي هذا الحوار الأكثر من رائع علي وعد بحوار آخر جديد مع نجم جديد ونجاحات جديدة مع ريهام طارق.

نبذه عن الكاتب:
ريهام طارق صحافية مصرية متتخصه في قسم الفن أجرت خلال مسيرتها عددًا كبيرًا من الحوارات الصحفية المميزة مع نخبة من أبرز نجوم الغناء والتمثيل في العالم العربي.
تشغل حاليًا منصب رئيس قسم الفن بجريدة “أسرار المشاهير” ومساعد رئيس التحرير.
بدأت مسيرتها الصحفية من المملكة العربية السعودية عبر جريدة إبداع، قبل أن تنتقل للعمل في عدد من المؤسسات الإعلامية الكبرى في الوطن العربي، من بينها جريدة المغرد و الثائر في لبنان، وجريده ايروبريس في اسبانيا ، وجريدة النهار في المغرب، ومجلة النهار في العراق، وإلى جانب تخصصها في الصحافة الفنية، كتبت مقالات تحليلية في مجالات السياسة الدولية والاقتصاد العالمي وسوق المال الأمريكي والأوروبي كما شغلت منصب عضو اللجنة الإعلامية للمهرجان القومي للمسرح المصري.