رحيل الفنانة شروق.. وداعًا لوجه مألوف في ذاكرة الشاشة المصرية

 

كتبت ماريان مكاريوس

رحيل الفنانة شروق.. فقدت الساحة الفنية المصرية صباح اليوم أحد الوجوه المألوفة التي ساهمت في إثراء الأعمال الدرامية والسينمائية خلال العقود الماضية، برحيل الفنانة شروق او علية احمد محمد فؤاد اسمها الاصلي، التي توفيت عن عمر ٧٣ عاما حيث ولدت في عشرين مارس ١٩٥٢، بعد مسيرة فنية امتدت منذ ثمانينيات القرن الماضي.

 

وبحسب مصادر مقربة من العائلة، فإن الوفاة حدثت في هدوء تام، وسط حالة من الحزن سادت أوساط زملائها ومحبيها، لا سيما أن الفنانة الراحلة عُرفت بابتعادها عن الإعلام في سنواتها الأخيرة، واختارت التواري عن الأضواء رغم عطائها الفني الهادئ والمميز.

 

من كلية الزراعة إلى استوديوهات التصوير

 

وُلدت الفنانة شروق ونشأت في مصر، وتخرجت في كلية الزراعة جامعة القاهرة، قبل أن تقرر الاتجاه إلى التمثيل بدافع حبها للفن وموهبتها الفطرية. لم يكن دخولها إلى عالم الفن سهلاً، لكنها استطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا في قلوب المشاهدين، من خلال أدوار ثانوية ذات حضور مؤثر، جسّدتها بصدق وعفوية.

 

بدأت نشاطها الفني في الثمانينيات، وهو عقدٌ شهد ازدهارًا كبيرًا للدراما المصرية، وظهور عدد من الفنانين والفنانات الذين أثروا الساحة بأعمال مميزة. وكان من اللافت أن الفنانة شروق اختارت منذ البداية أن تسلك طريق الأدوار المساعدة، بعيدًا عن البطولة المطلقة، لكنها كانت دومًا صاحبة بصمة، خصوصًا في المسلسلات ذات الطابع الاجتماعي والكوميدي.

 

أعمال فنية متنوعة

 

شاركت الفنانة شروق في العديد من الأعمال الفنية التي لاقت قبولًا واسعًا لدى الجمهور. ومن أبرز مشاركاتها:

 

“راجل وست ستات”: المسلسل الكوميدي الشهير الذي تابعه الجمهور لعدة مواسم، وشارك فيه عدد من نجوم الكوميديا، وظهرت شروق فيه بإطلالة خفيفة بشخصية (ام ميرفت) الجارة خفيفة الظل.

مسلسل”يوميات ونيس” بشخصية المدرسة الايجابية في مدرسة أبناء ونيس

“محترم إلا ربع”: وهو أحد الأعمال التي مزجت بين الدراما الاجتماعية والكوميديا الساخرة.

 

“الهروب من الغرب”: مسلسل اجتماعي تشويقي شاركت فيه بدور ثانوي لكن معبّر.

 

“الفريسة والصياد”: عمل درامي ناقش قضايا الجريمة والتحقيق، وشاركت فيه بدور ترك أثرًا واضحًا على المشاهدين.

 

 

كما ظهرت في عدد من الأفلام السينمائية، غالبًا في أدوار الصديقة أو الجارة أو الموظفة البسيطة، ما جعلها جزءًا من تركيبة الوجوه التي صنعت ملامح السينما المصرية في العقود الماضية.

فنانة اختارت الظل

 

رغم امتلاكها ملامح جميلة، وحضورًا مريحًا، وموهبة حقيقية، فإن الفنانة شروق اختارت أن تبقى في الظل، بعيدة عن صخب الوسط الفني، فقلّما ظهرت في حوارات صحفية أو لقاءات تلفزيونية. وكانت تكتفي بالمشاركة في الأعمال دون البحث عن أدوار البطولة أو الصدارة.

 

هذا التواضع في الطموح لم يُقلّل من قيمتها لدى من عملوا معها، بل على العكس، عُرفت داخل الاستوديوهات بالالتزام والاحترام، وكانت محبوبة من زملائها ومخرجيها، ممن أشادوا دومًا بقدرتها على تقديم أدوار مختلفة، وبروحها المرحة في كواليس التصوير.

 

الرحيل بصمت

 

توفيت شروق بهدوء يشبه هدوء مسيرتها الفنية. لم تُعلن الأسرة تفاصيل الوفاة حتى الآن، لكن من المتوقع أن تُشيّع الجنازة في أحد مساجد القاهرة خلال الساعات المقبلة، على أن يُقام العزاء بحضور عدد من الفنانين وأقاربها وأصدقائها من داخل الوسط وخارجه.

 

نعى عدد من الفنانين الفنانة الراحلة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن رحيلها خسارة لفنانة محترفة، عرفت كيف تؤدي دورها بإخلاص، دون أن تسعى خلف الأضواء أو تصنع ضجيجًا حول حضورها.

وجه لا يُنسى

 

لا تُقاس أهمية الفنان بحجم أدواره فقط، بل أحيانًا تكمن قيمته في قدرته على أن يُصبح وجهًا مألوفًا، ذا حضور دائم في وجدان المشاهد. وقد نجحت الفنانة شروق في ذلك، حيث رسخت صورتها في ذاكرة الشاشة المصرية، ضمن طيف واسع من الممثلين الذين كانوا جزءًا من نسيج الدراما اليومية التي عاش معها الجمهور لسنوات.

 

وداعًا شروق

 

برحيل شروق، تطوي الشاشة المصرية صفحة جديدة من صفحات فناني الصف الثاني الذين شكلوا العمود الفقري للدراما، وأضفوا عليها الواقعية والبساطة والصدق. فهؤلاء هم من حملوا على عاتقهم مهمة تجسيد أدوار المكافحين والبسطاء والمهمّشين، وظلوا أوفياء لفنهم حتى النهاية.

 

رحم الله الفنانة شروق، وأسكنها فسيح جناته.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.