ديستوبيا الواقع والمُتخيَّل في المجموعة القصصية (مألوف) …. بقلم: عبده حسين إمام
ديستوبيا الواقع والمُتخيَّل في المجموعة القصصية (مألوف)
بقلم: عبده حسين إمام
من متابعة الإنتاج الروائي العربي المعاصر يتبين الحضور الملموس والمؤثر لرواية الديستوبيا والتي تصور المجتمع العربي ومعاناته وما يحيط به من سلبيات وتداعيات اقتصادية وسياسية؛ رغم حداثة هذا الأدب نسبيا في العالم العربي والذي تنامى مع إصدارات الكاتب أحمد خالد توفيق في روايتيه (يوتوبيا-2008) و(في ممر الفئرن-2016) كترجمةٍ لحالة السخط المتزامن مع الربيع العربي وما لحقه من نجاحات وانتكاسات.
فضلا عن ميلاد هذا الأدب عالميا تزامنا مع نشوب الحربين العالميتين وظهور حالة عامة من التشاؤم وشعور بالعبثية والعدمية.
ومثال على ذلك رواية الكاتب الإنجليزي جورج أورويل (ألف وتسعمائة وأربعة وثمانون)
الديستوبيا تعني في أصلها اليونان (المكان الخبيث) وفي الأدب استعمل النقاد هذا المصطلح أنه هو ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ المرير، وﻫﻮ مجتمع خيالي مخيف ﺃﻭ غير ﻣﺮﻏﻮﺏ ﻓﻴﻪ، ﺗﺴــﻮﺩﻩ ﺍﻟﻔﻮﺿﯽ، ﻭﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ملامحه الخراب ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻔﻘــﺮ والمرض.

ومع مطالعة المجموعة القصصية (مألوف) للكاتبة ابتهال الشايب الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب يتجلى التأثر الشديد للكاتبة بهذا المنهج الأدبي.
إن مناظير التناول للكاتبة في قصص المجموعة تأتي في سياقات مختلفة الرؤى مدهشة الطرح والتي قد تصدم القارئ لما فيها من جرأة واقتحام زوايا غائرة في كينونة الإنسان جسدا وروحا وأيضا في تجسيم الحلم والتحليق بنوازع الحلم الانساني وصداماته المتكررة مع حائط الواقع المنيع.
وبالمرور السريع على بعض قصص المجموعة
في قصة (خارج) كان الاستهلال “الكتابة وسيلة لإثبات أن الإنسان غير موجود بشكل كامل.
إن تناول زاوية حرجة في أدق تفاصيل الجسد حرجا؛ بمخرجاته والتي يمكن أن تكون معادلا للمسكوت عنه من خلال شخصية مهنة السباك الذي يتعامل مع العالم من خلال النفايات.
وفي مركزيته للأحداث يبدو أنه هو الشخص الوحيد النقي في القصة.
وفي قصة (لا شعوري) استنطاق للجماد وأنسنة الأشياء من خلال الماكينة في رحلتها معادلا للشقاء اليومي والذي تلمس منه خلاله ميلا خفيا لإبراز معاناة المرأة في بعض بيئات العمل.
وفي قصة (مألوف) صيرورة الشقاء الإنساني وتجدد رغبة الطموح والتجدد في استعادة لأسطورة سيزيف مع تعدد الصور المعبرة عن الذات ما بين “كلبٌ غير قادر على النباح”، “أنا وزغٌ ضعيف، صوتي مزعج”، “أنا ذبابة دائخة توَّا اصطدمت بأحد المضارب”، “صوتي نهيق يحاولون إسكاتي”
في صراع الشخصية مع الآخرين في استدعاء لقول سارتر “الجحيم هم الأخرون”
وفي الخاتمة نشير أن الكاتبة عززت من دور التشكيل البصري في النصوص من خلال فراغات وترتيب بصري يهيئ النفس للفكرة.
وإن كانت كل قصص المجموعة بها إغراق في واقعها المرير إلا أن إضاءات من النور لاحت بين طيات الفقرات والسطور.