رواية متيم بك الجزء الأول بقلم نادية مصطفى

الجزء الأول

رواية مُتَيَمْ بِكِ ( نادية مصطفي)

البداية

إلى كل من سمح للإختيار الخاطئ بقتل كل شيء فيه ..
إلى كل من سمح لتجربة فاشلة ان تتحكم في مسار حياته ..
إلى كل شخص يئس من حياته ويرى انها ظالمه ولم تكن عادله معه يوما ..
إلى كل شخص يرى ان حياته توقفت بعد تجربة لم تستمر بسبب اختيار خاطئ لا يناسبه ابدا ..

دلوقتي انا شخص هيقرأ معاك الحكاية دي ، سني قريب من سنك ، واسمي هسيبه لإختيارك انت بقي .. اتفضل قوم إعمل لنا اتنين قهوة وتعالي عشان نبدأ حكايتنا .. يلا بسرعه انت لسه هتفكر !

حكاية النهاردة بتحكي عن قصه حب غريبة بكل المقاييس ، حاجه بتحصل ف حياتنا احيانا بس المره دي مختلفة ..
شغل موسيقى هادية ، اطفي النور ، ولع شمعه ، هات قهوتك ، وتعالي ، ركز معايا ، عيش كل لحظه معاهم …

كعادتها تستيقظ حنين الفتاة الجميلة ، ذات البشره البيضاء ، وشعر اسود كالليل ، وعين واسعه داكنه اللون ، والشفاه الوردية ، تخرج من غرفتها بوجه مبتسم تشبه وردة متفتحه في فصل الربيع ..
حنين : صباح الخير يا ماما ، صباح الخير يا بابا
مامتها : صباح الفل يا حبيبتي يلا عشان تفطري قبل ما تنزلي
بباها : صباح الخير يا حنين يلا عشان تلحقي تفطري قبل ما تنزلي الدروس
( حنين طالبة بالصف الثاني الثانوى ومتفوقة في دراستها ف هي فتاة طموحه وتحلم بالوصول لكلية الهندسة وتبذل اقصي جهد لذالك )

………………….

في نفس الوقت ذاته ، استيقظ مالك ، الشاب الطويل ، ذا البشرة القمحوية ، و الشعر الأسود ، والعيون البنيه ، مفتول العضلات ، مالك الطالب بالصف الرابع بكلية الهندسة ومتفوق في دراسته ، يخرج من غرفته مبتسم ، وقلبه ملئ بالأمل والثقه بالله ، ويشعر وكأن الله يخبئ له شيئا للقدر ..
مالك : صباح الخير يا ست الكل ، امال فين بابا؟
مامته : صباح الخير يا حبيبي ، بابا فطر ونزل على شغله وانت اتأخرت ف النوم النهارده
مالك : كنت مطبق بقالي كام يوم عشان اخلص المشروع ف تعبان ف نمت كتير
مامته : ربنا معاك يا ابني وتخلص كليتك على خير وتبقى مهندس قد الدنيا وتلاقي بنت الحلال وافرح بيك
مالك : بس كده انا مش عاوز حاجه تاني غير الدعوتين الحلوين على الصبح دول ، انا نازل بقى عشان ألحق اسلم المشروع عشان اتأخرت
مامته : مش هتفطر؟
مالك : لأ متأخر اوي مش هينفع اتأخر اكتر من كده

………………

( في احد مقاعد المترو )
حنين : حاسب يا استاذ
مالك : اسف والله يا انسه ماكنتش اقصد
حنين : خلاص ولا يهمك
مالك : غريبه !
حنين : هي ايه دي اللى غريبة ؟!
مالك : انك ماشتمتيش خالص ولا حتى اتعصبتي ولا زعقتي رغم اني خبطك جامد بدون قصد كل اللي قولتيه حاسب يا استاذ وقولتيها بكل أدب وذوق ولما قولت اسف قولتي ولا يهمك بكل إحترام ..!
حنين : عشان انا عارفه انك خبطني غصب عنك ، وبعدين هو لازم ابقى قليلة الذوق معاك يعني عشان ابقى عادية !
مالك وقد حدق بعين حنين الواسعه الداكنه وبها لمعه أثارت فضوله : انتي ماينفعش تكوني عادية !
حنين : افندم
مالك : اسف والله مش قصدي
حنين : خلاص ماحصلش حاجه ولا يهمك
مالك : يالهوي على الأدب يا ناس
حنين وقد ابتسمت ونظرت للأرض دون أن ترد

( بعد ١٠ دقائق ) شاب يجلس في المقعد جانب حنين مباشره
الشاب : نتعرف يا جميل
حنين وقد نظرت له بإستحقار دون ان ترد
الشاب : طب رق يا جميل
حنين : ايه قله الذوق دي
الشاب : يعني هي ناس وناس
حنين : لو سمحت ماينفعش كدة احترم نفسك
الشاب : هو الذوق كمان لناس وناس
حنين بعصبيه : لو سمحت احترم نفسك
الشاب : طب نتعرف طيب يا جميل
حنين وقد نظرت له بإستحقار دون الرد
الشاب وقد اقترب من حنين ونظر لها نظره مرعبه وعيناه تشع الغضب : جري ايه يا بت انتي ماتعدلي وشك وبصي على قدك يا شاطرة
مالك بعصبية وقد بدأ ينفجر من الغضب : هي مش قالت لك احترم نفسك بالذوق
الشاب : ايه يا باشا هو حلو ليك و وحش لينا ولا ايه
مالك وقد وقف امام الشاب ولكمه في وجهه : لم نفسك وقولتهالك بالذوق
فرفع الشاب ركبته بأقصى قوة في بطن مالك ، فكتم مالك وجعه ولكمه مره اخرى ، وبدأ الشباك بينهم حتى استطاع بعض الركاب ان يبعدوهم عن بعضهم وجلس مالك بجانب حنين و وجهه ملطخ بالدماء ، فهبت حنين واقفه أمامه تمسح له وجهه بالمناديل ، وشكرته واعتذرت له ..
حنين : بجد انا مش عارفه اقولك ايه ، انت محترم اوي وجدع اوي ، بجد شكرا ، واسفه جدا على اللي حصلك بسببي ..
مالك : اولا ماتقوليش شكرا لان ده واجبي ، ثانيا ماتتأسفيش انتي مالكيش ذنب ف انه واحد مش محترم ، ثالثا انا هوصلك لحد بيتك عشان مايضايقكيش وانتي لوحدك ..
حنين : بجد انا مش عارفه اقولك ايه ، بجد شكرا اووي
مالك : طب اقعدي بقى
وبمجرد ان جلست حنين وصل المترو الي المحطه ..
حنين : انا هنزل هنا
مالك : هو انتي ساكنه فين؟
حنين : في (….)
مالك : والله ! ، انا كمان ساكن في (….) ، انتي فين بالظبط في (…)
حنين وقد وصفت له مكان سكنها بالتفصيل
مالك بحماس : انا ساكن في نفس الشارع ، طلعنا جيران كمان ، يلا يا جارتي
ونزلوا سوامن المترو

(وأثناء سيرهم في الشارع)
مالك وقد مد يده لها : مالك يس ، طالب في كلية الهندسه ، في سنه رابعه دلوقتي ، وساكن في شقه كبيره في (…) مع والدي و والدتي ، ليا اخ واخت متجوزين وساكنين قريب مننا ..
حنين وقد مدت يدها له : حنين احمد ، طالبه في تانيه ثانوي ، قسم علمي رياضه عشان نفسي ادخل كليه الهندسه ، ساكنه في شقه كويسه في (…) مع بابا وماما ، ليا اخين متجوزين وعايشين في (…) مش بعيد يعني ..
مالك : اتشرفت بمعرفتك يا حنين ومبسوط جدا
حنين : ربنا يخليك وانا مبسوطه ب معرفتك جدا
مالك : طب يعني جارتي ونفسك تدخلي كليتي ، خلاص يا ستي هذاكر لك واساعدك في اي حاجه تحتاجيها في المذاكرة
حنين بفرحه بالغه : بجد !
مالك بإبتسامه : بجد يا ست حنين ايه رأيك؟
حنين بسعاده : موافقه طبعا ، شكرا بجد انا لسه عرفاك من ساعه وشوفت فيك جدعنه ماشوفتهاش في حد قبل كده
مالك بسعاده : قولت لك ده واجبى يا بنتى والله
حنين : بنتك !
مالك : أه بنتى !
حنين وقد ضحكت بشده : ماشى يا بابا ، دى العماره اللى انا ساكته فيها
مالك بإستغراب : بجد !
حنين : اه والله ، مستغرب ليه
مالك : شايفه العمارة اللى جمبها دى ؟
حنين: اه مالها
مالك : انا ساكن هنا فى الدور الخامس
حنين : وانا كمان ساكنه فى الدور الخامس
مالك : ايه الصدف دى !
حنين : دى مش صدف ، كل حاجه مترتبه !
مالك : تقصدى ان لقائنا ده مترتب على هيئه صدف ؟!
حنين: بالظبط ، لان كل حاجه فى الدنيا مترتبه وربنا اللى رايد اننا نتقابل !
مالك : انتى شبهى اوى !
حنين : وليه ماتكونش انت اللى شبهى ؟!
مالك : عشان انا الاب وانتى البنوته !
حنين: طيب يا بابا ههه سلام بقى وشكرا على كل حاجه
مالك : استنى ، هاتى موبايلك
حنين بإستغراب : ليه !
مالك : يا ستى اكيد مش هسرقه يعنى
حنين وقد مدت له يدها بالموبايل : اتفضل
مالك : سجلت لك رقمى هنا ، هستناكى تكلمينى ..
حنين: لا طبعا
مالك بجديه : بصى من ساعه ما شوفتك وانا حاسس اننا هنبقى حاجه مهمه فى حياة بعض ودى غريبة اول مره احس الاحساس ده ، وانا حاسك شبهى اوى ، وبطلب منك اكون حاجه فى حياتك ، صديق ، أخ ، جار ، اى حاجه المهم ابقى حاجه جوه دايرتك ، وطبعا ليكى حرية الإختيار ..
حنين وقد بدا على وجهها التوتر
مالك : انا عارف إن كلامى مفاجئ ليكى وانتى لسه عرفانى من ساعه وليكى حق تعرفينى كويس الاول وعشان كده رقمى معاكى فكرى كويس واتصلى بيا هستنى مكالمتك
حنين : ولو ما اتصلتش ؟!
مالك : انا واثق إنك هتتصلى !
حنين بإستغراب : و واثق ليه ؟!
مالك : هتلاقى صاحب زيى فين يعنى !
حنين ضاحكه : ماشى يا عم ثقه
مالك بإبتسامه : فكرى وكلمينى ، مستنيكى
حنين : ان شاء الله ، سلام يا استاذ مالك
مالك : مالك بس يا حنين
حنين: سلام يا مالك

……………….

( الساعه ٢ بليل فى اوضه حنين )
حنين تجلس فى غرفتها فى إضاءة هادئة الساعه الثانيه فجرا وتحدث نفسها ..
هو انا ايه اللى حصلى من ساعه ما شوفته ! ، هو عمل فيا ايه ! ، مش عارفه ابطل افكر فيه ! ، هو مختلف ومميز ولا انا اللى شيفاه كده ؟ ، هو فعلا مختلف و مميز ولا انا اللى شيفاه كده ؟ ، هو فعلا صديق كويس اوى ويكفى جدعنته معايا ، بس مش عارفه أوافق ولا لا ! ، انا كنت بخاف من الدنيا كلها بس من ساعه ما شوفته وانا حاسه بأمان ، اول مره أدى لحد ما اعرفهوش مجال للكلام كده وانا مرتاحه ومطمنه ، اول مره حد يضرب عشانى بالشكل ده لمجرد انى سمعت كلمتين ضايقونى ، طيب هل هو اتخانق وضرب واتضرب كده علشان البنت اللى بتعاكس كده وهى لوحدها وهو راجل وجدع ولا عشانى انا شخصيا عشان حنين بذاتها ؟! ، طب أكلمه ولا لأ ؟ ، يارب ألهمنى الخير ..

………..

( الساعه ٢ بليل فى غرفة مالك )
مالك يجلس فى غرفته فى نفس الوقت وفى نفس الإضاءة الهادية يفكر ب حنين التى سكنت تفكيره من اول مره شاف عينها اللى أسرته ، وبيتكلم مع نفسه ..
ايه حكاية حنين معاك يا عم مالك ؟! ، طب اللى حصل النهاردة ده صدفه ولا كل حاجه مترتبه ، هل ربنا رتب لقائنا عشان تسكنى تفكيرى من اوى لحظه اشوفك فيها ! ، طب يا ترى هتوافق ؟! ، اه هتوافق ، طب ايه اللى مخلينى واثق إنها هتوافق اوى كده ! ، مش عارف بس من اول ما لمحتها قلبى قالى البنوته دى هتبقى اهم حد ف حياتك وهتبقوا مهمين اوى عند بعض ! ، ما اعرفش ليه دى اول مره تحصل معايا ، طب يا ترى هتتصل ولا لأ يا مالك ؟! ..
ولما ارهقه التفكير خرج البلاكونة ، بص مالك للسما وهو عينه مش شايفه غير حنين وضحكتها اللى ردت فيه الروح من اول مره شافها !
وفى نفس اللحظه خرجت حنين البلاكونه ..
مالك وهو ينظر لبلاكونه حنين : ايه ده ، ده بجد ولا بيتهيألي ؟! ، لا اكيد بيتهيألي ما انا من الصبح عمال يتهيألى انى شايفها فى كل حته ..
حنين وهى تنظر إلى بلاكونه مالك : مالك ايه اللى مصحيه دلوقتى ؟ ، يمكن مستنينى ؟ ، يمكن دى إشاره من ربنا ؟! ، انا هكلمه ..
دخلت حنين اوضتها تجيب الموبايل وساعتها مالك فقد الامل بعد ما اتأكد ان حنين كانت واقفه فعلا مش بيتهيأله واول ما شافته دخلت ففهم انها مش موافقه ، وبدأ قلبه ينقبض من الحزن ، فى اللحظه ذاتها رن تليفونه .. جرى جابه لقاه رقم من غير اسم ، خده ودخل البلاكونه لقى حنين ماسكه تليفونها على ودنها وباصه له ومبتسمه ، فى اللحظه دى دب الامل فى روحه من جديد !
رد بسرعه : ألو
حنين : ألو
مالك : كنت فقدت الامل إنك تتكلمى
حنين : مش انت قولت لى إنك واثق انى هتكلم
مالك : كنت واثق بس خايف
حنين : من ايه ؟
مالك : إنك ماتتكلميش
حنين : وكان ايه اللى هيحصل لو ما اتكلمتش ؟!
مالك : كنت هفضل وحيد !
حنين : و وحيد ليه ، ماعندكش أصحاب ؟
مالك : عندى كتير بس مش أصحاب أصحاب ..!
حنين : يعنى ؟
مالك : يعنى أصحاب بس مش بمعنى الكلمه ، يعنى نخرج مع بعض ، نهزر مع بعض ، نحضر المحاضرات مع بعض ، نقعد قاعده حلوة نهزر ، نتجمع ونزاكر ، كده يعنى ، لاكن لما يبقى عندى مشكله او مخنوق او مضايق ومحتاج حد جمبى ببعد وانعزل فى اوضتى شويه ، ماحدش فيهم بيلاحظ غيابى مهما طال ، ماحدش يفهم فيا ايه ، لو قاعد معاهم ساكت وسرحان ماحدش ياخد باله ولو واحد فيهم خد باله يقولى مالك مره ولو قولت مافيش انا تمام يصدق ويسكت ، ماحدش بيفهمنى وانا ساكت ، ماحدش بيقف فى ضهرى ويسندنى لما اميل ، انا لوحدى يا حنين واول ما شوفتك حسيت إنك النص التانى لروحى ، حسيتك شبهى وانتى اللى هتكملينى ، وعشان كده اتمنيت من ربنا إنك توافقى تكونى صديقة ليا ..
حنين : عارف يا مالك إنك شبهى اوى ف كل حاجه وكل كلمه قولتها بالحرف الواحد ، بس انا زياده بحاجه واحده بس ، بس مهمه اوى بالنسبه لى
وغريبة اووى يا مالك ..
مالك : ايه هى يا حنين ؟!
حنين : انى كنت خايفه من الدنيا لحد ما شوفتك اطمنت وحسيت بأمان !
مالك : نفس إحساسي !
حنين : شبه بعض اوى
مالك: صحاب ؟
حنين : صحاب !

وهنا بدأت صداقة مالك وحنين
صداقة قوية لا يفرقهما احد ولا يستطيع الزمن أن يقضى عليها ابدا مهما دارت الأيام ..
……………

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.