داليا السبع تكتب “في عيدها.. أتذكرهُ “

داليا السبع
“في عيدها.. أتذكرهُ “
تختلج بين الأضلاع مراكب الحنين تلك تأبى الابتعاد أو الذهاب في رحلات استكشافية لأي شيء كان، هذا حال الكثير منا في خضم هذا التلاحم المتواصل المترابط الدوري المسمى “الحياة” نظل دائمي الانتظار فلماذا؟ وأي شيء ننتظر؟ تظل الإجابة في رداءها الخفي الذي أظن أن كثيراً منا يخشى كشف ما وراءه عامداً، هذا بينما أخرون يفضلون التعايش مع عدم معرفة الجواب، هذا يأخذنا لأول الطريق مرة أخرى عن أي حنين نتحدث ؟
“الفقد” كلمة كبيرة معناها يُشعرك بالعجز التام وعدم القدرة على استرجاع ما فُقد خاصة وإن كان في الأمور التي يصعب معها وجود بدائل لهذا المفقود.

غالبا ما ترتبط هذه الكلمة القاسية مع كلمة أكثر قسوة منها الا وهى كلمة “الموت ” التي تنقبض معها الروح وتضيق لسماعها الصدور، رغم يقيننا التام بأن جوهر هذه الكلمة هى الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة الفانية.
الحنين يخَلِّفه الفقد وما أعنيه هنا الفقد مبتور الأمل في عودته مرة أخرى .
العجيب في الحياة رغم ملذاتها وبهرجة ألوانها وزخرفها الذي يجعل الكثير يتكالب على أمتلاكها بالطرق المشروعة وغيرها،رغم يقينهم بمحدودية الوقت عليها وقصر فترة المكوث بها مهما طالت من وجهة نظر البعض.
هى مصيدة لا أكثر إلا لمن وعى كُنه حقيقتها المتغيرة غير الأزلية، وسط هذا الصخب تتساقط أشخاص من شجرة الحياة مع مرور الزمن يتركون تلك الندبة التي تؤلمنا بين الحين والأخر وكلما داعبتنا الذاكرة بمواقف كانت تجمعنا بهم تسَّاقط الدموع وكأنها العلامة على شعورك الجارف بالحنين وما فعله الفقد بالنفس.

في ال21 من مارس من كل عام يحتفل الجميع بعيد الأم، هو يوم الهدايا والتجمعات الأسرية الجميلة، محاولة للتلاحم أو اعادة الاعتراف بالجميل أو تذكرة للنفس بأن هناك من ينبغى الاهتمام بهم غير أنفسنا وأولادنا وما يشغلنا من أمور الحياة، الأم تستحق أن تُراق على اعتابها الروح وأن يُقَدم لها الكثير ولن يوفي هذا أبداً حقها أو يوفي ذلك الدَّين الذي في رقبة كل واحد منا لها، صورة العطاء بلا حدود، حياة كانت من أجلنا دون كلل أول ملل أو إعلان لعصيان رغم قسوتها وتياراتها المجنونة التي كانت تصيب جدار البيت،وتحاول جاهدة الاطاحة به نجدها دائما خطوط الدفاع الأولى والحارس الذي تظل عيونه ساهرة على الدوام،في سبيل راحة الأسرة، الكلمات كثيرة والتعبير عما يجول بالخاطر لها لن يوفي حق ذلك النبع الرقراق من المحبة الخالصة الخالية من المصالح الدنيوية والشخصية المحبة المنزهة عن أي غرض أو مطلب محبة فطرية خُلقت وتدفقت منها بارك الله لي في أمي ورحم الله أمهات فارقت الحياة وتركنَّ فراغاً بالقلوب لن يملؤه غيرهنَّ أبداً مادامت الحياة بقاء.
في “عيدها أذكره ” حقيقة لا أخفيها وعجبت لماذا يحدث هذا معي أتذكر والدي رحمة الله عليه في هذه المناسبة على وجه التحديد وبهذه الطريقة، وكأني قد اعتدت وجودهما معاً ليكملا كفاحمها الذي تعاهدا عليه، تلك العلاقة الروحية الانسانية شديدة التسامي قوية الترابط نعم اتذكره كلما جاء عيدها، فقد كان المركب والربان والقائد وألة الدفع الدائمة الصديق والرفيق والناصح صوت الأمان ومدرسة الحياةِ في معناها حرفاً، المشورة والحكمة والمحبة الصادقة وعنوان الدأب والصبر والعمل المتواصل من أجل تحقيق كل ماهو كريم وراق في الحياة، نقطة ومن أول السطر .

لاتضيع هذا الثمين من الحياة بالبخث وكثرة الاحقاد والصراعات الواهية، من كان له أبٌ وأمٌ على قيد الحياة فاليسارع بالبقاء لجوارهم واكتساب رضاهم وتلبية رغباتهم التي مهما تعاظمت ستظل قليلة لا تساوي تلك الدعوة القلبية لك بصلاح الحال أو ضمة كدفقة للطاقة الإيجابية الكفيلة بأن تزيح عن صدرك عناء الدنيا و ثقيل همومها.

كل عام وكل أم وكل أب بخير ورحم الله من فارق منهم الحياة .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.