حموات لم يعدن فاتنات
نعم حماوات لم تعدن فاتنات ،
وإنما صرن مدمرات مخربات ….
كثيرا ما صورت السينما المصرية دور الحموات في تشويه شكل العلاقات، وإثارة الفتن والمكائد التي غالبا ما يكون مغزاها قلب نظام الحكم بالأسرة
أو بالأصح
تعديل سلوك إبنها الوديع الذي صار مُستَغلاً مسيساً ومشفوطاً إن صح التعبير باللغة الدارجة
وفي المقابل
صورت الزوجة المسيطرة المُستغِلة لزوجها
المسيئة لأهله التي تهينه وتتمرد عليه ،
ولكن
لم يرد أي عمل درامي يصور أن هذه السيدة غالبا ما تكون هي تلك ..
نعم مع القليل من التركيز والإنتباه لتسلسل الأحداث تجد الزوجة السابق ذكرها غالبا ما تتطور لشكل شنيع من أشكال الحموات محاولة في ذلك مزيد من فرض السيطرة وإحتواء الوضع الجديد،
الذي أدخل على حياتها الكثير من المتغيرات التي تتعلق بخروج إبنها من تحت سطوتها وإستقلاله في بيت جديد ،
وإرتياده حياة جديدة مع زوجة -غالبا ما يكون حاول في إنتقائها -ألا تشبه أمه التي أسهبت في إهانة والده
وطمس شخصيته أمام أبنائه حتى انقسموا بين مهمشين له ،وبين آسين على حاله، ومتعاطفين لشكواه
وهذه المعطيات تتجاهل غالبا في طياتها متعلقات أخرى لشخصية العروس المسكينة التي دخلت إلى الفخ الزوجي المزركش بالورود الصناعية ولايبدو فيه من العيوب سوى إحتمال وحيد مؤلم
(بس هو أمه صعبة شوية)
وبالطبع لن يكون هذا سببا في افساد مشروع الزيجة إلا إذا كانت الحماة غير حويطة بالقدر الكافي في فترة الخطوبة بينما غالبا مايحدث هو العكس تماما :لابد وأن تتمالك نفسها قليلا كي تبدو في حُلة الأم العطوف وخاصة إن إنتقائا و إبنها غالبا ما سيكون لقطة كما يقولون
– إن لم يكن بقصد إخضاعها-فسيكون كنوع من أنواع الإنجذاب للضد.
وتبدأ بمجرد الزواج أنف كبير تدخل إلى قفص الزوجية بليونة ولزوجة وحنية
وربما
وهذا في الأغلب لا تفطن لها الزوجة الننوسة التي لا تزال مبتهجة لعريسها الذى غدا لها زوجا وصار لها حضنه مآلا وتحلم بإسعاده والتفاني من أجله وفي المقابل تنتظر وعوده التي بدت جلية أثناء فترة الخطوبة وما قبلها
من كونه سيسعدها ويحلي أيامها حتى يمتلئ عشهم الجديد بالسعادة والوفاق ….ولكن قد يبدو الأمر مختلفا من وجهه آخرين.
الواد عايش في دور العريس والبت مش سهلة وأنا إبني عارفاه وعجناه وخبزاه…حيبقى عجينة في إيدها خصوصا إن أمها حرباية وأكيد حتكون بنتها طالعالها…..بس أكيد أنا مش حقعد أتفرج لما البت وأمها تئلش الواد.
وهكذا تبدأ الصورة تتضح والزيجة وملحقالتها تبدوا وقد إكتمل بروازها ولا تزال المسكينة الملبوخة بالزواج وتبعاته من إلتزامات جديدة ولم تكن تحسب لها أي حساب فجأة هناك رجل يطالبها وعليها أن ترضيه لتوذ باستمرار حبه وحفاوته بوجودها في حياته وربما تصبح أما عن قريب فلابد زأن تكون أهلا لذلك وتثبت لأهلها أنهم إستطاعوا أن يربوا
وها هي ذا ثمرة جهودهم .
بينما يكون العريس غارقا بحلاوة الزواج ولذة أن تكون له حبيبة تنتظر طلته البهية وهي مزدانة بأحلى الثياب تفوح عطرا وزينة بعد يوم عمل يعود ليجدها بجانبه وفي يدها أشهى أكلة تعلمتها في بيت أهلها.
وفجأة يقرع الباب على العروسين
وتدخل الحماة وربما بيها أبنتها وزوجها لتبدأ المرحلة الأولى من الإنقضاض
وتنظر إلى العروس المرتبكة قائلة :
جينا في وقت مش مناسب أبوك كان بيفكر يتصل بس أنا قلت له بيت إبني مش محتاجة إذن عشان أزوره مش كدة ولا إيه يا ولاد….
وطبعا يدفع الإبن المذهول بالطلعة الأولى قائلا
طبعا طبعا يا ماما ودي عايزة كلام بيتك ومطرحك.
بينما تكون العروس الصغيرة بين إحراج وإرتباك تبحث عن شال يغطي أكتافها التي لا تزال مزدانه بالتاتو الخاص بالعرس وهي تكتم غيظها للإفساد المفاجىء لكل مخططات الدلع التي قد أعدتها وربما لا يشعر أحدا بذلك غير واحدة فقط إستطاعت أن تتكهن به وتفسده قبل أن يشرع بالبدء بحجة
(وحشتوني وقلت آجي أشوفكم محتاجين حاجة) .
لن أكون قاسية إذ أوردت مثل هذه الأمثلة الدارجة والمشهورة لبدايات الزيجات التي تبرز دور الحماة السخيف ومداخلها المبدئية لإرتياد بيت إبنها
ومحاولاتها حول اقتحام خصوصية الزوجين ربما منذ شهر العسل
ربما تتوالى المواقف حول تيجوا تفطروا عندي بكرة …
وبلاش تندلق كدة على أهل مراتك ….
وناهيك إذا حملت بطفل من وصايا الحموات حول صحتها وما يجب أن تفعل ولا تفعل حرصا على الحفيد المستقبلي
الذي بمجرد تشريفه للحياه يصبح حجة أقوى لتدخلها مرة في رضاعة وأخرى في نومه وثالثة في تواجده وفجأة تتحول الزوجة المسكينة لما هو أشبه بخادمة البيه وأبنه والحماة بمثابة ربة الأسرة
الآمر الناهي في البيتين …
هذا مع الأخذ في الإعتبار أن الزوجة المسكينة تكون بالفعل لا تزال تائهه بين المسئوليات المتتالية التي تتجدد وتتزايد بشكل متلاحق وسريع يفوق توقعاتها وربما إمكانياتها التي تتطلب منها تركيز وتدريب وتقبل وربما مساعدات خارجية
وكذلك الزوج الذي يبدو فزعا مما أصاب زوجته من تغير وربما كآبة
ويبدو مضطربا بعض الشيء فيصبح فريسة سهلة لوسواس الأم:
عيني عليك يا أبني …
ماكانش ليك الغلب ده…
ما تبان البضاعة غير بعد الخلف والرضاعة…..
مالحقتش تتهنا……
إلخ
بناء بيت وتكوين أسرة ليس بالأمر السهل وأصعب سنين الزواج هي الأولى والتي يتم فيها بدايات فهم واستيعاب حقيقي لطباع الزوجين وإرساء للمبادىء والقواعد التي ستؤسَس عليها الأسرة والعائلة الصغيرة …
والزوجين في حاجة للدعم والمساعدة من الأهل والمقربين من أجل إنجاح هذا المشروع العظيم الذي شرعه الله عز وجل وخلق الخلق من أجله .
فلنكن أمناء مع أبنائنا وناصح أمين فقط عندما يطلب منا ذلك لا بفرض وصاية عليهم ولنتذكر أن إخفاقاتنا في علاقاتنا الزوجية أو حتى نجاحاتنا هم ليسوا مسئولين عنها وليسوا مطالبون بأن يحذوا حذوها وكفانا حلقات مفرغة لن تؤدي سوى لمزيد من التشتت والإخفاق.
عزيزي الزوج
لقد أكرمك الله بزوجة جعلها الله لك سكنا ،وصرت من لحظة إعلانكما لهذه الزيجة جسدين على قلب واحد …
كانت عزيزة كريمة في بيت أهلها ،
وصارت إليك برضاها وإنفصلت عنهم لتسكن حصنك أنت راجية منك الحب والمودة والرحمة التى فرضها الله عليك فحافظ عليها ولا تخزلها ولا تعيدها لأهلها منكسرة يوما وعاملها بما يمليه عيك الضميروبما ترتضيه لأختك وأبنتك مستقبلا.فكما تدين تدان.
عزيزتي أم الزوج:
لقد أتممت مهمتك على أكمل وجه وصار ابنك رجلا ،وهو قادر الآن على إدارة شئونه والقيام بالدور الذي وكل به وإن لم يكن كذلك فإخفاقاتك وذلاتك في تربيته سوف تتكبدها زوجة مسكينه لم تزل صغيرة وصبية فأعينيها ولا تعنيه عليها وإن لرأيت منها ما يغضبك
غضي النظر عنه كما تفعلين مع إبنتك لتكسبين ثقتها ومحبتها في مستقبل قريب.
عزيزتي الزوجه
قد وكلت مهمة صعبة أنت جديرة بها ستكونين لرجل تظنين نفسك تعرفينه ،وفي الحقيقة أنه لم يتضح بعد فكوني قوية صبورة حنونة وتذكري أنك ستكونين عونه على الحياة وسنده الذي يتكىء إليه ..
يريدك معشوقته حينا وأمه أحيانا وصديقه المخلص كل وقت ولكل رجل بصمة لا تعرفها إلا زوجته ،وظلماته لها مداخل أنت وحدك من سيكتشفها لتنقلع ويتجلى النور الذي بداخله فلا تدعيه يتفلت لغيرك باحثا عن مرتجاه واعلمي أن الزواج محطات ومراحل لكل مرحلة جمالها ومعاناتها وتلك هي الحياه
فعيشيها واستبشري بكل الخير
وتذكري أن الجمال يزول والذكاء يدوم
فكوني حسنائه الذكية
وتمتعي بدوام الهناء والسعادة.
نيروز الطنبولي