رمضان بين انقاض الطبقة الوسطى

الشهر الفضيل يبحث عمن يقوم به

رمضان بين انقاض الطبقة الوسطى

 

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)

هل لك ان تتخيل شهر رمضان بدون صوت الشيخ محمد رفعت ؟او صوت صلاة التراويح الممزوج بصياح الاطفال فى الشوارع ؟ او اغنية اهلا رمضان تنساب من اجهزة المذياع والتلفزيون ؟ او حتى بدون فوانيس رمضان ؟رغم ما اصابها من تشويه افقدها هويتها فى الفترة الاخيرة..

لا اظن هذا ممكنا .. لرمضان عند المصريين بشكل خاص مظاهر لا تتكرر على وجه البسيطة

على مر قرون طويلة وشهر رمضان له طقوس خاصة لدى المصريين عامة حتى انه صار له رائحة ولون وقوام لا يشبه باقي الايام ..

واكثر ما يميز رمضان هي تصرفات الطبقة الوسطى في المجتمع المصري وهى الطبقة العتيدة التي تمثل  دعامة المجتمع المصري وقوائم ارتكازه ..

تلك الطبقة الوسطية بلا خلاف بغير غلو في شيء ولا تفريط مخل في شيء فلا ينالها التشدد ولا يصيبها التقصير ..

اذا اردت ان تجد نموذجا حقيقيا للمصري فحتما ستجد نفسك تفكر في احد افراد هذه الطبقة  او احدى اسرها .

وقد تسببت الاحداث الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية في تفكيك هذه الطبقة وهى على وشك الانهيار والضياع الى الابد.

وهنا نجد المجتمع المصري بل والدولة المصرية وهما رعاة هذا المشهد بنوع من الماسوشية الغريبة ناظرين للمشهد الفاجع بعين كلها رضا عن فقدان شيء من الذات ..

ولما كانت الهوية المصرية التي كانت دائما تحميها تلك الطبقة المتآكلة التي ينخر في بنيانها ما اتت به رياح التغيير الايله للسقوط حاليا صارت عرضة للضياع او التبديد وبرضا تام من المجتمع الذى يرقص في محراب التغيير حافي القدمين على اشلائه الخاصة..

ان ما جعلني استطرد في وصف اهمية الطبقة الوسطى الى هذا الحد هو ارتباط تآكلها بتآكل جانب كبير من عادات المصريين وتقاليدهم بل لا ابالغ ان قلت وفى مظهرهم وملامحهم ايضا

وفى نظرة سريعة للشهر الكريم شكلا وموضوعا منذ فترة تجد ان كل ما ارتبط به من الشكل والمضمون عرضة للتلاشي بكل بساطه ليحل محله ثقافة شعبية جديدة هي باختصار ثقافة التوكتوك  ثقافة الصوت العالي المزعج ومخالفة القواعد بل وثقافة السير عكس الاتجاه والاصرار على ذلك والدفاع عن الحق الاصيل في الخطا حتى اخر رمق.

نعم ثقافة التوكتوك .!! ذلك الكائن المبتسر المشوه المدعى الغريب الذى هو في الاصل دراجه نارية ويتظاهر بانه سيارة ..،مخالف للقانون ورغم انه مباح .. لن اطيل في وصف هذا الشيء كثيرا لكنا لا ننكر انه صنع مجتمعا جديدا داخل المجتمع المصري له فنه الخاص وقانونه الخاص وموسيقاه وابطاله وكل ما يميز حضارة مكتملة الاركان لكنها بكل تأكيد ليست مصرية.. وضمن هذه المفروضات الجديدة تشويه ملامح الشهر الكريم بالضجة الصاخبة التي تخرج من مكبرات الصوت العملاقة التي تستغرب جدا ان تخرج من كيان بهذا الصغر ، وتستغرب اكثر حين تعرف ان مكبرات الصوت تلك التي تدمر حاستي السمع والذوق  اغلى في قيمتها المادية من المركبة ذاتها ..

لنعد ونلقى نظرة بانورامية على المجتمع المصري .. الذى على وشك ان يحتفل في الايام القادمة بحلول الشهر الكريم .. ترى كم سيبتعد عن ما عهد فيه من مشاهد كانت يوما ما تميز ايام هذا الشهر ..

لا استبعد ان تستبدل اغنية اهلا رمضان مثلا بإحدى تلك المآسي التي ينعق فيها احد مغنى المهرجانات بكلمات لا معنى لها لكنها تحرص على ايقاع قوي ..ولن اذكر امثلة..

اظن ان الوقت حان لننتبه ان حارس الهوية المصرية و حامي حماها كانت طبقة تجر الان الى المذبح تحت راية الاصلاح الاقتصادي تارة والاصلاح الاجتماعي تارة اخرى ..

انتبهوا يا الوا الالباب

وكل عام وانتم بخير

وائل جنيدى

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.