رواية “كرامة من زجاج” للآديب عصام قابيل “الحلقة الرابعة”
ثم تكلم الرجل فقال : أولا ،لن يكون إلا مايرضيكي ! ولن يحدث شيئا الا بعد ان تقر عينك واعتبري أن الأمر بيدك أنتي ، وأنتي من تقرري !!
قالت هويدا وهي تتهكم : كيف وأنا الآن اصبحت رهينة بزواجك الغاصب ، والذي تم دون رأيي أو موافقتي .
قال الرجل : كما قلت لكِ ، لن يكون إلا ماتوافقي عليه ، وترضي عنه ، ولكن انظري إلى الأمر من زاوية الواقع .
قالت : وهل الواقع أن تفرض علي فرضا ؛ ثم تدعي أن الأمر بيدي؟
قال الرجل بلهجة أشد حسما : لاتقاطعيني أثناء حديثي ، وانتظري حتي انتهي ، ولاتستخدمي هذه اللهجة الساخرة مرة أخرى، واحترمي زوجك .
قالت وقد انتفضت من مكانها : لا أعترف بك زوجا أصلا ، ولاتكلمني بهذه الحدة !
قال الرجل : إذا فيجب أن تعلمي حقيقة هذا الزواج ؛ حتي تكوني حرة باتخاذ قرارك .
سكتت ، وقد استوقفها لهجته الجادة ، وماتخفيه ثنايا الكلمات
استرسل الرجل – في هدوء – :
لقد تعرف أبوكي علي امرأة تصغره بكثير ، أرملة وليس لديها أولاد عن طريق واحدا من أصحابه القدامى ، وقد تعلق بها ، وأراد أن يتزوجها منذ سنة تقريبا ، إلا انها اشترطت مهرا كبيرا ، ولم يكن لديه هذا المبلغ ، فاقترضه مني ، وقد أمهلته عاما للسداد ومر هذا العام ، دون مقدرة أبيكي علي السداد .
نظرت إليه في استهجان شديد ، وكتمت صرخة في صدرها ، وقد خلعت قلبها المفاجأة ؛ التي شغلتها عن مدوامة الإستماع لما يقوله الرجل ، هل تزوج أبوها دون أن يدري أحد من أهل البيت ؟،
وهل حقا زواجه لم يعلم به أحد من أهل القرية ؟
وهل حقا هو مديون لهذا الرجل ؟
وهل جاء هذا الرجل ليسترد دينه ؟
ماجت رأسها بالأفكار ، وهي مذهولة لما سمعت !
ولكنها قررت أن تحفظ لأبيها كرامته ، ولاتصدر أي رد فعل يهينه أمام الرجل ، وتحافظ علي هيبته
قالت للرجل وكأنه لايعنيها ماقاله : وماذا في زواجه ؟ أليس بشرع الله ؟ ماذا يضره أو يعيبه ؟ لاهو عيب ولا حرام
قاطعها الرجل بحزم ، وقال : المشكلة ليست في زواجه ، ولكن المشكلة في الدين الذي استدانه مني !
قالت هويدا بحدة : لاأفهم ، مادخل هذا بهذه المهزلة التي تحدث الآن معي ، وزواجي المغصوبة عليه ؟
قال الرجل وهو يستنكر عدم فهمها :
أقول لكِ أنه استدان مني ، وحل موعد السداد ، وقد كنت أدخر هذا المال للزواج ، وقد مر بي العمر حتي تجاوزت الخامسة والثلاتين من عمري، فتصحني ممن يعلمون بقصة هذا الدين ؛ ويعرفون عنكي الجمال والملاحة أن أتكلم مع والدك ، وأن يجعل هذا الدين مهرا لكي ، صرخت هويدا في وجهه ، وقد شعرت بطعنة كبيرة في كرامتها ، لاتقل عن زواجها دون علمها شدة ،وقالت :
إذا فأنا مجرد صفقة ، ألا تستحي يارجل من هذا الكلام ، هل جئت لتساوم علي زواجي مقابل دينك على أبي ؟
لقد سقطت من نظري أكثر ، وليتك ماتكلمت ، قال الرجل ، وقد ظهرت عليه علامات الضيق :
انا لاأساومك ، أنتي صاحبة القرار ، كل ماهنالك أنني لن أصبر أكثر من هذا على أبيك ، وأريد أن أتزوج ، وإما أن يرد أبوكي الدين ، أو أشكوه بالمحكمة ، وأنتي حرة في اختيارك !
قالت وهي تشعر بوخز السكين أكثر في صلب كرامتها :
اذا فالزواج ، أو حبس أبي ، ماأحقرها من مساومة ،
قال الرجل هي كلمة واحدة اريد الاجابة عليها بنعم او لا هل تردينني ام لا قالت وهي تريد ان تراوغه لعلها تجد طريقة تتخلص بها منه
اعطني فرصة ووقتا افكر ، قالت في نفسها لعلي ارجع الي قاسم فهو يعمل بشركة بترول وراتبه كبير لعله ادخر شيئا نستطيع ان نتخلص من هذا المأزق ولكن كيف؟
لقد كانت تسمع أبيها ،وهو يتشاجر مع أخيها ، وبعد كل شجار كانت تسمع تلك الكلمة من قاسم : ليس معي ، وكان رد ابوها :هل تعاقبني ؟
ولم تكن تفهم تلك الكلمة وقتها , وكانت تظن أن مجرد عدم حب زوجته لهم ، وخلافها دائما مع أمها هو السبب .
ولكن هاذاك الأمر
هل كان يعلم قاسم بزواج أبي ، ولم يساعده عقابا له ؟
تري هل تعلم أمي بهذا الزواج ؟
تري ماذا حدث ولماذا لم يستمر هذا الزواج الذي كلف ابي هذا الدين
انتبهت علي صوت الرجل وهو يقول في غضب وحنق : كم وقت تحتاجين لتفكري ؟
قالت وهي تحاول أن تعطي نفسها فرصة كبيرة :أسبوعين .
قال الرجل : هذا كثير .
قالت وقد دخلت في مساومة مستميتة لتحصل على أكبر وقت يساعدها في الحصول على طريقة للتخلص من هذا الزواج :
عشرة أيام ، قال الرجل : كثير جدا
قالت : أسبوع
قال : كثير ، قالت : كم إذا تعطيني من وقت ؟
قال : الآن ، لابد أن تردي الآن .
صرخت صرخة مكتومة ، وقد علمت أنها في ذل واستهانة لاحدود لها : انت تذلني ، وتنتهك كرامتي ، مقابل أن لايهان أبي واراه وهو ذو الهيبة والكرامة محبوسا ، ويتلسن عليه أهل القرية .
قالت : لا أريدك ، لا أريدك !