“دَعائمُ النَّصرِ في حَربِ أُكتُوبر “العَاشر منْ رمضَانَ” وَموقفُ الشَّيخ زايد وجُملَته المَشهُورة” بقلمِ: لمْيَاء زَكِي.

 

 

image

التَّاريخ: (يوم السَّبت 6 أُكتوبر 1973م)، الموافق (العَاشر منْ رمضَانَ 1393هـ) هُجُومٌ مفاجئٌ منَ الجَيشِ المصريِّ وَالجيشِ السُّوريِّ على القُوَّاتِ الإسرائيليَّةِ الَّتي كَانتْ مرابطةً في سيناءَ والجُولانِ.

 

image

 


إنَّ للنَّصرِ أسبابًا لا يُمكنُ تَجاهلُهَا، وبالطَّبعِ، لا يُمكنُ لِلأمانيِّ أنْ تكونَ كَافيةً لتَحقيقِهَا؛ فَالنَّصرُ لهُ أَسبابُهُ وَمُقوماتُهُ وَمُؤشِّراتُهُ ومضامِينُهُ الإِيجابيَّةُ أيضًا والاستعدادَاتُ القَويَّة لمنْ كَانَ يرجو النَّصرَ وَيهفُو قَلبُهُ إليهِ.

*عنَاصرُ النَّصرِ في حربِ أُكتوبر:
العنصرُ الأوَّلُ: التَّوفيقُ:

تَوفيقُ الله عزَّ وجلَّ للرَّئيسِ الرَّاحلِ مُحمَّد أنور السَّادات الَّذي أَبهرَ العَالمَ بذكَائِهِ وحِكمتِهِ؛ فَهُو رَجلُ الحَربِ والسَّلامِ في اتِّخاذِ قَرارِ الحَربِ في وقتِهِ، فَهداهُ اللهُ هدايَةَ التَّوفيقِ، وأعانَهُ على كَيفيَّةِ اتِّخَاذ القَرارِ.
يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ في سُورة هُود:

(وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).

وَأيضًا تَمكين الله للجَيشِ المصرِيِّ بِالتَّمكينِ في الحَربِ وَبِنصرِهِ المُبينِ.

العنصرُ الثَّاني: قَادةُ الحَربِ:

لا أحدَ يَستطيعُ أنْ يجزمَ بِأنَّ الانتصارَ في حربِ أُكتُوبر يمتَلكُهُ فردٌ واحدٌ بعينِهِ؛ فَهُناك مَنْ كانَ بمنزلةِ اليَدِ اليُمنَى لِلرَّئيسِ أنور السَّادات، وهُم منْ سَاهمُوا في خِطَّةِ الحربِ الَّتي أبهرتِ العَالمَ، وحملتْ إلينا النَّصرَ.

فَهُناكَ المجلسُ العَسكريُّ، وَالقائدُ العَام للقُوَّاتِ المُسلَّحةِ؛ الفريقُ/ أحمد إسماعيل الَّذِي كان أيضًا وزيرَ الحربيَّة المصريَّ خلال حربِ أُكتُوبر.
وَهُناكَ أيضًا القيادَاتُ العُليَا للقُوَّات المسلَّحةِ، وقِياداتُ الجيشِ الثَّاني والثَّالث المَيدانيِّ وَقادةُ المناطقِ وَالقطَاعاتِ العَسكريَّةِ، وقَادةُ الأَولويَّاتِ ومجموعات الصَّاعقة.

العنصرُ الثَّالثُ: اختيارُ ظُروفٍ مناخيَّةٍ ملائمةٍ:

تُعدُّ الظُّروفُ المناخيَّةُ منْ عواملِ النَّصر في الحُرُوب؛ لذلكَ، فَلقَد اختَارَ الرَّئيسُ أَنورُ السَّادات بعد دِراسةِ ساعةِ الصُّفرِ للحَربِ بأن تَكونَ بوقتٍ لا يكونُ كَثِير الضَّبابِ؛ حتَّى لا تتَعذَّرَ الرُّؤيةُ على الجُنُودِ؛ وَلِكي تَسهُلَ عَليهِم مُهاجمةَ العَدوِّ.
وَأيضًا، أنْ تكونَ لَيلةً مُقمرةً؛ حتَّى تُضيءَ لَهُم الظَّلامَ الدَّامسَ، وأنْ يكونَ المَدُّ أقلَّ ما يمكُن؛ لسُهولةِ الوصُولِ لخطِّ برليف.

العنصرُ الرَّابعُ: المَشُورةُ وَالأخذُ بالرَّأي:


لقَد كانَ الرَّئيسُ أَنورُ السَّادات -وَنعمَ القَائدُ- يُتيحُ لِمَنْ حولَهُ المشُاركَةِ في الرَّأي وطرحِ الأفكارِ والمُقترحاتِ، ويُذكرُ أنَّ اللّواء/ باقي زَكِي يوسف مِنْ سلاح المُهندسينَ صَاحبُ فِكرةِ استخدَامِ مدافعِ المِياهِ فِي فتحِ ثَغراتٍ في خطِّ برليف، وكَانَ الرَّئيسُ محمَّد أنور السَّادات بَعيداً كُلَّ البُعدِ عن التَّعالي؛ فَيطرحُ مجَالًا للتَّشاورِ والمُناقشةِ وَالأخذِ بالرَّأيِ إنْ كانَ صوبًا، وَكانَ لَهُ حُسنُ الاختيارِ لمنْ يكلَّف بالمهَامِ، فَلمْ يكنْ للفُرقةِ أو التنازعِ مكانٌ أو مجالٌ، فكانَ الاجتماعُ على كَلمةٍ واحدةٍ؛ هو الدَّعامةُ الوطيدةُ للنَّصرِ؛ فالشِّقاقُ يُضعِفُ ويُمِيتُ وَيَهزِمُ.

العنصرُ الخامسُ التَّعاون و موقف الشيخ زايد – طيب الله ثراه –


لقَد استَشارَ الرَّئيسُ محمَّد أنور السَّادات بعضَ قَادةِ العربِ في قَرارِ الحَربِ، مثل: الملك فيصل؛ ملك السُّعوديَّةِ، والملك حسين؛ ملك الأردن، والقذَّافي؛ رئيس دولة العراق، والشَّيخ زايد -رحمه الله وطيَّبَ الله ثَرَاهُ- رئيس دولة الإمارات العربيَّة، ولم يكتفِ الرُّؤساءُ بمشاركةِ الرَّأي، بل قَامُوا بالتَّعاونِ وَالدَّعم الاقتصاديِّ وَالعسكَريِّ وَتُذكِّرُني مقولةٌ للشَّيخِ زايد رحمه الله: “في التَّعاونِ قُوَّةٌ” تَعاونَ الشَّيخ زايد مع المَلكِ فيصل بقطْعِ البترُولِ عن أمريكا وأُورُوبا وَقال:


“النَّفطُ العَربيُّ ليسَ أغْلَى مِنَ الدَّم العَربيِّ”.


كَمَا تبرَّعَ الشَّيخُ زايد -رحمه الله- بثمنِ سربٍ كاملٍ للطَّائراتِ المُقاتلةِ.
وَلا نغفلُ مشاركةَ الجيشِ السُّوريِّ في حربِ أُكتُوبر بقصفِ مواقعِ الجيشِ الإسرائيليِّ في الجولانِ، حيث شَاركَ في الهُجومِ قرابة (100) طائرةٍ مقاتلةٍ سوريَّةٍ، كما فَتَحتْ ألفُ فوهةٍ نيرانَ مدافِعِهَا لمدَّةِ ساعةٍ ونصف.
العنصرُ الخامسُ: الجُنُودُ البَواسلُ:
الجُنودُ الَّذينَ ضَحَّوا بأَروحِهم وأَنفُسهِم منْ أجلِ استردَادِ كرَامةِ الوَطنِ وَأرضِ مصرَ، لقدْ حقَّقَ الجيشُ المصريُّ نصرًا يُفْتخَرُ بهِ على طُولِ الحربِ وعرضِهَا، تلك الَّتِي خاضَها رجالٌ بواسلٌ وكانُوا حقًّا خيرَ أجنادِ الأرضِ وفُرسانَ النَّهارِ الَّذينَ حقَّقُوا النَّصرَ لمِصرَ وَلسائرِ الدُّولِ العربيَّةِ، لقدْ كانتْ أَرواحُهم الفدائيَّةُ تهفُو إلى النَّصرِ، لقد كَانَ جُنُود الصَّاعقةِ يُميِّزُهم الإخلاصُ وَالإِصرارُ على النَّصرِ بأَرواحِهِم الفدَائيَّة مَهَّدُوا سدَّ فُوهاتِ أَنابيبِ النَابلم الَّتي كانتْ مزروعةً على ضِفافِ قناةِ السُّويسِ منَ الجهةِ الشَّرقيَّةِ، وكذلكَ قامُوا ببعضِ العمليَّاتِ النَّوعيَّةِ؛ (الكمائن والإغارة)؛ للتَّمهيدِ لعمليَّاتِ العبورِ.

وَما أَحوجنا اليوم إلى أَنْ نعيدَ أمجادَ جنودنا البَوَاسلِ والقادةِ العظماءِ بتقدُّمِنا وعزمِنَا، وَأيضًا بفَخْرِنا بالأرضِ وَالوطنِ بأنْ نمضيَ نحو المُستقبلِ على قدمٍ وَساقٍ في شتَّى المجالاتِ محليًّا وَعالميًّا، وإنْ كشَّرتْ لنَا الدُّنيا عن أَنيابها يومًا، فلابدَّ لنا منْ أنْ نشحذَ الهِمَمَ بشتَّى وَكافَّةِ الطُّرقِ، آملينَ بأَنْ يكونَ النَّصرُ هُوَ أسلوبَ حياة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.