حوار مع عالم التنوير الدكتور محمدحسن كامل
استغرق الإعداد للحوار معه فترة ليست بالقصيرة من البحث هنا وهناك، لم يكن سهلاً الوصول إلى أعماق فكره، فشخصيته المتنوعة الشاملة فتحت عديداً من الأبواب التي طرقناها جميعاً لنجد أمامنا بحراً لا ينتهي من المعلومات والقصص والإنجازات…
رغم انتقاله إلى باريس في بداية ثمانينيات القرن الماضي لمواصلة الدراسة فإن ابن شاطئ الإسكندرية لا ينسى أبداً خطواته الأولى على درج العلم الذي لا ينتهي، إنه المفكر الموسوعي العالمي بروفيسور د.محمد حسن كامل، رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب ورئيس اتحاد سفراء فوق العادة:
ولادتي مع ذكرى وطنية
* ماذا عن النشأة؟ متى ولدت وأين تربيت؟
– تنفس الفجر في يوم من أيام الخريف، في يوم 30 سبتمبر 1956 التقطت أنفاسي الأولى في الحياة في الساعة الخامسة والنصف صباحاً في مستشفى الشاطبي بالإسكندرية الذي يطل على كورنيش الإسكندرية، لم يمر شهر حتى كان العدوان الثلاثي على مصر في 29 أكتوبر 1956 الذي خرجت منه مصر منتصرة مرفوعة الرأس، يبدو أني كنت من حسن الطالع أني وُلِدت في تلك الحقبة، عشت في مدينتي الحبيبة الإسكندرية، فكم لعبت ورتعتُ فيها، وأنفقت طفولتي على شاطئها الساحر، تلك النشأة التي منحتني نافذة جيدة من نوافذ الفضاء الشاسع الواسع مد البصر، ولا سيما حينما يتلاشى خط الأفق بين السماء وصفحة الماء، وتنمو في ذهني صفحة الخيال بلاد حدود ولا سدود، هذا الخيال الرحب والخصب جعلني متمرداً على نمط التفكير لدى أترابي من الأطفال والصبية، شروق الشمس يبعث في نفسي الأمل، أما غروبها وكأنها عروس تجر ذيلها من الشفق الوردي الأحمر وتغيب رويداً رويداً وراء الأفق… هكذا كانت طفولتي.
* ماذا عن والديك؟
– كان أبي – رحمه الله – من رجال القانون، وكان شاعراً وأديباً ومفكراً، وكان لديه صالون فكري في منزلنا يُسمى ب«صالون الخميس»، كنت أُعفى من المذاكرة في مساء الخميس مقابل خدمة الضيوف، بتقديم المشروبات وقطع الحلوى أو أصناف وألوان الفواكه المختلفة والكعك، كان جسدي النحيل يتحول إلى أذن صاغية واعية ترصد كل ما يقوله الكبار في «صالون الخميس»، كانت متعة ليس بعدها متعة شاركت في بناء الوعي الفكري والثقافي عندي ومن ثم سبقت أترابي من الصبية في الفكر والتأمل والتدبر، فضلاً عن النضج المبكر الذي جعلني أن أختار أصدقائي دائماً من الكبار.
أمي رحمها الله كانت سيدة منزل لم تعمل ولكنها كانت تدير أمور أسرتنا وتراقبنا في كل كبيرة وصغيرة، وكانت عطوفة تدافع عنا في أوقات الأزمات، وأيضاً كريمة بما كانت تقدمه لنا من مكافآت وما تصنعه لنا من حلويات، تعلمت منها فن السرد والقصص والروايات والحكايات خاصة حكايات «ألف ليلة وليلة» التي كنت أنام كل ليلة على قصة منها، في «صالون الخميس» سمعت عن رواد عصر النهضة وحكايات عن أسرة محمد علي، وثورة 1919 وسمعت عن حرب 1948 وقيام ثورة يوليو 1952، طفولتي كانت زاخرة بأحداث جسام وسطور عظام عن مصر الحبيبة.
* وماذا عن إخوتك؟
– أنا الأوسط، أخي الأكبر أستاذ دكتور في الهندسة ورئيس قسم في الهندسة المعمارية في إحدى كليات الهندسة في مصر، وهو صاحب إعادة تصميم ميدان التحرير بالقاهرة، هكذا كانت أطروحة الدكتوراه التي حصل عليها من جلاسجو بإنجلترا، وهو كذلك استشاري في كثير من المشروعات الكبرى، يكبرني بعامين، شغل عميداً لإحدى أكاديميات الهندسة في مصر، إنه معجزة رياضية لقد كان يحفظ الجداول الرياضية في الرياضيات البحتة، وهو أب لمهندسين مهندس معماري وآخر إنشائي وشابة في الثانوية العامة.
أما أختي فهي تصغرني بست سنوات وهي أستاذة لغة عربية، حصلت على شهادة العالمية من الأزهر في قسم اللغة العربية بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف، تحفظ ألفية ابن مالك وشرح ابن عقيل قاضي القضاة المصري، أم لمهندس ومهندسة وطبيبة والأخيرة في الثانوية العامة.
في جوار البحر
* ما الذي تتذكره من مرحلة الطفولة؟
– كان منزلنا على بُعد خطوات معدودة من شاطئ البحر الذي كان صديقاً لي، شهد طفولتي الناعمة بين رياضة السباحة وهواية صيد الأسماك لدرجة الاحتراف ولا سيما في العطلة الصيفية، أتذكر أول وظيفة توليتها أثناء طفولتي، أمين مكتبة متطوع مجاناً بدون مرتب، فكرت مع أطفال الحي عمل مكتبة يضع فيها الأطفال كتبهم وإعداد كشوف للاستعارة لكل المشاركين وبالتالي كانت تطوف الكتب والمجلات كل البيوت، كنت أتمتع بقراءة كل جديد من الكتب والمجلات، فضلاً عن المناقشة والحوار عن كبار الكتاب والمثقفين ونحن أطفال المدارس الابتدائية، كنت أحب تربية دود القز وأراقب أطوار حياتها، فضلاً عن زراعة البقوليات، أتذكر أني صنعت أول آلة سينما بعدسات وبكرات الخيط تدور عليها شرائط أفلام نيجاتف يوفرها لي صاحب ستوديو بشارعنا، أما صناعة الصابون كنت أحاول صناعته من البوتاسيوم والزيوت، لم أنس براعتي في صناعة الطائرات الورقية التي تحلق باسمي المكتوب على علم مصر في الفضاء.
* كيف كانت خطواتك الأولى في مراحل التعليم؟
– لم تظهر عندي علامات التفوق في بداية دراستي لأني أحاول أن أفهم أولاً، عقلي كان يناقش ويشاكس كل معلومة، إن لم أفهم لن أحفظ! كان التعليم في أيامنا يعتمد على الواجبات الكثيرة والحفظ، ومن ناحية أخرى لغة العقاب والعصا الغليظة، المهم تحفظ دون أن تفهم، كرهت كل شيء تفوقت فيه لاحقاً، أتذكر وأنا في الصف الثاني الابتدائي أمرنا مدرس اللغة العربية كتابة درس في القراءة عشرة مرات، وكان درساً سخيفاً، استخدمت أوراق الكربون للنسخ عدة نسخ، واكتشف المدرس الحيلة، فكان العقابُ مضاعفاً من أبي ومن أستاذي. كنت محاوراً ومناقشاً جيداً الأمر الذي يجعل أساتذتي يطردوني خارج الفصل.
* كم كان مصروفك حينها في المدرسة؟
– في المرحلة الابتدائية أتذكر كان مصروفي يومياً قرش صاغ واحد فقط لا غير، ولكن القرش كان له مكانة وعلامة وقامة وهامة وقدرة ساحرة، أما في حالة الحصول على علامات جيدة أو شهادة الشهر دون دوائر حمراء (كعك) كانت هناك مكافأة سخية لهذا التفوق والنادر الحدوث!
أساتذتي وزملائي
* من من أساتذة المدرسة مازلتِ تتذكرهم حتى الآن؟
– أتذكر أول مُدرسة لي علمتني القراءة والكتابة في الصف الأول الابتدائي هي أبلة ذكية، أتذكر الأستاذ فخري مدرس الحساب والأستاذ عبد الرحمن مدرس المواد الاجتماعية، أما مدرس العلوم الأستاذ عبد الجبار، ومدرس الموسيقى الأستاذ عبد السلام، والتربية الرياضية كان الأستاذ عاصم، ما زلت أتذكرهم بالاسم واحداً تلو الآخر.
* وهل لديك أصدقاء من أيام المدرسة؟
– الآن صعب أن أعثر على أحد منهم، ولا سيما بعد سفري وإقامتي في باريس مدة طويلة، واستقلال زملائي بحياتهم الخاصة وربما تنقلاتهم في المحافظات والأقاليم والبعض هاجر خارج حدود الوطن.
* ما الحكمة التي لا تنساها لوالديك؟
– الوصول إلى صيغة السؤال أبلغ من الإجابة عليه. العبقرية في طرح السؤال قبل البحث عن الإجابة.
* ما أعظم هدية تلقيتها؟
– كانت من والدي -رحمه الله- في عيد ميلادي التاسع، أهداني والدي مظروفاً مغلقاً وطلب مني أن لا أفتحه إلا بعد صلاة العشاء، حاولت أن أتخيل مبلغاً محترماً من المال، وفتحت المظروف وكانت الطامة الكبرى فلم أجد قرشاً واحداً ولكن وجدتُ خطاباً قال فيه: لم أعطيك مالاً يا ولدي ولكن أهديك أغلى من المال، أهديك الموظفين التسعة الذين يعملون معك بدون أجر طوال حياتك وبكل اللغات، بل يمكن تورثهم لأولادك وأحفادك هؤلاء هم يا ولدي: (ما، ماذا، لماذا، منْ، متى، أين، كم، كيف، هل) أشهر أدوات الاستفهام استخداماً في الحياة تعّلم يا بُني فن صياغة السؤال، لتصل إلى العبقرية العباقرة هم القادرون على طرح نفائس الأسئلة.
تبدل موقفي من اللغة
* متى بدأت تستهويك فكرة الكتابة؟
– حينما كنت في المدرسة الثانوية، كان لي أستاذ رائع بشرته سمراء من محافظة أسوان، الأستاذ عبد الرحمن الذي جعلني أعشق اللغة العربية بعد أن خاصمتها في طفولتي بسبب غلظة مدرسي في المرحلة الابتدائية بكثرة الواجب والحفظ دون فهم وكان هذا يتعارض مع تفكيري، أما في المرحلة الثانوية كنت في مرحلة المراهقة، وبدأت أكتب بعض خواطري، وأعرضها على أستاذي الذي كان يصوب لي أخطائي، ويناقشني فيما أكتب، مازلت أحتفظ بكراستي التي بدأت أسطر فيها أولى محاولتي للكتابة، تلك الكراسة سجلت بالتأكيد شهادة على العصر في تلك الحقبة التاريخية من حياتي ولا سيما قد تخصصت لاحقاً في دراسة الأدب العربي وتاريخه وعلومه ومدارسه المختلفة على مر العصور، وبدأت بعد ذلك دراسة الأدب العالمي بالفرنسية والإنجليزية ومؤخراً بالرومانية.
* متى فكرت في السفر إلى باريس للدراسة في جامعة السوربون؟
– مما لا شك فيه أن حياة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين كانت قدوة لي بكل المقاييس، هذا الرجل الذي رأى بالبصيرة قبل البصر حكمة الحياة، وتتجلى عبقريته في تحول قلمه إلى ريشة ترسم وتستخدم الألوان والمسافات والظلال قبل الحروف، ضرير يرسم أروع لوحات الفن التشكيلي في العالم بالحروف، فضلاً على أنه عازف للموسيقى العالمية عبر مقطوعاته الأدبية، أردت أن أقتفي خطوات هذا العبقري، وبدأت رحلتي لدراسة اللغة الفرنسية والأدب والتاريخ والحضارة الفرنسية في المركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية، أنفقت عامين في التحضير للالتحاق بجامعة باريس حتى وطأت قدماي عاصمة النور باريس في 29 أغسطس 1981.
الأدب والفن
* لماذا فكرت في التخصص في علم الأدب المقارن والعلوم القرآنية؟
– دراسة علم الأدب المقارن دراسة في منتهى الأهمية، إذا أردت أن تدرك عظمة شعب لابد أن تقفز من نافذة الأدب والفن، لأنهما يقدمان شهادة على العصر بكل ما فيه من فكر وعلم وسياسة واقتصاد وسلم وحرب.. كل شيء، الأدب والفن يقدمان شهادة فطرية على مدى تلاقي أو تنافر الشعوب، وبين مصر وفرنسا زيجة ثقافية وتلقيح ثقافي لا ينفصم، تخصصت في دراسة الأدب الفرنسي والعربي في بداية القرن الثامن عشر الذي صاحب عصر التنوير في فرنسا وأيضاً عصر بناء دولة مصر الحديثة مع تولي محمد على حكم مصر في 1805، ومن ثم كانت دراسة رائعة في تلك الحقبة الغنية ولاسيما بعد إرسال محمد علي الإرساليات لنقل التحديث من أوروبا خاصة من فرنسا، أما دراسة العلوم القرآنية جاءت من خلال المخزون الثقافي والفكري والعلمي وطرح أسئلة جديدة على مائدة الحوار العلمي والمنطقي، هذا المخزون جعلني أدرس القرآن بالهندسة والجبر وحساب المثلثات والفيزياء والكيمياء، هذا المنحى الدراسي الجديد جاء بعد أن زهدت كل ماديات الحياة في باريس، وبدأت رحلة التأمل والبحث عن سر الكون وسر الخلق وعظمة الخالق الأعظم الله الواحد الأحد.
* من المعروف أنك أول من استخدم مثلث فيثاغورس في القرآن الكريم، كيف وما النتائج التي أثبتها من خلال هذا البحث العلمي الفريد من نوعه في العالم؟
– قبل البدء في الإجابة أود التنبيه أن المعلومات قد لا نحسن قراءتها جيداً وبالتالي قد لا نصل إلى الإبداع أو العبقرية. كل ما استخدمته معلومات مطروحة كلنا نعرفها ولكن لم ولن نراها.
الفكرة في منتهى البساطة: القرآن يبدأ بأول آية في الفاتحة: (بسم الله الرحمن الرحيم) = 19 حرفاً وآخر آية في القرآن في سورة الناس (من الجنة والناس) = 13 حرفاً، يعني القرآن من البداية إلى النهاية بتمثيل الضلعين 19، 13 على المثلث القائم الزاوية وبتطبيق منطوق فيثاغورس المربع المنشأ على الوتر يكافئ مجموع المربعين الآخرين.
نفرض أن أب = 19
وب ج = 13
إذن مربع ا ج = اب × أب + ب ج × ب ج
19 × 19 + 13 × 13= 361 + 169 = 530
الجذر التربيعي للرقم 530 = 23.0217289
وهذا الرقم بالتقريب = 23 عدد سنوات نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. هذا جزء بسيط من هذا البحث.
* ما اللغات التي تجيد التحدث بها؟
– الفرنسية والإنجليزية والرومانية إضافة إلى اللغة العربية.
بدايات العمل الرسمي
* ماذا كانت أول وظيفة لك؟
– مدرس لغة عربية لأبناء الجالية العربية في المدرسة الدولية بباريس.
* كيف التحقت بالعمل لدى البعثة الدبلوماسية المصرية بباريس؟
– رشحني سفير مصر السابق بفرنسا الدكتور سمير صفوت للعمل في البعثة الدبلوماسية، وتصادف وجود الدكتور عصمت عبد المجيد رحمه الله وزير الخارجية في تلك الحقبة، وتمت المقابلة بيني وبينه وأصدر قراراً بتعييني مباشرة في البعثة الدبلوماسية المصرية بباريس ودخلت في دائرة الضوء التي لم أكن أعرف عنها شيئاً.
* حدثنا عن تجربة العمل في وزارة الخارجية المصرية؟
– العمل في وزارة الخارجية المصرية ليس باليسير ولا بالسهل، ينقسم إلى فروع شتى منها العمل الدبلوماسي وهو بحث العلاقات المصرية مع فرنسا ودول العالم ورعاية المصالح المشتركة، والآخر العمل القنصلي ورعاية مصالح الجالية المصرية في فرنسا فضلًا عن الخدمات التي يقدمها المكتب التجاري والثقافي والطبي والإعلامي والسياحي. وكل تلك المكاتب تمثل الوزارات المختلفة في مصر، ببساطة شديدة السفارة ومكاتبها تمثل الدولة كلها في الخارج.
* ماذا عن الزوجة والأبناء؟
– الزوجة بروفيسورة في البايولوجي، تتحدث الفرنسية والإنجليزية والرومانية والإيطالية وقليلاً من العربية، لدي بنتان الكبرى حاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة باريس ومتزوجة من طبيب أسنان، الثانية ليسانس حقوق من جامعة باريس، فرنسيات الجنسية، ولدي ثالثة في رحمة الله.
* وما أبرز أعمالك؟
– أعمال كثيرة منها تأسيس علم النسبة الذهبية في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ومشروع مشعل التنوير وتطوير العقل العربي حتى أطلق عليّ جوجل رائد التنوير في العصر الحديث، وكتابة القصة العلمية الجديدة بين العلم والأدب، وإنشاء وبناء اتحاد الكتاب والمثقفين العرب حتى أصبح قلعة علمية عالمية، وإنشاء اتحاد سفراء فوق العادة لتسليط الضوء على أصحاب المواهب الذين لم تسلط عليهم الأضواء، وكتابة حلقات يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة وهي تحكي الزيجة الثقافية بين الشرق والغرب من خلال أيام عشتها في تجربتي الباريسية، وإنشاء مدرسة العصف الذهني للفكر الحديث، وإنشاء مدرسة التخيل والعبقرية، وكتبت آلاف المقالات والأبحاث العلمية العالمية الموجودة على جوجل أو الموسوعات العلمية، منحني جوجل لقب (المفكر الموسوعي العالمي) بمجرد كتابة هذه الجملة تجد صوري تتصدر القائمة على مستوى العالم.
* من أكثر الشخصيات التي أثرت في حياتك؟
– النبي محمد – صلى الله عليه وسلم -، العقاد، طه حسين، المازني، الجارم، أحمد أمين، توفيق الحكيم، نهرو، مانديلا، يوسف السباعي، محمد علي، ميتران، فولتير، بلزاك، فيكتور هوجو، توفيق الحكيم، شوقي، نجيب محفوظ، بلقيس، أنور السادات.
* تلقيت «رسالة» من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.. ماذا كانت تتضمن؟
– كانت هدية من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وتعود القصة حينما كنت طفلاً وكنت أقضي إجازة الصيف في شاطئ المعمورة بالإسكندرية بجوار فيلا الرئيس عبد الناصر، صدمتني سيارة مسرعة يقودها شاب هو نجل رئيس هيئة قناة السويس المهندس محمود يونس، وعلم في الحال الرئيس عبد الناصر الذي أصدر تعليماته بنقلي للمستشفى ومتابعة حالتي، وزارني مندوب رئاسة الجمهورية وهو يحمل لي الزهور والهدايا وخطاب من الرئيس يسأل فيه عن صحتي ويتمنى لي الشفاء العاجل.
مع نجيب محفوظ وآخر ملوك مصر
* حدثنا عن حوارك مع الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ.. كيف كان الترتيب له، وما أهم ما تضمنه؟
– بعد حصول أديبنا الكبير نجيب محفوظ على جائزة نوبل، كنت في زيارة لمصر، اتصل بي صديقي الراحل الكاتب نعيم تكلا وطلب مني أن أشرب معه كوباً من الشاي في فندق سان إستيفانو القديم بالإسكندرية، وأبلغني أن هناك ضيفاً يريد أن يراني، سألته عن الضيف قال لي «خليها مفاجأة»، ذهبت في الموعد وجدت نعيم في انتظاري سألته عن الضيف فقال لي «هاهو قادم من بعيد»، وإذا هو أستاذنا نجيب محفوظ، حاورته في حوار نادر بعنوان «من الجمالية إلى نوبل»، الجزء الثاني «مدينة الملاهي أم دائرة المعارف»، والحوار تناول معظم أعماله خاصة رواية أولاد حارتنا، كما تحدثنا عن الرمزية والواقعية في أدب نجيب محفوظ، وحارة نجيب محفوظ بين الحارة الضيقة والعالم الواسع الرحب الفسيح.
* ما كواليس لقائك بالملك أحمد فؤاد الثاني آخر ملوك مصر؟
– كان لقائي بجلالة الملك أحمد فؤاد الثاني آخر ملوك مصر والسودان في حفل استقبال بباريس، وجه الدعوة لي، والتقيت معه عدة مرات في السفارة المصرية، كما كان لي الشرف أن أكتب جواز سفره المصري، بعد أن أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قراراً بعودة الجنسية المصرية لأبناء أسرة محمد علي، كنت في تلك الحقبة أعمل سكرتيراً في قنصلية مصر بباريس.
* ومتى قررت تأسيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب؟ ولماذا فكرت بتلك الفكرة؟
– عملي في السفارة المصرية بباريس جعلني في وسط المطبخ السياسي، ولاسيما جامعة الدول العربية والأمم المتحدة واليونسكو، كنت أطمح أن أسس كياناً على غرار تلك المنظمات ولكن تحت مظلة الثقافة، وبدأت في تنفيذ الفكرة ونحن على أبواب السنة العاشرة من وضع حجر الأساس، أتذكر يوماً وقفت فيه على منصة اليونسكو الشهيرة بباريس قائلاً: «ما تفسده السياسة تُصلحه الفنون والثقافة»، الآن اتحاد الكتاب والمثقفين العرب أشبه بجامعة الدول العربية يضم أعضاء من العالم كله في شتى مجالات الثقافة والفكر والفن والإبداع.
علم جديد
* ما علم النسبة الذهبية في الآيات القرآنية الذي تحدثت عنه من قبل؟
– النسبة الذهبية ثابت رياضي = 1.6180
وهي نسبة تحديد أجمل نقطة تحدد الجمال في كل شيء، استخدمها الله في خلق الكون في أوراق الشجر، الزهور، في خلق الإنسان، واستخدمها الإنسان في بناء الأهرامات والمعابد، حتى الفن، استخدمها دافنشي في الموناليزا، أتمنى من السادة القراء البحث عنها على الإنترنت، استخدمتها لاستخراج نقط ثلاث من كل آية من آيات القرآن الكريم تلك النقاط هي: «نقطة الجلال والكمال والجمال في النص القرآني والحديث النبوي»، وهذا علم يسلط بقع ضوئية على بعض كلمات القرآن تجعلنا نرى فيه إعجازاً علمياً جديداً.
* ما الذي تضمنته رسالتك للدكتوراه التي حصلت عليها من ألمانيا؟
– تلك هي الدكتوراه الثالثة وكانت في الإعلام، وهي تتحدث عن تاريخ الإعلام في العصور القديمة حتى عصرنا هذا، وهي تسلط الضوء على دور الإعلام المعاصر في التنمية.
* متى تم تعيينك سفيراً للسلام في فيدرالية السلام العالمي التابعة للأمم المتحدة؟
– كان صباح يوم من أيام الشتاء القارصة في شهر يناير 2006، حينما مزق صوت الهاتف المحمول السكون، كان المتحدث لا أعرفه، حدثني بالفرنسية وقال لي إنه من فيدرالية السلام العالمي التابعة للأمم المتحدة، وأبلغني أني مرشح بتكريم الفيدرالية بلقب سفير السلام العالمي تم الترشيح من 26 مليون مهاجر في فرنسا، اعتبرت الموضوع دعابة من شخص يريد أن يداعبني، رغم أن لي نشاطاً كبيراً في إفريقيا حينما أسست جمعية «تحيا إفريقيا» في فرنسا، ومرت الأيام وكنت أستعد للسفر لأداء فريضة الحج، هاتفني نفس الشخص وأبلغني فوزي باللقب، وأن هناك حفلاً سيقام خصيصاً لهذه المناسبة في إحدى قاعات الاحتفالات في منظمة اليونسكو بباريس، وبالفعل تم الاحتفال بي وتسلمت القرار في احتفال عالمي رائع يرفع اسم مصر عالياً، وكان نشاطي في خدمة إفريقيا وجمع الدواء والملابس والغذاء لمساعدة أبناء القارة السمراء سبباً لهذا الفوز.
* ما تفاصيل طلب الجامعات العراقية تدريس أبحاثك الخاصة؟
– تلقيت طلباً من أساتذة من جامعة البصرة تطلب مني الموافقة على الاستعانة بأبحاثي ومقالاتي لتدريسها في درجات الماجستير والدكتوراه، طلبت منهم إعداد بروتوكول تعاون بيني وبينهم وجارٍ اختيار المواد المقرر تدريسها هناك.
* وما الذي تفعله الآن في باريس؟
– لدي عمل خاص لي في باريس، فضلاً عن إدارتي لاتحاد الكتاب والمثقفين العرب، فضلاً أن وجودي مهم على الساحة الثقافية الفكرية العالمية.
* هل ستعود لمصر من جديد؟
– لم أرحل من مصر حتى أعود إليها، سهولة التواصل بالعالم كله يجعلك في مكانك وفي بلدك، أنا أعيش بمصر بكل فكري ووجداني وفكري، فقط أقيم بجسدي فقط في أوروبا، في الماضي كانت الغربة غربة بالمعني الصحيح لصعوبة التواصل مع الأهل مع ارتفاع الأسعار، الآن لا غربة ولا غريب في حضن تكنولوجيا التواصل الذي جعل العالم قرية صغيرة يمكن أن تحفظها في جيبك عن طريق المحمول.
الأفراح والأتراح
* لو عاد بك الزمن مرة أخرى، هل ستسلك مسارك نفسه؟ وهل ستغير شيء من الماضي؟
– هذا قضاء وقدر من الله، الرضا أعظم درجات العبادة، لقد رضيت بكل شيء، مشوار حياتي مليء بالأفراح والأتراح، والفشل والنجاح، بكل المتناقضات التي جعلتني أتساءل عن فلسفة الوجود والبحث عن الله الواحد المعبود الذي وجدته في كل الوجود.
* ما الذي تتمنى تحقيقه مستقبلًا؟
– أتمنى أن أنشر ما أفاء الله به عليّ من علم ومعرفة، لأني أدرك أن العلم عمرٌ آخر للإنسان، أقول العلماء لا يموتون ولكن يرحلون، لا يموتون بما خلّفوه من علم ومعرفة، والعلماء بلا شك ورثة الأنبياء.
* ما أهم درس علمته لك الحياة؟
– عدم القنوط واليأس من رحمة الله كما قال الله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»، لقد ذُكرت كلمة تقنطوا في القرآن مرة واحدة فقط في صيغة النفي لأنها الملاذ والملجأ إلى الله… هذا أعظم وأهم درس تعلمته من الحياة. مؤسسة اليمامة : قلم / الصحفي حسين البدوي