حكومة الدم.. من يردعها؟
بقلم/ المستشار نجيب جبرائيل
لا يمكن وصف ما تفعله حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، بقيادة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، بأنه حرب تقليدية. فالمجازر اليومية بحق الشعب الفلسطيني حول ساحة الصراع إلى دولة دينية متطرفة. ورغم الإدانة العالمية الواسعة، تظل الولايات المتحدة داعمة لهذه الجرائم، مما يطرح تساؤلاً حول قدرة المجتمع الدولي على ردع هذا النظام.
لقد أصبح النظام الدولي عقيماً، وباتت الأمم المتحدة مجرد أداة للإدانة والاستنكار، في ظل استخدام الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن. ومنذ نشأة هذا الكيان، لم يتم تفعيل الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة مرة واحدة تجاه الجرائم الإسرائيلية. حتى محكمة العدل الدولية، التي أدانت نتنياهو ورفاقه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أصبحت محل مساءلة من واشنطن، ففقدت هي وقضاتها حصانتهم.
تحريك المياه الراكدة
على الرغم من هذا الجمود، بدأت المياه الراكدة تتحرك. هناك حراك عالمي متزايد للاعتراف بدولة فلسطين، خاصة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما أن مؤتمر الدوحة، الذي جمع دول الجامعة العربية والعالم الإسلامي ودول الخليج، كان له خطوة مهمة، خصوصاً بعد الرسالة القوية التي وجهها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإسرائيل، مؤكداً أن أمنها مرتبط بحل القضية الفلسطينية.
كل هذه الخطوات إيجابية، ولكن الأهم من ذلك هو البحث عن مجموعات ضغط فاعلة على صانعي القرار في الولايات المتحدة. فمن خلال الدراسة، يتضح أن اللوبي اليهودي أو الصهيوني له تأثير كبير على صناعة القرار في الكونغرس والبيت الأبيض، بفضل ما يملكه من أموال ومؤسسات ضخمة ومؤثرة على الاقتصاد الأمريكي.
مواجهة الدعاية المضللة
لا يمكن إنكار قوة هذا اللوبي، ولكن يمكن تغيير الأفكار المضللة التي تصل إليه من حكومة نتنياهو، ووزرائه شديدي التطرف، مثل بن غفير وسموتريتش. هؤلاء يصدرون للعالم فكرة أن العرب يريدون القضاء على إسرائيل واقتلاعها من أرض فلسطين، وأنها “زرعت بالخطأ” على هذه الأرض. هذه الأفكار هي ما تصل للوبي اليهودي، الذي بدوره يترجمها إلى ضغوط على متخذي القرار في أمريكا.
السؤال هنا: ما الذي يمكن فعله لوقف هذا الضغط أو تغيير هذا المفهوم؟
بالطبع، التحرك الحكومي قد لا يكون مقبولاً من هذا اللوبي بسبب تضارب المصالح. لكن، رأيي أن الدول العربية، خاصة الخليجية التي تمتلك المال الوفير، يمكنها تشكيل “لوبي عربي” غير رسمي. يجب أن يتكون هذا اللوبي من الحقوقيين والمفكرين والمثقفين المهتمين بالقضية الفلسطينية.
دور اللوبي العربي المقترح
هذا اللوبي يجب أن يسافر إلى أمريكا ويعقد اجتماعات مع اللوبي اليهودي هناك، لإقناعهم بتغيير الفكرة المتطرفة التي يروجها نتنياهو. يجب أن يوضح أن الفلسطينيين لا يريدون اقتلاع إسرائيل و”رميها في البحر”، بل يسعون إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة بجوارها.
عندما يحدث هذا، يمكننا القول إن “حكومة الدم” ستُفضح وتُعرى، ولن تجد من يدعمها.
المستشار نجيب جبرائيل
رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان
القاهرة، الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠٢٥