خالد فؤاد يكتب / إعترافات الموسيقار محمد عبدالوهاب بإفطاره وسر بكاءه في رمضان

خالد فؤاد يكتب /

إعترافات الموسيقار محمد عبدالوهاب بإفطاره وسر بكاءه في رمضان

– سر غضب أسرته منه بسبب اتجاهة للموسيقي بعد أن كان مؤذنا بالمساجد .

– أسباب اكثاره من الإبتهالات والأغاني الدينية في أيامه الأخيرة .

– كان يسعى لتلحين القرآن الكريم وتراجع بعد رفض الأزهر 

– أعترف بمجاملته لأصحاب المواهب المتواضعة لهذه الأسباب .

محمد عبد الوهاب

يعد موسيقار الكبير الراحل ” محمد عبد الوهاب” من أكثر الفنانين عبر الأجيال الذين عاشوا حياة حافلة سواء علي صعيد الحياة الخاصة اوالحياة الفنية .

فقد عاصر اربعة ملوك قبل ثورة ١٩٥٢ هم عباس حلمي الثاني وحسين كامل وفؤاد وفاروق .

وثلاثة رؤساء بعد الثورة هم عبدالناصر والسادات ومبارك .

ومن هنا كان يصف نفسه بالمحظوظ حيث صادق كبار الملوك والأمراء وتتلمذ علي يد كبار المثقفين والشيوخ في بدايات القرن الماضي .

فقد ربطته صداقه قوية وحميمة بأمير الشعراء أحمد شوقي وسيد درويش،والشيخ سلامة حجازى وصالح عبدالحي وكثيرين غيرهم .

 

خبايا وأعترافات

ومن هنا كنا نجده في أحاديثه الصحفية والإذاعية وكذلك التليفزيون يعترف بالكثير من الأسرار والخبايا التي لم يكن صادفها غيره من كبار الفنانين في حقبات مصر المختلفة قبل الثورة وبعدها والملفت أن الكثير من هذه الأعترافات كانت تتزامن مع الشهر الكريم عبر أعوام طويلة مما يؤكد أن الشهر المعظم كان يمثل بالنسبة له حالة خاصة ومختلفة بالنسبة له ؛ وللوقوف علي الأسباب التي كانت تدفعه لمثل هذه الأعترافات في الشهر الكريم تحديدا ؛ كان لابد من العودة للميلاد والنشأة .

 

سيدى الشعراني 

فقد ولد محمد عبد الوهاب في ١٣ من مارس ١٩٠١م، في حي باب الشعرية بالقاهرة وكان والده هو الشيخ محمد أبو عيسى المؤذن والقارئ في جامع سيدي الشعراني بباب الشعرية وأمه فاطمة حجازي التي أنجبت ثلاثة أبناء.

كان والده حريص على إلحاقه بكتّاب جامع سيدي الشعراني ثم الأزهر ليتمكن من حفظ القرآن الكريم ورغم إنه أهمل تعليمه وتعلق بالغناء والطرب، فأحب الاستماع إلى شيوخ الغناء في ذلك العصر مثل “الشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي” حيث كان يذهب إلى أماكن الموالد والأفراح التي يغنى فيها هؤلاء الشيوخ وتمكن من حفظ اغانيهم في فترة وجيزة إلا أن النزعة الدينية والسعي للبعد عما يغضب الله والتساؤل الدائم في الحلال والحرام ظل ملازما له حتي أخر يوم في حياته .

 

رفض الأسرة

فمن أعترافاته عن فترة المراهقة والشباب قال أن أسرة لم تكن راضية عن عمله بالفن والموسيقي ، حتى إلتقى بالأستاذ “فوزي الجزايرلي” صاحب فرقة مسرحية بالحسين والذي وافق على عمله كمطرب يغني بين فصول المسرحيات التي تقدمها فرقته مقابل خمسة قروش كل ليلة وبالفعل غنى عبد الوهاب أغاني الشيخ سلامة حجازي دون علم أسرته التي ما أن علمت حتى أصرت على عودته للدراسه وترك الغناء.

وبعد فترة من إقناع أسرته وافقت أخيرًا على غناءه مع أحد الفرق وهي فرقة الأستاذ “عبد الرحمن رشدي” على مسرح “برنتانيا” مقابل ٣ جنيهات في الشهر وكان يغني نفس الأغاني للشيخ سلامة حجازي.

 

فن الموشحات والأناشيد

والتحق بعد هذا بنادي الموسيقى الشرقي والمعروف حاليًا بمعهد الموسيقى العربية، حيث تعلم العزف على العود على يد “محمد القصبجي” وتعلم أيضًا فن الموشحات ثم عمل كمدرس للأناشيد بمدرسة الخازندار وتوجه بعد ذلك للعمل بفرقة “علي الكسار” كمُنشد في الكورال وبعدها التحق بفرقة الريحاني عام ١٩٢١م وسافر إلى بلاد الشام من خلال فرقة الريحاني، ثم أكمل دراسة الموسيقي وشارك في الحفلات الغنائية، حتى قابل “سيد درويش” الذي أُعجب بصوته وعرض عليه العمل مقابل ١٥ جنيه في الشهر في فرقته الغنائية. 

 

إفطار رمضان

ومن الإعترافات التي ادلي بها موسيقار الأجيال أو ( الأستاذ) كما كان يُحب أن يُنادى به حرصه على صيام شهر رمضان حتى أثناء عمله وقال أنه في أحد البروفات لتسجيل أغنيته في فيلم “نهار سعيد” مع الفنانة “فاتن حمامة” اضطر للإفطار حتى يتمكن من انهاء تسجيل الأغنيه، وهو أعتراف حسده الكثيرين علي جراءته في الأعتراف به .

 

سر بكاءه

وفي الذكرى الأخيرة لرحيل المفكر الكبير د. مصطفى محمود كشفت أبنته أمل سر بكاء محمد عبد الوهاب عند مناقشة والدها حيث قالت : 

 «والدي والموسيقار محمد عبد الوهاب كانا صديقين مقربين، وكان عبدالوهاب يثق فى رأى والدى، وكثيرا ما استعان به فى أسئلة وموضوعات كثيرة، وأتذكر أن موضوع حرمانية الفن كان هو أساس الجدال، كان أبى يرى أن الفن مثل أشياء كثيرة يمكن أن يكون حلالا إذا قدم أعمالا مفيدة هادفة، وهو نفسه كان يحب الموسيقى والغناء، وعندما سأله عبدالوهاب فى هذا الموضوع، قال له (ليس من الطبيعى أن يقابل الفنان ربه بمجموعة أغان)، وقال له (يعنى هتروح تقوله بلاش تبوسنى فى عينيا) ولاعب الكرة هيقابل ربنا يقوله (أنا جايلك بشوية إجوان).. لكن يجب أن يلاقى كل منا الله عز وجل بأعمال أخرى تكون فى ميزانه عند الحساب».

وتابعت: «عبدالوهاب بكى أكثر من مرة عندما تناقش مع والدى فى مسألة الدين، ولذلك كان حريصا فى أواخر أيامه على الإكثار من الابتهالات الدينية في رمضان رغبة فى عمل شىء يقربه من ربه، لأنه كان يمتلك قلبا متدينا ومحبا للمعرفة الإسلامية.

 

تلحين القرآن

وكانت امنيته الكبرى كما كان يعترف دائما رغبته في تلحين القرآن الكريم وقدم للأزهر الشريف أكثر من طلب في هذا الشأن إلا أن طلباته المتتالية قوبلت بالرفض الشديد من الأزهر ؛ وتعرض لهجوم قاسي وعنيف بسبب تصريحاته المتتالية عن رغبته هذه وتأكيده علي آنه سيظل يسعي حتي تتحقق أمنيته وهو مالم يفعله أي فنان اوموسيقي غيره .

حب الطعام

وعُرف عن عبدالوهاب أنه كان يحب الطعام الصحي المطهي بعنايه في المنزل مع الحرص على تناول السحور والإفطار مع أبناءه 

وأيضًا إقامة حفلات الإفطار لزملاءه داخل منزله ومن الطقوس الخاصة به حرصه على إقامة الآذان في مسجد سيدي الشعراني طوال شهر رمضان وذلك إيمانًا منه بأن جمال صوته يستخدمه لرفع الآذان خلال الشهر المُعظم.

 

موقف طريف 

ومن المواقف الطريفة للموسيقار عبدالوهاب خلال شهر رمضان أنه كان في زيارة لباريس ثم فوجيء أن الأموال التي معه لا تكفي لتناول الإفطار غدًا وأن البنك أغلق ولم يتمكن من صرف الشيك الذي كان بحوزته،

ففكر بالذهاب لمطعم بجوار مسجد في باريس يمتلكه أحد المصريين أصدقاءه وتناول الإفطار ثم انتظر صاحب المطعم ولكنه تأخر بعض الشىء وعندما شعر بالحرج نادى على كبير العمال وشرح له المأزق الذي وقع فيه.

وما كان من العامل إلا أنه قال له 

(الحساب مدفوع) بل وأعطاه أموال حتى يقوم بصرف الشيك في اليوم التالي.

 

مجامل وليس كذب

وحينما إتهم بإنه يحرص دائما علي إغضاب أحد منه بسبب مجاملته الشديده للمطربين والملحنين الشباب وتأكيده لهم علي إمتلاكهم لمواهب واصوات جيدة رغم تواضع مواهبهم واصواتهم تحدث مؤكدا علي إنه لايحب إحراج أحد ولايجد أن فيما يقوله لهم سوى مجرد مجاملة بسيطه لرفع معنوياتهم ولايقصد علي الإطلاق خداعهم اوالكذب عليهم فلايحب أن يصدم أحد اويحطم أماله .  

 

رحم الله موسيقار الأجيال الأستاذ محمد عبد الوهاب

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.