“سافرت القضية” أغنية للسيدة “فيروز” مُنعت قبل نصف قرن
سافرت القضية” هي آخر الغيث، ظهرت مباشرة بعد حرب العام 1967، وعبّرت بشكل واضح وعميق عن معاناة العرب مع المحافل الدولية وتحديداً مجلس الأمن الدولي، في مقاربتها لعدالة القضية.
لا يحتاج الأخوان “رحباني” لتكرار القول بأنهما عبقريا سياسة، مثلما هما عبقريا إبداع فني، فكل ما صوّراه وكتباه وغنته السيدة فيروز في أعمالهما، حصل بعد مرور سنوات أو عقود، حصل بالتمام والكمال مع كثير من التفاصيل، ومن هذا المناخ أغنية بعنوان “سافرت القضية” أطلقاها عام 1968 في حفل للسيدة الكبيرة بالجزائر، ثم مُنعت وعادت لتظهر منذ أسابيع قليلة على اليوتيوب.
ونظراً لأهمية ما أثارته بشأن قضية العرب الأولى قضية فلسطين القضية نُضيء عليها، مع 3 فنانين كبار حملوا القضية عبر أشهر الأغنيات (زهرة المدائن، يافا، سلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة، أنا لا أنساك فلسطين، القدس العتيقة، جسر العودة) خصوصاً ما تعلّق بالقرارات الدولية الكثيرة والتي بقيت حبراً على ورق. “سافرت القضية” هي آخر الغيث، ظهرت مباشرة بعد حرب العام 1967، وعبّرت بشكل واضح وعميق عن معاناة العرب مع المحافل الدولية وتحديداً مجلس الأمن الدولي، في مقاربتها لعدالة القضية.
تقول كلمات الأغنية “سافرت القضية تعرض شكواها في ردهة المحاكم الدولية / وكانت الجمعية قد خصّصت الجلسة للبحث في قضية القضية / وجاء مندوبون عن سائر الأمم جاؤا من الأمم / من دول الشمال والجنوب والدول الصغيرة والدول الكبيرة / وإستمع الجميع إلى اللجنة الرسمية / وخطب الأمين العام حكى عن السلام / وبحث الأعضاء الموضوع وطرح المشروع / عدالة القضية، حرية الشعوب، كرامة الإنسان، وشرعة الحقوق، وقف إطلاق النار، إنهاء النزاع، التصويت، التصريحات، البت في المشاكل المعلقة، الإجماع / وحرصت مصادر موثوقة نقلاً عن المراجع المطلعة / ودرست الهيئة، وإرتأت الهيئة، وقررت الهيئة / إرسال مبعوث وصرح المبعوث بأنه مبعوث من قبل المصادر، وأن حلاً ما في طريق الحل / وحين جاء الليل كان القضاة قد تعبوا، أتعبهم طول النقاش / فأغلقوا الدفاتر وذهبوا للنوم / وكان في الخارج صوت شتاء وظلام / وبائسون يبحثون عن سلام، والجوع في ملاجىء المشردين ينام، وكانت الرياح ما تزال تقتلع الخيام”.
كل هذه المعاني المباشرة، العميقة، الواضحة والمعبّرة لا نستغرب حضورها على هذا المستوى من إختصار معاناة القضية مع المرجعيات الدولية، مع ما يسمّى “الرأي العام العالمي”، ومرجعياته من منظمات وجمعيات وإتحادات، إلى ما هنالك من تسميات كثيرة لم تنفع أو تفلح في شيء، إلاّ في التصريحات المتشابهة والعامة، حتى الأونروا سقطت أخيراً في لعبة الضغوط الدولية على القضية وأهلها.