إلى ذاك الحبيب:
إعلم أنه لا أحد قبلك نال منِّي ما نلته أنت، واعلم أنِّي ما أحببتك لحظٍ وفير ولا لجمالٍ مثير؛
إلا أنِّي وجدتُ فيك جمالًا آخر قد شفَّ عن صورة روحك التي تُشبهني فجذبني إليك.
لا أُنكر كيف نَعِمتُ وترغدت بجوارك؛ فكنت تلك الزهرة النديَّة اليانعة،
التي ما إن رأتك في مكانٍ ولّت نحوك كأنك الشمس في سمائها.
لا أُنكر لمعة العين الهائلة ولا أنكر أوقات السهر الحانية، ولا فيض السعادة الهانئة.
ولأنِّي خيالية لم أحسب للفراق حسابًا فحلمت وتمنيت وبنيت قصرًا من هوىً في الخيال؛
حتى هويت من أعلى درجاته، فتصدع الجسد أشلاء،
وهامت الروح في الملكوت حائرة، أين توأمي، وكيف انفصل عنِّي؟!
وأين ذلك الجسد الذي سكنته فكانت الحياة رائقة هانئة لايشوبها مكدر ولا يعكر صفوها نازلة؟!
الآن لا أرى سوى جسد بالىٍ خارت قواه سَئِمَ الحياة ويرنو للآخرة!
لا أعلم كيف للدنيا الواسعة أن تضيق يومًا على أهلها؟!
لا أُلقي باللوم عليك؛ فاللوم كل اللوم عليَّ لأنِّي لم أحسب للغدر حاسبة.
تمنيت السعادة الدائمة وأن تبقى حياتنا معًا خالدة ونسيت أنها لا تبقى على وتيرة واحدة
وأنها مُتقلبة وأن قلوبنا ليست ملك يميننا وأنها بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء
فشئتُ وشاء الله غير مشيئتي فالحمد لله على مشيئة الله في الأولى والآخرة
وليتني مابنيت في الخيال أحلامًا خادعة وليتني ما أفرطت في السعادة والهناء حتى لا أصدم هكذا!