طعام الأسد والسيد الرئيس .. إسهامات / ثروت عبدالرؤوف

عندما قال رئيس مصر لا يستطيع أحد أن يأكل طعام الأسد لم يكن يهذى ولم يكن تصريحه مجرد كلام مرسل أو فض مجالس أو مجرد خاطرة بلا معنى ولا مضمون 

وبصرف النظر عن رأى كل من حاول تبسيط معنى هذا التصريح أو التندر عليه أو حتى السخرية منه إلا أن ما حدث بعده كاشف لحقائق لا يمكن أن ينكرها عقل منصف أو عين ناقد عدل
– لقد نجحت الجهود الدبلوماسية المصرية خلال الأيام القليلة الماضية في تحقيق نتائج على الأرض تكشفت بعض أثارها حتى الآن وسوف تتكشف أكثر خلال الأيام القادمة
مما دعى بالبعض وأنا منهم إلى القول بأن المفاوضات حول سد النهضة لم تبدأ بالفعل إلا خلال الشهر أو الشهور القليلة الماضية
ولا يستطيع منصف أن ينكر ولا تستطيع عين أن تخطأ الآتى
– تحول الموقف السودانى من النقيض إلى النقيض
– وصول أمريكا إلى حد تهديد إثيوبيا بقطع العلاقات معها مالم يتم التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم
-إرسال البنك الدولى رسالات تحذير واضحة مفادها توقع تفاقم الأوضاع فى المنطقة مالم يتم التوصل إلى إتفاق قانونى ملزم يرضى جميع الأطراف
– تنبه أطراف إقليمية إلى خطورة الوضع الراهن على مصر والسودان والأهم أن مصر شعب وحكومة تدرك ذلك وتعلم المفسد من المصلح وظهور إتجاهات جادة نحو تغير المواقف وإعادة ترتيب الحسابات
– والأهم من كل ذلك هو تأثير تداعيات ذلك على موقف إثيوبيا الذى تحلحل بين عشية وضحاها من المراوغة والعجرفة والتصريحات العنترية الى اليأس والمهادنة ومحاولة إمتصاص الصدمات وفتح مسار جديد نحو إعادة تقيم الموقف
كما جاء على لسان المتحدث الرسمى بإسم خارجيتها ” دينا مفتى ” الذى تحدث عن تقديم بلاده إلتزام تظنه إثيوبيا او كانت تعتقد أنه كافى او تتدعى ذلك على حد تعبيره يضمن عدم تعرض مصر والسودان للجفاف وتحدث وهو الأهم عن تقسيم مستدام لحصص المياه لكل دول حوض النيل السبعة لو تم ذلك سوف يصب فى مصلحة مصر بالضرورة وتحصل على حصة من المياه أكبر مما تحصل عليه الآن حيث يتساقط على إثيوبيا حوالى ٩٥٠ مليار متر مكعب من المياه سنويا بحسبة بسيطة لو تم تقسيمها على دول الحوض السبعة حسب عدد سكان كل دولة
وتلح إثيوبيا على مصر والسودان من أجل عودة إستئناف المفاوضات على وعد بالتوصل إلى إتفاق قانونى ملزم
كما يقول المثل “ضاقت فلما إستحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج ”
قد يرى البعض أن هذا إفراط فى التفاؤل يتعارض مع عمق الأزمة ونوايا الأطراف المتداخلة فيها وحسابات المصالح وإتجاه سير القضية خلال السنوات التسعة الماضية
لكن فى ضوء الثوابت والتى من أهمها أن مصر لم تعارض حق شعب إثيوبيا فى التنمية وكانت حسنة النية إلى أبعد حد و أن مصر تعتمد على مياه النيل بنسبة ٩٦% وأن ٩٠% من سكانها (٩٠ مليون نسمة )محشورين فى مساحة ٦% حول هذا النيل تحيط بهم الصحراء من كل جانب وأن كل المعاهدات والإتفاقيات الدولية تصب فى صالحها وأنها ضحت من قبل بدماء أبناءها وأموال شعبها من أجل حق الإرتفاق على نهر النيل وفى ضوء أن الجميع شاهد على ذلك وفى ضوء أن مصر لم يسبق لها التفريط في حق من حقوقها وفى ضوء الحتمية الجبرية التى تفرض على مصر عدم التفريط فى هذا الحق على وجه الخصوص وفى ضوء أن شعبها عن بكرة ابيه المعارض قبل المؤيد أصبح مستعد للتضحية من أجل هذا الحق بكل ما يملك وفى ضوء الإيمان بعدالة السماء وفى ضوء حقها الساطع سطوع الشمس وفى ضوء شهادة العالم أجمع بذلك وعلى ذلك لا يعد ذلك من وجهة نظرى المتواضعه تفاؤل بقدر ما هو إيمان
وأن كل ما حدث مجرد سياسة وألاعيبها وضغوطها وحسابات مصالح وجس نبض ولعبة عض أصابع وتقليم أظافر ومحاولات يأسه وبأسه لإعادة توزيع مصادر القوة والسلطة
ولكن مصر التى حاباها الله بهذا الموقع فى قلب العالم ليس من حيث الجغرافيا فحسب بل من حيث التاريخ والماضى والحاضر ومصر التى فشل الغزاة عبر ٢٥٠٠ عام من إحتلالها فى تغيرها لن تفلح إثيوبيا ومن خلفها فى تغيرها مصر التى قد تمرض لكنها لم ولن تموت مصر مهد الحضارة التى علمت العالم فنون الرى و الزراعة والصناعة والتشييد لا يمكن أن تتحول بهذه البساطة وهذه السذاجة الى بلد يهدده الجفاف ويتعرض شعبه للعطش ويهاجر من جنة الله فى ارضه الى بلاد الله الاخرى
نعم انا مؤمن بكل ذلك وايضا من أجل ذلك من حقى ان أتفاءل وهذه ابسط حقوقى كمصرى
تحيا الإنسانية يحيا العدل وليذهب كل أعداء الظلام إلى الجحيم
ومن أجل ذلك قال الرئيس إن حصة مصر من المياه مثل طعام الأسد ولا أحد يستطيع أن يأكل طعام الأسد ومصر أسد بالحق وعلى الحق

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.