سبيل…..

 

سبيل…….

كتب… وليد يسري 

 

 

البلد كلها مكنش ليها سيرة غير أن خلاص مرات نعمان بتاع الأفران……

 

هتولد وهتجبله الولد بعد عشر سنين جواز…….

 

أهل البلد كلهم فرحوا للخبر ولنعمان اللي خلاص لقى اللي يشيل أسمه قبل ما يموت وتنتهي سلالته ليوم الدين….

البيوت مالهاش سيرة غير الولد اللي جاي لنعمان، ويوم الولادة كل فلاح خد مراته وعلى راسها سّبت فيه رز

أو غله أو دقيق وسكر ورايحين يجاملوا في المولود

كنت صغير بلعب مع العيال في الشارع

وفجأه لقيت عمي نعمان بيطرد في الناس بالحاجات اللي جايبنها وبيزعق ويقول “أنا صابر عليها وفي الأخر جابت بنت” بقى هي دي اللي هتسندني لما اتعب واللي هتمسك بدالي صنعتي وصنعة جدودي وهتبني الأفران الطين لأهل البلد، يالا يابلد منافقة ياريتني ما سمعت كلامكم وصبرت كان زماني اتجوزت ومعايا بدل الولد عشرة وبقى ليا ضهر وعزوه زي الناس

نعمان طلق مراته

 

اليوم دا حصلت حاجات وحشة كتير، نعمان طلق مراته ومشاها هي وبنتها اللي عمرها يوم، وبقت فُرجه لأهل البلد يومها أنا سمعت دعوة من مراته كانت غريبة لدرجة أن الناس مفهموش هى بتدعيله ولا بتدعي عليه

“روح يانعمان ربنا يطول في عمرك وتتذل”

 

بس لما كبرت عرفت يعني ايه تعيش لحد ما تعدي الميت سنة وأنت مش لاقي حد يآكلك ولا يشربك والناس قرفانه تغسل هدومك، يومها بس حسيت أن الموت ستر.

أنا كنت الإبن الوحيد لأبويا بعد موت أمي فقرر وبكل شهامة يتجوز الحاجة سعاد مرات نعمان بعد ما اتطلقت، احنا حياتنا اتغيرت جدا لما جت عندنا أمي سعاد وبنتها الصغيرة اللي سموها
“سبيل” اعتبرتها اختي وفرحت بيها، أبويا مكنش غني، كل اللي كان حيلته أوضتين وقيراطين إيجار

سبحان مغير الاحوال، مكناش نعرف أن سبيل هتبقى هي السند لينا كلنا، لاني وقعت وأنا بلعب من فوق البيت على ضهري ومن يومها لدلوقتي وأنا مشلول، وأبويا كبر في السن هو وأمي سعاد وبقت سبيل هى سبيلنا كلنا، أنا فاكر يوم ما جه نعمان في البيت أول ما وقعت من فوق السطوح فكرته جاي يشوف بنته لكن لقيته بيقول لأبويا

البت دي وشها فقر عليكوا ابنك بقي عاجز ارميها في الشارع
يومها أبويا ضربه بالقلم وطرده وقاله سبيل دي هي اللي هتبقى سبب بعد ربنا إننا نعيش مستورين، وقد كان،
أنا عاجز و أبويا كبير والأرض مبتكفيش الأدوية بتاعتي وبتاعة أبويا، كنا اه راجلين بس مع ايقاف التنفيذ، في الوقت ده خرجت سبيل اللي كانت من صغرها مغرمه بالطين وتشكيله، الظاهر إن فعلا العرق يمد لسابع جد، بقت تبني الأفران الطين وتصرف علينا، كانت فنانة كبيرة اوي في الشغل لدرجة أن ابوها محدش عاد بيطلبه لكبر سنه ولحبهم في سبيل، مكنتش اتصور انها تنسي عمرها وشبابها في الطين عشان تصرف علينا ومنمدش ايدنا للناس، نسيت إنها بنت وعاوزة تتجوز وكان كل ما عريس يجي تطرده وتقوله مفيش بنات للجواز

في أخر مرة أبويا خرج ورا العريس وأهله يطيب خاطرهم بكلمة، سمعت سبيل بتقول لأمي سعاد

الناس اللي سترتك وسترتني بعد ربنا يستاهلوا اني اعيشلهم خدامة

يومها أنا بكيت كتير، بكيت على نفسي اني عاجز ومش قادر اساعد وبكيت على ابويا اللي مالوش غير ربنا وسبيل
وبكيت على سبيل اللي عاشت في الطين وهتموت فيه وهي لوحدها من غير ونيس ولا حبيب، بكيت علي كل بنت خلعت توب أنوثتها وعملت راجل عشان تمنع إن رجالتها تتفضح وتمد ايدها بين الخلق 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.