رمضان شهر الرحمة والعتق من النار… هل أغتنمت الفرصة؟
رمضان شهر الرحمة والعتق من النار…
هل أغتنمت الفرصة؟
كتبت :زينب النجار
شهر رمضان عظيم أختصه الله سبحانه وتعالى بالصيام، وأكرمنا فيه سبحانه بفضله وكرمه، فجعلنا بين ثلاث مراحل الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وضاعف لنا فيه الأجر والثواب في كل الأعمال، فحثَّنا ذلك كله على العبادة والطاعة، فأقبل المسلمون على الطاعات، وامتلأت المساجد بصفوف المصلين، وأصبح البذل والجود والتواصل والتراحم سمة ظاهرة في المجتمع، وغدا رمضان وسيلة لتهذيب النفس وتربيتها على الجوع والعطش في سبيل الله.
كما أن شهر رمضان شهر القرأن
أنزل الله عز وجل القرآن فيه “وقد قال الله تعالى في ثنايا آيات الصيام: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ». وكان هذا الإنزال جملة واحدة في ليلة القدر من رمضان، كما قال تعالى: «إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر».
فهي تحمل سلاما ورحمة وتسامحا، لذلك لايؤذن فيها لبث الضغائن والأحقاد والكراهية ومظاهر العنف وكل الصفات فتواجد المسلمين بكل أطيافهم في بيوت الله لإحياء هذه الليلة المباركة هو مشهد مهيب يلزمنا جميعا الحفاظ عليه والاستمرار على خطه ونهجه، فهي ليلة يتوهج منها النور والهدى والخير للمؤمنين الصائمين الصابرين الذين وعدهم الله بمثوبة عظيمة من حرم خيرها كما قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم فقد حرم خيرها «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم».
فإن شهر رمضان تكثر الصور الجمالية والإيجابية، أكثر من غيره، والناس تنتظر هذا الشهر بكل اشتياق، ومن الصعب أن يجتمع شمل الأسرة على مائدة واحدة في غير هذا الشهر الفضيل. في رمضان، نرى شمل العائلة الواحدة وقد اجتمع على الموائد، وفي الغالب يكون اللقاء في بيت العائلة، وهذه صورة حميمية يفتقدها الكثير من الناس في غير شهر الخير والبركة…
فما أجمل الجو الايماني في رمضان، حيث تجد المساجد تكثر بالمصلين في صلاة الفجر وبقية الصلوات والتراويح، وهو شهر العبادة والعمل والجد والنشاط،
ولكن رغم كثر الأيجابيات هناك ظواهر سلبية تصاحب هذا الشهر الفضيل وتتكرر في كل عام من بعض الناس، خصوصاً من الذين يميلون إلى الراحة أكثر من اللازم. سهر طوال الليل ونوم في النهار وعدم الاهتمام بالانجاز في العمل.
ومن أكبر المظاهر السلبية التي نشاهدها، هي غزو الأسواق والجمعيات وشراء كل شيء، ما نحتاجه وما لا نحتاجه. وما هو الفرق بين بقية الأشهر وشهر رمضان، بل من المفترض أن يكون الأكل في رمضان أقل من غيره، وحيث إن الوجبات محدودة وأقل من غيرها…
فأصبح شهر رمضان وسيلة للزهد والتقشف، وعلامة للتبذير والإسراف
وأخذت الموائد تزداد بمأكولات خاصة برمضان، وكأنه أصبح أحتفالية مادية لا أحتفالية روحية..
كما أن من أكثر ملهيات شهر رمضان كثرة مشاهدة برامج التلفزيون والأنشغال ببرامج التواصل الاجتماعي، والمسلسلات المتنافية مع روحانية الشهر الكريم ، وبرامج هابطة وغيرها من الأسطوانات التي تتكرر والأصوات التي تتعالى ، فالمعارضون يشجبون والمؤيدون مستمتعون ، كل هذا يحدث مع إطلالة كل رمضان يهل علينا ، حتى أصبح الناس يتنافسون علي تريند أعلي المشاهدات ومن يستحق المتابعة ومن لا يستحق ..
ومع الوقت نلاحظ أن الشهر قد رحل قبل أن نحسن ونغتنم أوقاته …
وها قد بقي لهذا الشهر الفضيل بضعة أيام قليلة قبل أن يغادر؟
فماذا قدمت لهذا الشهر المبارك؟
هل أغتنمت الفرصة في الصلاة وتلاوة القرأن؟
هل تعلم أن أهل القبور يتمنون اليوم أن يعودوا إلى الدنيا ليدركوا ليلة من رمضان، ليعمروها بطاعة الله تعالى، يتمنون يوما من أيام رمضان ليعمروا ساعاته بالذكر والصلاة وتلاوة ..
فيجب علي كل من أنعم الله تعالى بهذه الشهر ووفقه لصيامه وقيامه أن يشكر الله تعالى، وأن يستغل ما بقي من شهر رمضان بطاعة الله والتزود من الخيرات؛ لأنه كم من إنسان قد مات وانقطع عمله فلم يشهد هذا الشهر المبارك؟
وكم من إنسان لا زال حيًا ولكن لم يُوفق للصيام والقيام؟
وكم من إنسان كان يتمنى أن يصوم النهار ويقوم الليل لكنه لا يستطيع ذلك بسبب مرضه؟
فهنيئًا لكل من وفقه الله تعالى في هذا الشهر الفضيل للصيام والقيام وسائر الطاعات…
فنحن الأن في العشر الأواخر من الأيام ، المباركة التى وصفها الرسول صلي الله عليه وسلم، بأنها أيام العتق من النار….
فمن فاته الأيام الأولي من شهر رمضان فليستعد ويغتنم ما بها من فرصة للأغتراف من نفحات هذه الأيام المباركة
فإن الله غفور رحيم تواب يقبل التوبة ويسمع الدعاء ويتقبل من عباده ..
لتكن أواخر رمضان هذا الغيث على قلبك وروحك وعملك، فجاهد بكل ذرة في كيانك كي تخرج من هذا الشهر بقلب غير الذي ولجت به ..
فأللهم لا تختم لنا رمضان إلا وقد سجلتنا في صحيفة العتقاء من النار، إللهم إنا نستودعك أدعية فاضت بها قلوبنا فاستجبها يارب اللهم بلغنا ليلة القدر وأجعلنا فيها من الفائزين…