رقة القلب ليست مجرد شعور عابر ….بل هي حالة إيمانية عميقة

رقة القلب ليست مجرد شعور عابر ….بل هي حالة إيمانية عميقة

بقلم: سامية البابلى

رقة القلب كنز عظيم تناله بصدق الخشوع والتدبر في زمن يعج بالمظاهر ويضج بالماديات، باتت قسوة القلب داءً يسرق من الإنسان أجمل ما فيه فلا عجب أن ترى النفوس مشغولة بمظاهر الحياة…ببيوت فاخرة، بملابس أنيقة، بأرقام وحسابات، لكن القلوب في جفاف والروح في ظمأ… فإنشغال النفس بالدنيا ومتاعها أكبر أسباب قسوة القلب…فلا تجعل نفسك تنشغل بالمظهر عن الجوهر ولا تشغلها بالمادة عن الروح

وهنا تبدأ رحلة رقة القلب

الخشوع الذي يعني، في لغته، الانكسار والسكون
والتذلل… ولكنه مرتبط بتذلل العبد وخضوعه وإستكانته لله تعالى …حين تخشع الجوارح، تُعَظَم حُرُمات الله ولا يبقى فى القلب إلا عظمة الله ،ويمتثل الفرد لأوامره بإخلاص
فلو مر بك هذه المواصفات بحق، فهل تتخيل من الممكن أن تكون قاسي القلب؟
قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد، أشكو قسوة قلبي

قال: أذِبه بذِكر الله

بالخشوع …إرتَفَعت بمستوى شفافيتك وقربك لله عزَّ وجلَّ حتى تغلغل هذا الإحساس ووصل إلى قلبك فرققه
وأناخه ( جعله يستقر)

ما رقّ قلب عبدٍ لله إلا كان سابقًا للخير
.
رقة القلب ليست ضعفًا، بل قوة نورانيه… هي نعمة لا تُمنح إلا لمن أخلص في عبادته، وأدرك أن أعظم ما يمكن أن يملكه هو قلب حي، يخشى الله ويتأثر بذكره لأن الذكر يُطهر القلب، ويغسل الصدر من قسوته، ويُعيد للنفس طمأنينتها
فالنظر والتدبر في كتاب الله هو من أسباب رقة القلب

فتدربوا على رقة القلب من خلال الخشوع والتدبر ، حتى يرسل الله عزَّ وجلَّ على قلوبكم رحمة تحول قلوبكم من قسوة إلى رقة
فكم من شخص قرأ آية واحدة، فارتجف قلبه، وسالت دموعه دون أن يشعر! ذلك لأن القرآن حين يتغلغل في القلب، يُلينه ويُرققه، ويُعيد إليه صفاءه المفقود

درب نفسك على الخشوع، علّم قلبك أن يتدبر كل آية ،، واقرأ القرآن بقلب حاضر، لا بلسان فقط
فإذا استقر الخشوع في قلبك، سترى أن الرحمة تملأ روحك، وستتحوّل قسوة القلب إلى لين واطمئنان

وتذكّر دائمًا:
القلب الرقيق ليس ضعفًا، بل هو سر القوة… هو قلب يعرف طريقه إلى الله، فيلين لكل جميل، ويقف شامخًا في وجه كل قسوة .

كاتبة المقال
الأستاذة سامية البابلى
كاتبة كتابة مقالات ومراجعات الكتب وتبدع في الفن التشكيلي والديكوباج وتؤمن بأن التعبير الإبداعي بالكلمة والريشة