خواطر من وحي عيدنا الكبير…بين أمنا هاجر ودعاة حقوق المرأة

دائما تدور في ذهني في كل عيد اضحى دروس من أم العرب ...زوج نبي الله ابراهيم عليهم السلام وأفخر أني من حفيدات هاجر المصرية

كتبت
فاتن فتح الله نصر
======

كل عام وأمتنا بكل من فيها حكومات وشعوب بخير

مع احتفالاتنا بعيد الأضحى المبارك تتبادر إلى الذهن أحداث كثيرة حول العيد الأكبر .. والركن الأعظم
متمثلا في حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا

يدور في الذهن دائما المقارنة بسيرة أمنا هاجر و دعاة حقوق المرأة

قصة ستنا هاجَر ووليدها و قد سار بهما نبي الله ابراهيم عليه السلام إلى واد غير ذي زرع
وتركهما عنده عائدا إلى الشام لعل أفئدة من الناس تهوي إليهم
وسؤالها له لماذا يأتي بهما .. وهل هذا بأمر من الله .. وثقتها في الله وفي زوجها حين رد بكونه أمر ربه ..وردت والله لن يضيعنا
و امتثلت هاجر لأمر ربها بصدق.
ويقول الله تعالى:
“رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ
فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ
وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
[إبراهيم/37-38]

ما قوة هذه الأم الشابة التي تحمل وليدها في أرض قفر لايوجد به شيء .. نفد منها الزاد والماء ..و رضيعها بين يديها يبكي ولاتجد ماتسقيه به
وحين جاع وليدها اخذت تركض سعيا بين جبلين لتبحث للماء عن أثر
تهرول من الصفا وتقف لتنظر لعلها ترى الماء ثم تهرع إلى المروة وتقف ناظرة لعل هناك اي بصيص أمل
ويستمر سعيها سبع مرات
وعند المروة سمعت صوتًا فسكتت لتسمعه جيدًا وركضت إلى ناحية إسماعيل.. فوجد ملكا من الملائكة عند بئر زمزم يضرب بجناحه حتى خرج الماء فبدأت تجمعه في يدها والماء يخرج بكثرة بعدما اغترفت منه فشربت من الماء وأرضعت ابنها فبشرها المَلَك ألا تخاف على نفسها وولدها من الضياع في بيت الله و أن الله تعالى لا يضيع أهله، و بشرها بأن ابنها سيرفع قواعد هذا البيت هو وأبيه

وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
“يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ ـ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ – لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا »
(البخارى برقم (2368 )

وتكون زمزم نبع الحياة إلى يوم الدين ..

ويمر قوم جُرهُم بالأم وولدها وهم في مكة المكرمة عند البيت العتيق و كانوا قد أقبلوا ونزلوا في مكة المكرمة فشاهدوا طائرا يلوح في السماء فعرفوا أنه طائر يبحث عن ماء ليشربه
و كانوا يعلمون بعدم وجود الماء في الوادي الذي هم فيه، فبعثوا بغلامين يبحثون لهم عن الماء فعادوا والماء معهم وأخبروهم بما وجدوا فذهبت عندها هذه القبيلة إلى موضع بئر زمزم وكانت هاجر وابنها هناك فاستأذونها أن ينزلوا عندها فوافقت على شرط ألا يكون لهم حق في الماء
فأقاموا هناك هم وأهلهم وكانت قد فرحت بنزولهم لأنه تحب الأنس .. واستجاب الله دعوة ابراهيم
وبدأت الحياة في مكة المكرمة بوجود امنا هاجر ووليدها المبارك اسماعيل عليه السلام

الذي كان اول من تكلم العربية بلسان فصيح عندما كان يبلغ من العمر أربعة عشر عاما
سيدنا إسماعيل عليه السلام أيضا هو أول من ركب الخيل في التاريخ وأستأنسها بعد أن كانت متوحشة قبل ذلك.

كما أنه أول من رمى بالسهم،
وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشجع الشباب على الرمي بالسهم بقوله:
“إرموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا”،
رواه البخاري،
فكان سيدنا إسماعيل عليه السلام لا يرمي شيئا إلا وأصابه.

عندما كبر سيدنا إسماعيل وصار يرافق أباه ويمشي معه
رأَى ذات لَيلةٍ سَيِدَنا إبراهيمَ عليه السلامُ في المنامِ أنه يَذبَحُ وَلَدَه إِسماعيلَ
﴿قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ
(102 سورة الصافات]
رؤى الأنبياء وحي
فَانظُرْ مَاذَا تَرَى
102 سورة الصافات
لم يقصد إِبراهيم أن يشاور ولده في تَنفِيذ أمر الله ، إنما أَراد أَن يعرف ما في نفسِ ولده،
فجاء جواب إسماعيل
﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ
102 سورة الصافات

مرجعنا كتب عن قصص الأنبياء وتفسير سورة إبراهيم لمن يريد ان يستكمل كامل السيرة الزكية التي فيها الكثير والكثير من الدروس

ولكننا نقف هنا عند موقف السيدة هاجر جدتنا وافتخر
أي ابتلاء هذا لهذه الأم الصابرة
وكيف واجهت ماواجهت
وكان لما قدمته خير الجزاء من رب العالمين
فإن سعيها بين الصفا والمروة شعيرة للحج والعمرة مستمرة إلى يوم الدين بنص كتاب الله
والأضحى عيدنا الأكبر حيث نجى الله سبحانه ولدها اسماعيل عليه السلام وفداه بذبح عظيم

هذه هي المرأة … الزوجة والأم
مايدور في ذهني دائما
ولله ورسله المثل الأعلى
ولكن نحن ندرس قصص الأنبياء لنتعلم ونتأسى
فهل تتأسى النساء بأم العرب هاجر المصرية

ماذا لو كنا في عهد المتشدقين بحقوق المرأة .. والداعين لتحررها من اي قيود بما في ذلك الأولاد بدعاوى منتهى الأنانية قائلين أنت لك حق الحياة مثل الأبناء والزوج فلا تضحي بسعادتك فلك الحق مثلهم
وماذا كانوا سيقولون في حالة مثل حالة أمنا هاجر

تخيلوا معي الجواب
واستبطوا المعاني

بتضحية الأم وهب رب العالمين الحياة لمكة المكرمة ورفع ابراهيم وولده قواعد البيت ليحج إليه البشر إلى يوم الدين

عيد الأضحى به الكثير من العبر والدروس علينا استيعابها
وادعو كل بناتي وأخواتي إلى التأسي بأمهات صنعن أمم
ولنبتعد عن دعاوى الخراب الغريبة عنا ليتعود لأمتنا الحياة من جديد
وتعود المجتمعات الإسلامية والعربية للقوة عندما يعود كل فرد فيها إلى الدور الذي يسره الله سبحانه وتعالى له

كل عام والجميع بخير …اللهم اجعل هذه الأيام بدايات لقادم اكثر أمانا واستقرارا وسعادة

وانتن ياحفيدات أم العرب هاجر الأولى بالتأسي بها ولتنظرن إلى ماكافاها به رب العالمين

====
فاتن نصر

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.