دواين جونسون.. من صخرة الأكشن إلى حلم الأوسكار: هل ينجح في كسر القالب؟
كتب: هاني سليم
على مدى أكثر من عقدين من الزمن، ارتبط اسم دواين “ذا روك” جونسون بأفلام الأكشن والكوميديا التي تدر أرباحاً هائلة في شباك التذاكر، وجعلت منه أحد أكثر النجوم تحقيقاً للإيرادات في هوليوود. لكن، وقبيل العرض الأول لفيلمه الجديد في مهرجان سينمائي مرموق، كشف جونسون عن جانب مختلف من شخصيته الفنية، جانب ظل حبيساً خلف صورة “البطل الخارق” و”النجم الجماهيري”.
قال جونسون في تصريحات مؤثرة: “لطالما حلمت بهذا التحول. لقد منحتني السينما الكثير، لكن كان هناك صوت داخلي يهمس لي: ماذا لو كنت قادراً على تقديم ما هو أعمق؟”، في إشارة إلى رغبته في خوض تجارب فنية تتجاوز حدود شباك التذاكر إلى عوالم أرحب من الإبداع والاعتراف النقدي.

بين إغراء شباك التذاكر ونداء الذات
يعترف جونسون بأن بريق الإيرادات قد يدفع الممثل أحياناً إلى مسار محدد، إذ يظل صانعو الأفلام يراهنون على صورته كـ”بطل جماهيري لا يُقهر”. لكنه أوضح أنه على الرغم من حبه لبعض هذه الأفلام واستمتاعه بها، فإنه كان يشعر دائماً بأن هناك مساحة لم تُستكشف بعد. وأضاف: “لم يكن الأمر لإثبات شيء لهوليوود، بل لإثبات شيء لنفسي”، مؤكداً أن رغبته في التحول نابعة من طموح شخصي أكثر من كونه سعياً وراء الجوائز.
بصمة إميلي بلانت وتشجيع الأصدقاء
كشف جونسون أن جزءاً كبيراً من هذا التغيير جاء بدفع وتشجيع من زميلته وصديقته المقربة الممثلة البريطانية إميلي بلانت، التي شجعته على استثمار تجاربه الحياتية الصعبة وتوظيفها في الأداء الفني. وبالنسبة له، كان ذلك بمثابة نقطة تحول نفسية جعلته يواجه مخاوفه ويتحرر من صورة “العملاق الذي لا يُهزم”.

من الحلبة إلى الشاشة.. قصة مارك كير
الفيلم الذي أثار كل هذا الجدل من إخراج بيني سافدي، ويجسد فيه جونسون شخصية مقاتل الـUFC الشهير مارك كير. وتعود أحداثه إلى الفترة الممتدة بين عامي 1997 و2000، وهي سنوات مليئة بالتقلبات في حياة كير المهنية والشخصية. ففي الوقت الذي كان يحقق فيه انتصارات صاخبة داخل الحلبة، كان يعاني من صراعات داخلية، وضغوط نفسية، وعلاقة مضطربة مع صديقته آنذاك دون ستابلز.
هذا التناقض الإنساني بين “المقاتل الذي يهزم الجميع” و”الرجل الممزق من الداخل” أتاح لجونسون مساحة واسعة للتعبير عن مشاعر لم يسبق له أن جسدها على الشاشة. وهو ما جعل النقاد يصفون أداؤه بأنه الأكثر عمقاً وصدقاً في مسيرته.
المزيد: زينات صدقي و برنامج «حكايات من زمن فات» على إذاعة راديو أسرار المشاهير
هل يطرق جونسون أبواب الأوسكار؟
ضجة الفيلم لم تقتصر على جماهيره العريضة، بل امتدت إلى الصحافة العالمية التي رأت في أداء جونسون مؤشراً على احتمال دخوله سباق الأوسكار لأول مرة. خاصة وأن المهرجان نفسه كان منصة انطلاق لأعمال تُوج أصحابها بجائزة أفضل ممثل في السنوات الأخيرة، مثل برندان فريزر في The Whale وأدريان برودي في The Brutalist.
لكن السؤال المطروح: هل يكسر “ذا روك” الصورة النمطية التي التصقت به لعقود، ليصبح مرشحاً جدياً للأوسكار؟ أم أن المؤسسة السينمائية العريقة ستظل تنظر إليه كـ”نجم شباك” أكثر منه “ممثل درامي”؟

ما وراء الأوسكار.. إرث جديد
حتى وإن لم يُتوج جونسون بالجائزة، فإن تحوله الفني يظل خطوة بالغة الأهمية في مسيرته. فالنجم الذي اعتاد أن يطل على جمهوره من خلال انفجارات وسيارات مطاردة ومعارك ضخمة، يفتح اليوم باباً جديداً لمسيرته، قد يعيد تعريفه ليس فقط كنجم جماهيري، بل كفنان قادر على تجسيد الألم الإنساني بصدق.
ربما لا يكون الهدف الأسمى لدواين جونسون هو تمثال الأوسكار الذهبي بقدر ما هو إثبات أنه قادر على تجاوز “القالب الصلب” الذي حصره فيه الجمهور وصناع السينما. وفي حال نجح في ذلك، فإنه سيترك إرثاً مختلفاً تماماً، يضيفه إلى مسيرته الحافلة بالنجاحات.