حضور النص التراثي في السرد القصصي … بقلم/ عبده حسين إمام

حضور النص التراثي في السرد القصصي

قراءة في المجموعة القصصية نبوءة للكاتب/ سيد جعيتم

بقلم/ عبده حسين إمام    

عادةً ما يكون استلهام التراث من خلال فكرة تراثية يتمحور حولها النص القصصي وتوظيفها بغية بلورة الفكرة وتعميقها من خلال قيمة تراثية تتشكل في وجدان القارئ ووعيه، أو استحضار شخصية غالبا ما تكون مقترنة بحدث جلل فاصل تؤرخه الذاكرة على مر العصور، أو تتبع مسلك مبتدع متجدد كما يبدو في مقامات التراث الصوفي وتجلياته.
بينما عند الولوج إلى عالم المجموعة القصصية (نبوءة) وعوالمها الرحبة والإبحار في شخوصها النابضة بظلال الواقع؛ والخيال أيضا، وأمكِنتها شديدة التنوع والسفر بين الأزمنة؛ نستشرف حميمية مع التراث، وتعمق في قيمته وأثره حتى يطل من خلال السرد النصُّ التراثي جزءً لا يتجزأ من مفهوم النص القصصي، فيخال القارئ سائلا أيهما ينهل من الآخر ويستقى منه فحواه، فيما يتراءى للمتلقي ما بذله الكاتب من سعي دؤوب واقتفاء متعمق لجمع ما أُثر عن الجدود وما ردَّدته الجِدَّات من رُقى وتعاويذ وأمثال شعبية تداولتها الألسن في الحارات والأزقة القديمة التي يفوح من حيطانها عبق التاريخ و يتناثر على بيبانها آثار الأحداث، وما ارتبط ببعض المهن الشعبية من أقوال و تعزيمات مأثورة، في شغف بالنص وموسيقاه ونظمه المتسق الوقع على السمع والشعور كما في قصة (الكنز المفقود).
وحدود التراث لا تتوقف عند حدود ما هو شعبي بقدر ما تطاولت لتغوص في أعماق ما هو فرعوني وعربي فالإطلالة على الموروث الفرعوني لم تستعرض المنظور التاريخي والحضاري كما عهدنا من قبل ممن تناول هذا العصر، بل كان العبور إلى هذا العصر من منظور اجتماعي تطرق لتفاصيل الحياة اليومية والطقوس الاحتفالية والتعبدية لعامة المصريين مبرزا بقلمه مفردات ومفاهيم هذا الزمان ومناظير البشر تجاه الأحداث وبدا ذلك في قصة (تاميت) وقصص أخرى في إبراز لمعالم الحضارة الفرعونية في سياق مبتكر.
المجموعة القصصية (نبوءة) عمل أدبي يحفل بمراسٍ أدبي تستوي أركانه على لغة رصينة وسرد سلس ورؤية إنسانية استطلعت جميع مفردات الوجود من إنسان وحيوان بما في ذلك الجماد تم “أنسنته” في مرح يبرز شقاء الكادحين، ومزج الزمكان بروح النص وشخوصه.
ونحسب أن الانطلاق من التراث كان للارتقاء والانتصار للعقل والتنوير وترسيخ العدالة الاجتماعية والانتماء للوطن في مقابل تفكيك لعناصر هدامة مثل الجهل والكراهية والظلام.
قد يعجبك ايضآ

التعليقات مغلقة.