ذكرى خلود قلم

كتبت سارة خالد 

الواحد من ديسمبر عام ألفين وأربعة عشر، خُلد قلم، وأنار قبر، وفُجع الحبر وجف على سطور *الصرخة* رحلت السيدة تاركة خلفها صدع بداخل كل من عرفها، ومع رضوى يمتلك كل قارىء لها ذكرى جميلة عنها من خلال كل مقال أو كل تقرير جميل أو كل رواية صرخنا بعد قرأتها انبهاراً بها وحزنا لفِراق الكتاب كما يفارق المرء حبيب..


ولأنني أحب رضوى أجد في عالمها عزة لا توصف ولا تذكر، ولي مع رضوى ذكريات جميلة علي الرغم من أنني وهي لم نلتقي إلا مصادفة في الطريق بسبب صديقة عزيزة “ريهام الحجاج” عندها كانت قد رحلت، لكن مع رضوى أمر الموت مختلف، أنا التقيت بها برغم مماتها، سلمت عليها وحادثتُها، وتركت بداخلي ما هو أكبر من الأحترام ليس لها فقط بل حتي للورقة التي تحمل أسمها!


التقيت انا وهي مرتين، المرة الأولى عند منطقة العباسية عندما أغلقتُ أثقل من رضوى بعد منتصف الليل لأن النوم داهمني، فسلمت عليها وأخبرتها من أكون وشاهدتُ ابتسامتها، وعبرت لها عن إعجابي الشديد بقلمها وإبداعها وأنني اتمنى لو أن أشبهها ذات يوم، ذات يومٍ ربما…


في المرة الثانية كانت بين الحضور وكنت ألقي كلمة عن الكاتب الحقيقي، ذكرت سيرتها فحضرت وستظل دائماً رضوى حاضرة كما في أذهان كل من يعرفها..


نحن نصادف كل يوم قلم، وكل دقيقة كاتب وفي عصر سرعة النشر، قارئة مثلي يضيع فيها أسماء الكُتاب ولا أذكر منهم إلا قلة وإن قرأت لمعظمهم، لكن؛ يحدث دائما أن يصيبنا كاتب بالأنبهار حد البحث والتنقيب عنه بسبب ما تركه فينا من أثر وما أحدثه فينا من جلبة وكنت أقول ما تقول رضوى كلما وقعت: “أحياناً أقول أن الحياة تقسوا بلا معني ولا ضرورة وأحيانا أقول أن حظنا منها وإن ساء أقل قساوة من الآخرين أقل بكثير” وأحياناً أخري وعندما أجدني أكتب نصاً يعتريه اليأس الشديد الذي يغزوني أجد رضوى تقول “إن توصيل رسائل يأس أمرٌ غير أخلاقي. قل لها أين سلاسل الأمل التي تحملينها كل يوم؟ هل خلفتيها وراءكِ وتخليتِ عنها؟


مرحباً رضوى بعد خمس سنوات من رحيلك لا زلتُ لم أتم العشرين من عمري غير أني أجدكِ ونيسة لي دوماً وحاضرة في أيامي، وفي حلمي الذي يظهر وعندما يخفت ويكاد يهرب مني أجدك أيضاً، أنتِ التي قلتِ “احترافي الكتابة ذات يوم قريب أو بعيد، حلمٌ قابل للتحقيق”
هل أخبرتكِ يا رضوى عن أنني فتحت الصرخة عدة مرات لعلي أجدها اكتملت؟ أو أجد انها انتهت، أو أجدك هنا؟
لم أحضر يوم وفاتكِ الأصلي غير أن كل يوم أنهي لكِ فيها شىء أشعر انه يوم وفاتِك، وما أثقل قلبي يا رضوى وهو يعرف أن بعد كل كتاب يفارق ما هو أكثر، يفارقك، يفارق أونسُه..
في ذكرى رحيل السيدة نكتب: لا وحشة في قبر رضوى.
عليكِ مني ومن عرفكِ ومن ريهام حجاج السلام.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.