رؤى مصطفى.. لما الراديو كان بطل الحكاية على راديو أسرار المشاهير
بقلم رؤى مصطفى
زمان قبل ما الدنيا تبقى موبايلات و”بلاي ليست” على اليوتيوب، كان الراديو هو الرفيق اليومي لبيوت المصريين. جيل كامل اتربى على صوته، واستقبل صباحه ومساءه من خلال الموجات اللي ملأت البيوت بالثقافة والفن والبهجة. النهاردة هنفتح باب الذكريات ونفتكر “هنا القاهرة”.
الراديو مش مجرد جهاز بيطلع صوت، ده تاريخ ممتد أكتر من 90 سنة، ساهم في تشكيل وعي ووجدان الشعب المصري. كان بالنسبة لكتير مننا بداية اليوم، أول ما تدق الساعة 6 الصبح تسمعي صوت الشيخ محمد رفعت – رحمة الله عليه – بتلاوة تهز القلب وتطمن الروح، وبعدها ييجي الصوت القوي المميز “هنا القاهرة”، بصوت الإذاعي الكبير أحمد سالم. صوت كان بمثابة إعلان رسمي إن اليوم بدأ.
في البيوت المصرية، كان الراديو هو سيد الموقف. “ست الحبايب” تقلب بين القاهرة، الشرق الأوسط، والبرنامج العام، ودايمًا تلاقي ما يشغلك: “أخبار خفيفة”، “طريق السلامة”، أو التتر الشهير بصوت نجاح سلام اللي يخليكي تجري على المدرسة شنطتك على ضهرك.
وفي الطريق تسمع ضحكة فؤاد المهندس في “كلمتين وبس”، ورقة سميرة عبد العزيز في “قال الفيلسوف”، وحنان أبلة فضيلة في “غنوة وحدوتة”. غير “فنتاستيكا” وبرنامج “إلى ربات البيوت” اللي كان بيخاطب ست البيت وكأنه بيكلمها شخصيًا.
وبالطبع مين ينسى صوت إيناس جوهر وهي بتقول بمرح: “غمض عنيك وامشي بخفة ودلع…” مش مجرد كلمتين ، دي حالة تفاؤل كاملة.
ومع الظهيره تبدأ فقرة المسلسلات: “خالتي بمبة” و”عائلة مرزوق أفندي”، ويوم الجمعة ليه طعم خاص. بعد الصلاة، يجتمع البيت حوالين “على الناصية” بصوت آمال فهمي، أو “مسرح المنوعات” مع طارق حبيب، و”أغرب القضايا”، و “من الجاني”، اللي كان سبب خناقات صغيرة بين الإخوات مين اللي يعرف الإجابة.
لكن تظل “كوكب الشرق” سيدة الموقف. إذاعة أم كلثوم تبدأ الخامسة مساءً حتى العاشرة ليلًا، وبينهم ساعة مع عبد الحليم. البيت كله يتجمع على صينية الشاي فى كبايات زجاج، وكيك نصه فانيليا ونصه برتقال، طبق لب وسوداني، ورائحة البطاطا من الفرن. اللمة دي مش مجرد تفاصيل، دي جزء من هوية جيل كامل.
يمكن الجيل الجديد معرفش إحساس الراديو في عز مجده، لكن اللي عاشوه عمرهم ما ينسوه. كان الصوت واللمة والدفا، وكان جزء من حياتنا اللي بنقوله “عايزنا نرجع زى زمان قول للزمان إرجع يا زمان”.
