رؤى مصطفى و حلاوة المولد فى« حكايات أبلة فظيعة» على راديو أسرار المشاهير
كل سنة وكل قلوبكم مليانة فرحة وخير، ومع حلول المولد النبوي الشريف، مصر كلها بتتلون بألوان مميزة، مختلفة عن أي بلد تانية. وده لأننا ببساطة بلد عندها تاريخ طويل من الفرح رغم الظروف، وعندنا قدرة نخلي الحزن أعياد، والقيود حكايات تورّث.
ومن أجمل الحكايات المرتبطة بالمولد عندنا هي حكاية الحلاوة.. العروسة والحصان. حكاية بدأت من أكتر من ألف سنة، وقت دخول الفاطميين مصر. الحاكم وقتها كان المعز لدين الله الفاطمي، الشهير بإنه “غريب الأطوار”. من قراراته المدهشة مثلًا إنه حرّم أكل الملوخية! لكن القرار اللي غيّر شكل فرحتنا كان إنه منع أي احتفال في مصر غير المولد النبوي. يعني لا جوازات ولا أفراح ولا طبل وزمر.
وهنا ظهر ذكاء المصريين اللي “ما بيغلبوش”. قرروا يخلو المولد ستار يستخبّوا وراه. الحاكم نفسه كان بيخرج في موكب ضخم ومعاه زوجته، وتتوزع الحلوى على الناس وتقام حلقات الذكر والإنشاد. المصريين قالوا: “تمام.. نعمل أفراحنا في وسط الزحمة من غير ما ياخد باله”. ومن هنا اتولدت فكرة عروسة المولد والحصان.
عملوا عروسة من السكر لابسة فستان كبير شبه فساتين العرائس، وقالوا إنها بتمثل زوجة الحاكم في الموكب. وفي نفس الوقت صنعوا فارس على حصان من الحلاوة، وقالوا إنه بيمثل الحاكم نفسه. لكن الحقيقة إنهم كانوا بيعملوا نسخة “رمزية” للعريس والعروسة اللي فرحهم بيتعمل يوم المولد. العريس يشتري عروسة الحلاوة ويهادي بيها عروسته، ويبقى الفرح فرحتين، فرح مولد النبي وفرح العيلة.
ومن يومها، بقت حلاوة المولد مش مجرد سكر متشكل.. دي بقت رمز للفرح والتمرد الذكي على القيود. واللي أجمل إن العادة دي فضلت رغم تعاقب العصور: أيوبين، مماليك، عثمانيين.. كلهم حاولوا يغيروا من تقاليدنا وما قدروش. بالعكس، هم اللي اتأثروا بينا.
النهارده العروسة بقت بلاستيك، والحصان بيتباع في محلات “الهاند ميد” أكتر من كونه معمول سكر. بس الذكريات لسه موجودة. كل ما نشوف صواني الحمصية والسمسمية والملبن في المحلات، نفتكر إننا بنحتفل مش بس بمولد سيد الخلق ﷺ، لكن كمان بتاريخ طويل من البهجة المصرية اللي بتعرف تحوّل أي مناسبة لكرنفال.
وفي الآخر، حلاوة المولد مش مجرد طعم مسكر، دي حدوتة تراثية بتفكرنا قد إيه الشعب ده قوي، يواجه أي ظرف بابتسامة، ويخلي من كل ذكرى عادة، ومن كل عادة فرحة.
وكل سنة وأنتم طيبين.. وحلاوة زمان لسه بتجمعنا لحد النهارده