سلاح ذو حدين ………بقلم الكاتب محمد فهمى

من الضروري الاعتراف الكامل بخطورته،هو لا يُشكل فقط خطورة على فئة من الناس بعينهم أو مرحلة عُمرية بعينها،وإنما يشكل خطورة على أي أحد أينما كان وقتما كان،ومع هذا هو ليس بهذا السوء فأحياناً ما يكون له إيجابيات كثيرة وهذا بالطبعِ إن أحسن المرء توظيفه واستغلاله،طبيعي،فأي شيئٍ نُحسن استغلاله يغمرنا بالخير والصواب.
كنت أجلس منفرداً في غرفتي أتأمل ما أنا عليه من حالٍ،فوجدتني في “فراغٍ” تام ليس هناك ما يجب القيام به فقلت:ها أنا ذا أقضي وقت فراغي في التأمل وهذا شيئ حسن،ولكن ماذا لو قضيته في سُبلٍ أخرى غير حسنة!؟ تُرى ماذا ستكون النتائج؟ وهذا ما دفعني لكتابة مقالتنا هذه، فضلاً عن قصة الشاب الذي أدمن المخدرات وهو في سن الحادية عشر من عمره وكان من أهم الأسباب الرئيسية التي دفعته ودعمته هو “الفراغ” وأمثلة مثله كثيرة،وهذا ما أكد لي ضرورة كتابة هذه المقالة بلا تردد، ولا داعٍ لأذكر اسمه وتفاصيله ولكني اكتفيت بالإشارة نظراً لضيق المقام وهذا التوظيف توظيف ضروري للمقالة.
نعلم جميعاً أننا مُقبلون على فترة دراسية لجميع المراحل التعليمية بدأ من الابتدائية وما قبلها إلى الجامعات والمعاهد التعليمية،وهذه المراحل خطرة لا تستهن بها أبداً،ولا أطبق نظرية الكل في حديثي،فالفراغ مثله مثل أي شيئ في الحياة له مزايا وعيوب،ويجب علينا الحذر جيداً وأن نتطلع كيف يقضي أبناؤنا أوقات فراغهم،فنحن الكِبار لا نَسْلَمْ من مخاطر الفراغ فما بالنا بالصغار؟
هناك عناصر يجب الاتزام بها لتحطيم شبح الفراغ وهي فقط للقياس ومجرد أمثلة ولا ألزمكم بتطبيقها،ولكن تركت لكم المجال تختاروا حسب ميول الأبناء، فيجب أن ننتبه لأولادنا،وأن نوجه طاقتهم إلى الصواب،وألا نترك لهم المجال لسلوك مسالك خبيثة فتُحَّولهم تدريجياً للأسوء،
فمثلاً والعنصر الأول: هو (توجيه ميول الطفل وطاقته نحو الهوايات والافعال الإيجابية) كالقراءة مثلاً،ونُحفِّذه على ذلك،وإن رأيته مثلاُ يخلو بحاله فانتزعه من خلوته كي لا يألف الوحدة وحينها يتغير بدون علمنا.
العنصر الثاني:هو (إشغال فراغه بمهام البيت أو الدراسة ومكافأته على صنيعه بأي شيئ يُحبه) وهذا أكثر ما يُحبه الطفل في حياته وهذه الطريقة فعّالة ناجحة تماماً،وبهذا الأسلوب يعتاد الإنصات لحديث آبائه وطاعتهم، ولا تُشعِره بأنك تراقبه أو أنك تَشُكُ في صنيعه وأفعاله وقراراته،فهذا يعود بالسلب عليه،ولا نريد ذلك بكل تأكيد.
العنصر الثالث: هو تزويد الابن بطاقات إيجابية تحفيذية “بالكلمات” تشعره بأنه ذو أهمية كبيرة في بيئته بشكلٍ عام سواء أسرة أو مجتمع كي يشعر بالمسئولية الكاملة منذ صغره فيبدأ في تأمل قراراته ونتائجها هل ستُفيد أم لا،وبهذا نكسب نضج الابن فكراً قبل أوانه ويرتاح الآباء فأعلم كم يعانون مع أولادهم.
لا تَقل له “لا أحبك” أو “إن فعلت كذا لن أحبك” كل هذا يؤثر على نفس الابن ويجعله مع الوقت يأوي إلى ركن بعيد في المنزل منفرداً يفكر في البحث عن محيط يشعر معه بالأمان والاحتواء،فهذا ما فقده في أبويه وإن كانا لا يقصدان ذلك، ومن ثم تبدأ المعارف الغامضة بالتخلل إلى البيت دون إدراك لذلك.
مخاطر الفراغ عديدة والتي أراها من وجهة نظري الأخطر على الإطلاق هي خطورة “التطلع والتجربة” الفراغ يعني السكون، وهذه العادة ليست من شيم الأطفال أو الأولاد ما دون مراحل الشباب ،وعليه يتطلع دائماً للبحث والتجربة سواء أن سمع من أحدهم كذا أو رأى كذا،ويقول في نفسه:ماذا لو جرّبت كذا وكذا كما سمعت ورأيت!!،في بعض الأحيان التجربة تصبح مفيدة للابن ولكن التجربة التي تؤدي إلى الإدمان لاحقاً فهذا ما لانقبله وخاصة مع الشباب في مرحلة المراهقة،فهذه المرحلة الأخطر عل الإطلاق،وأن تتركه هكذا يُنقب عن أشياء تملأ فراغه ،وأُحذر مرة أخرى من شيئين مهمين جداً وهما
“التسلط والمراقبة” التسلط يجعل الابن قليل الثقة بنفسه فأبويه دائماً ما يتدخلان في أموره العامة والشخصية،فيبدأ بالكتمان ليتحاشى تسلطهم،أما عن المراقبة فهي تعطي انطباع للابن أنه ليس جديراً بثقة أبويه،وهذا يؤخرنا كثيراً عن مرادنا وهو النهوض بالابن نحو مستقبل أفضل.
كي لا أطيل عليكم يجب أن نتفق جميعاً على أن الفراغ ثماره قليل جداً،ومشكلاته كثيرة وهذا يتوقف أيضاً على المرء وثقافته وأخلاقه وسلوكه بالطبع،ولكن لو لاحظتم أن حديثي كان مُنصبَّاً على الأطفال والأبناء والشباب في مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة لأن هذه الفترات لا يعي الابن كثيراً الصواب من الخطأ هو فقط يُقلد ويُجرب ولايدرك عواقب ما يصنعه، ولا نريد من التجارب هذه أن تأخذنا بعيداً إلى ما لا نريد.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.