حلة المحشى بقلم: رانيا كمال العربى
حلة المحشى بقلم: رانيا كمال العربى
كنت اول جوازى لا احب ولا اجيد اعداد المحشى، وابحث عن البدائل له فى اى عزومة، كنت اشعر عندما انظر للكرنبة بانها شئ اكبر من قدراتى ومن صبري ..اشعر انها شئ صعب وربما خارق !! عندما كنت ارى سعادة احدهم عند علمه بان الغداء هو محشى استغرب من مبالغته حتى قررت ان اجربه، وجربت هذا الشعور وهذه الفرحة..
وفى احد الايام كنت اشعر بالملل والاكتئاب فهرعت الى اقرب كرنبة وقمت بسلقها واتجهت للكوسة وقورتها وشعرت وانا اقورها وافرغها من محتوياتها بأنى افرغ راسى هى الاخرى من جميع الافكار السلبية السخيفة، ومع تقطيع الخضرة تقطيع دقيق استجمعت انتباهى وتركيزى وصرفت تفكيرى عن اى امور تافهة.. وقمت بعد ذلك بلف صوابع المحشي وبحشو الكوسة وحشو رأسي معهم بافكار جديدة منظمة وخطط مستقبلية مليئة بالارز والخضرة والامل، وتذكرت مقولة: اذا كنت تفكر جيدا فانت تطبخ جيدا..!!ووضعت المحشي عالنار وغطيته بالشوربة ثم سويته على نار هادئة، مثلما احتاج بالضبط فى هذه الفترة (الهدوء والتركيز والتفكير بدقة) لاخذ قرارات صحيحة لا اندم عليها لاحقا ، فاغلب قراراتى الاخيرة كانت خاطئة ومتعجلة ، وسرحت قليلا فى اخر قرار صائب اتخذته وهو ترك العمل فى احدى مواقع الصحافة عندما ادركت انهم لا يهتمون بمضمون المقالات قدر اهتمامهم بزيادة رواد الموقع حتى لو عن طريق عناوين كاذبة !!
وشعرت بالفخر لهذا القرار الجرئ ونسيت بقية قراراتى المتعجلة ،
وتذكرت امى التى تحب المحشى ولكنها لا تطبخه ابدا،ربما لانه يحتاج لروقان شديد تفتقده امى الجميلة المستعجلة ذات الايقاع السريع جدا..
وربما انا اشبهها كثيرا فى ذلك الامر..!!
ولكن اعداد حلة محشى جميلة منظمة بالطبع سوف يؤثر على تفكير الشخص وقراراته ونظرته لبعض الامور..ستدرك انه لا يوجد شئ صعب وان اجتياز الصعب شئ ممتع..
وجلست مع اسرتى فى لهفة شديدة وترقب وفرحة وقمنا بتجهيز البيت استقبالا لحلة المحشي المبجلة
وتذكرت الحكمة التى تقول أن : الطعام الذي يتم إعداده بشكل خيالي ومحبة ، ويؤكل مع صحبة جيدة ، يدفئ الوجود. ( اعتقد هذه الحكمة مناسبة تماما لحلة محشى تؤكل فى عز البرد و رائحتها تملأ المنزل بالبهجة والدفء)