حكم تَوَلِّي المرأةِ للولايات العامة والقضاء
حكم تَوَلِّي المرأةِ للولايات العامة والقضاء
بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
▪️ مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
تَوَلِّي المرأةِ للولايات العامة والقضاء ، من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء ؛ حيث تباينتِ آراؤهم فيها .
فذهب فريق منهم إلى جواز ذلك :
وهي رواية عن مالك
وقول أبي حنيفة وأصحابه
وابن جرير الطبري
وابن حَزْم الأندلسي .
وذهب فريق آخَر إلى عدم جوازه :
وهو قول الجمهور .
فأما الذين قرروا عدم الجواز :
فقد احتجُّوا بقول النبي ﷺ :
«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» .
[ أخرجه البخاري في “صحيحه ]
#أما الذين أجازوا تولي المرأة للولايات العامة والقضاء :
قال أبو حنيفة وأصحابه :
يجوز أن تلي النساءُ القضاءَ فيما يجوز أن تُقبَل شهادتُهن فيه وحْدَهُن أو مع الرجال ؛ لأن في الشهادة معنى الولاية .
ولا يجوز في الحدود والقصاص ؛ لأن شهادتَهن لا تُقبَل في ذلك .
وحُكِي عن ابن جرير الطبري :
أنه أجاز تَقَلُّدَ المرأةِ القضاءَ مطْلَقًا .
وعلَّلَ جوازَ ولايتِها بجوازِ فُتْيَاها .
وقد ذهب بعضُ الشافعية :
إلى أنه لو وَلَّى سلطانٌ ذُو شوكةٍ امرأةً القضاءَ نَفَذَ قضاؤها .
وأما الحديث الذي استدل به المانعون وهو :
«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» .
فقد أجاب عنه المانعون بما يأتي :
أن هذا الحديث الشريف ورد على سبب مخصوص ، وهو ما يُعرف في اصطلاح علماء الأصول بواقعة العين .
وهي الحادثة أو النازلة المختصة بمُعَيَّن .
والأصل في واقعة العين أنها تختص بالشخص المُعَيَّن الذى وقعت لأجله فلا تعمُّ في حكمِها غيرَه .
وكما تقرر في علم الأصول أن :
“وقائع الأعيان لا عموم لها” .
ومن ثمَّ فإن هذا الحديث الشريف واقعة عين لا يستدل بها على غيرها أصلًا .
وقد قالَه النبي ﷺ في حالةٍ خاصة ، وهي زوال ملك كسرى الفرس ؛ حيث تولت ابنتُه بُوران الملك ، وبالفعل تحقق ذلك ، استجابة لدعوة النبي ﷺ على كسرى حين مزق رسالته إليه .
أن الحديث معناه :
مقصور فقط على الإمامة العظمى ، وهي رئاسة الدولة دون غيرها فلا يشملُه الحديث .
وذلك لأن من سُلطات الحاكم الأعلى رئيس الدولة إمامة المسلمين في الصلاة شرعًا وهي لا تكون إلا للرجال .
وعلى ذلك:
فإنه يجوز للمرأة المشاركة في الحياة العامة اجتماعية كانت أو سياسية ، طالما كانت هذه المشاركة في حدود الآداب الشرعية ، ولم تؤدِّ إلى إهمال في حقوق بيتها وأسرتها .
#كما أن لها أن تتولى جميع المناصب الاجتماعية في الوزارات المختلفة طالما كانت هذه الوظائف تتفق مع طبيعتها واختارها ولي الأمر لذلك .
ولرئيس الدولة مستعينًا بأهل الفتوى أن يختار من الأقوال الفقهية ما يراه مناسباً .