رمضان زمن الطيبين ” شهر التسامح والقلوب الصافية”

رمضان زمن الطيبين ” شهر التسامح والقلوب الصافية”

بقلم : زينب النجار..

عندما كانت النفوس والقلوب متصلة بالحب والرضا، كنا ننتظر شهر رمضان بحب وشوق ، وكنا في ليلة من شهر شعبان وهي ليلة الرؤيا لأستقبال شهر رمضان الكريم ، كانت تجتمع الأسرة جميعًا بعد صلاة العشاء مباشرة ، للأستماع لإعلان موعد الصيام، يتحول البيت والشارع إلى فرح كبير، الأطفال يحملون الفوانيس ويخرجون فى تلك الليلة إلى الطرقات والشوارع والحارات سواء مع أقرانهم من الأطفال أو إلى جانب أفراد عائلتهم مرتدين أحلى ما عندهم من ثياب، يغنون الأناشيد الخاصة بالشهر الكريم فى فرحة جماعية عارمة ويهتفون رمضان بكره.. حضروا السحور، ويتبادل أهل التهانى وكأنهم فى عيد..

المظاهر في الشارع …

قبل الأفطار بائعوا الكنافة يعملون على الأفران الطينية، رائحة التمر هندي في الشارع تعبق رئتيك وأنت تستنشقها بشغف لا نهاية له، الفانوس الخشبي ذو الورق الملون معلق في منتصف الشارع وبجواره زينة رمضان الورقية المصنوعة بالخيط والعجين مدلاَّة بين المنازل بشكل أفقي تضربها نسمات الريح الخفيفة التي تملأ جو رمضان ، وأتذكر ذات يوم كان لدينا فانوس كبير بشارعنا قام بصناعته أخي وأولاد الجيران كانوا يتشاركون بحب في صناعته وتركيب الزينة ، كان مزخرف بألوان زاهية وقد تم تركيب وصلة كاست للأستماع للقرآن الكريم في نهار رمضان ،وبعد الفطار بأغاني رمضان المبارك…

ثم يبدأ التلفزيون بعرض أغاني رمضان جانا ، وحوي يا وحوي أياحه…
ونبدأ بأول أيام الشهر الكريم علي خواطر الشعراوي قبل الأذان ثم أبتهالات النقشنبدي وبعدها ينطلق مدفع الأفطار
معلن لحظة الأفطار ..

ثم فوازير شريهان ونيلي وبوجي وطمطم
وعمو فؤاد وبكار وبطوط…..
والكاميرا الخفية …

صلاة العشاء والتروايح من أبرز العبادات في شهر الصوم، كانت ومازالت من أجمل المناظر الذي تراها في ليالي رمضان مشهد الناس والأطفال وهي ذاهبة إلي المسجد تصلي ، مشهد فيه اطمئان جميل وبركة حقيقية….

كانت الأمهات والجدات ، أثناء الإفطار، يتبادلن الطعام، وكان البيت والشارع كله أسرة واحدة، والجميع يعيشون في رضا وحب، رغم الحالة الاقتصادية الصعبة، كانت حالة الرضا بما قسم الله تحيل حياة الجميع إلى جنة»

كانت الحياة بسيطة جدًا والبيوت كلها مفتوحة وكأننا في بيت واحد ينتقل الصغار من بيت الي آخر بدون أستئاذن فيستقبل بأبتسامة وترحيب من ست البيت …
لقد كانت لدينا طقوس رمضانية جميلة غابت عننا بفعل التكنولوجيا والتطور وأنتشار الفضائيات باتت العدو الأول للعلاقات الأجتماعية الطيبة التي تربينا عليها وفقدناها ولم يبق منها سوي الذكريات …
وما أجملها من ذكريات لا تحصى !
ذكريات الطيبين ومنازلهم حيث كانت عامرة بالحب والقلوب الطيبة بنية الفطرة السليمة الصافية..

 

أين ذهب رمضان الطيبين؟

لقد تراكمات علينا عادات وتقاليد غريبة جدًا سابقات رمضانية ومئات النجوم ومئات المسلسلات ومئات من البرامج التي يتسم أغلبها بتفاهة وسطحية وسخافة وأنعدام رؤية فنية أو ثقافية. ومسلسلات أغلبها يعتمد علي الإبهار بڤيلات وقصور بالم هيلز وأب تاون كايرو …
وأغراء من نجمات عفا الزمن عنهم ، والكثير من الوجوه الجديدة منعدمي الموهبة أو الثقافة وحتي التعليم جيل أغلبه من أصحاب الواسطة أو أبناء الفنانين والإعلاميين أو من قدم تنازلات ، جيل تسبب في أنهيار صناعة كانت رائدة في مصر، لتصبح صناعة فاشلة خاسرة، تأكل عيش في رمضان فقط …

ثم نأتي للتغيرات في الشارع في ليالي رمضان…
عروضات الخيم الرمضانية والقهاوي والقاعات التي تقيم حفلات السمر من وقت أذان العشاء ، تقدم سحور رمضان يحيها المطرب فلان والمطربة الساحرة والراقصة المشهورة التي تقدم أجدد الأستعراضات …..

مع تقديم الأطعمة المتنوعة من المطاعم الصينية والخليجية والسورية والمصرية بجميع أصنافها …

أم سلبيات الفيس بوك حدث ولا حرج .

تريندات الطعام للسيدات التي تشمل صور أفطار رمضان من أصناف فاخرة وحلويات من أفخم الأنواع ، دون مراعاة للأسر الفقيرة أو متوسطي الدخل بغض النظر فهو شئ أستفزازي للبعض..

ويليها الترند الشهير بوست رمضان
أنا مش مسامحة أي أحد وهكثف الدعاء عليه في رمضان …
ونحن نعلم أن رمضان شهر التسامح والحب والمغفرة والخير والعتق من النيران …

وتريند التباهي بختمة القرآن أكثر من مرة

من منكم فعل مثلي …

ويليه تريند مظاهر الأسراف للناس الميسورة ورغم أننا كلنا نعلم حكمة فرض الصيام وإننا لابد أن نحس بجوع ومعاناة الفقراء. فلماذا نقوم بعمل الكثير من العزومات وتذكر أن فطار اليوم كلف الالأف من الجنيهات….
أي معاناة نحس بها إذا فقدنا الأحساس بالفقراء …

فإلي أين ذهبت قداسية الشهر المبارك وأين طقوسه الجميلة التي تربينا عليها نحن نشتاق لها ونحن إليها فليس لنا منها إلا بعض الذكريات يصعب علينا نسيانها لأنها ذات يوم أمتعتنا كثيرا …..

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.