.سميرعبدالله حماد يكتب من لندن مابين الحق والباطل .. والممنوع والمسموح
====
نقلا عن جريدة ” اليوم الدولى” العدد العاشر حاليا بالآسواق
فى مناقشة مع أحد الشباب من شباب قريتي (الذين لهم في قلبي حب وتقدير واحترام)
وهو يتبع مذهباً يهتم بالضرورة (كما فهمت) “بالتحريم” أو الممنوع ويلتزم بملابس معينه ..
وبأدب جم قال لي “رأيت حضرتك فى صلاة الجمعة ترتدى بدله وهذا فى رأيي غير مسموح لأن البدلة بدعة غربيه” وتطور الحوار الى انه يعتقد أن عملية “زرع الكبد” حرام ..
وتناقشت معه فى الأمر بعقلانية .. وهل نجحت فى إقناعه ؟؟ ..
الله وحده أعلم .. ولكن هذا الحوار جعلني أرى أنه مازال المنطق الاتصالي (المسموح والممنوع) يسيطر على عقولنا، دون أن يرافقه العقل العلمي النقدي (الحقيقة والوهم)، فنحن نرى الموبايل فنسأل إن كان استعماله حراماً أم حلالاً، ولا يعنينا كيف تم صنعه، ونجد الأثرياء في بلداننا يتبرعون لإقامة المساجد لا المدارس أو معاهد البحث العلمي كأبحاث مرض السرطان مثلاً، وفي مجال الجماعات تنظر مجتمعاتنا للعقل الاتصالي على أنه العقل الديني.
فالإسلام بالنسبة للبعض جاء فقط من أجل الممنوع والمسموح ، ويغفلون جانب الحق والباطل وهو الأهم في التنزيل الحكيم. فالنبي (ص) قاد معاركه في بدر وأحد والخندق من أجل الحق والباطل، لا من أجل الحلال والحرام، أي لسحق الأفكار الجاهلية ، وجاء الإسلام لنسف الوهم والباطل لديهم، واليوم حتى على مستوى الدول العربية نرى الأموال التي تنفق على صياغة العقل الاتصالي عند المواطن هي أضعاف ما ينفق على البحث العلمي. وهنا لا بد من الإشارة إلى جمالية طروحات العقل الاتصالي، الذي تمثله الأخلاق والقيم، لكن يجب ألا تكون الطروحات سطحية، بل أن تترافق مع العقل العلمي وتوافقه .بلإضافة إلى ذلك أجد أن تكريس “حِدية” العقيده وليس “حدوديتها”، أوقع العقل العربي في مواقف التحدى دائماً، فهو يصادق ويعادي بحدة، وتعصب وتتطرف ولا يقبل الأمور الوسط، مما أدى إلى عدم تقبله لكثير من المفاهيم، كالديمقراطية مثلاً. وقد يتهمني البعض بالمبالغة في جلد الذات، لكن علينا قراءة الواقع لمعالجته، فمنا ما زال إلى اليوم يقضي الوقت لمناقشة قضايا من نوع “هل لبس البنطلون حلال أم حرام؟” و”أليس لبس البنطلون تشبهاً بالغرب؟” والأنكى من ذلك، أن السائل ربما يركب سيارة صناعة غربية، ويراسل عبر كمبيوتر صناعة غربية، ويلبس بيده ساعة صناعة غربية .. ومشايخ الفضائيات الذين يبثون برامجهم بالتكنولوجيا الغربية (لقد سمعت شيخا من بتوع الفضائيات مهتم -ولمدة 45 دقيقه – بهل الكلب في سورة الكهف كان دكر .. أم نتايه) !!!!!
هل هذا تعقل ؟ ام سفسطة للتجارة بالدين لزيادة عدد مشاهديهم على قنواتهم الفضائية؟
ورغم ما نعانيه، تظهر أصوات تنادي بـ”الصحوة الإسلامية” (او تجديد الحوار الديني) لكن هذا الشعار فى رأيي هو مؤشر على استمرار الغفوة، فمثلاً: من هم الذين سيجددون الحوار او الصحوة ؟؟ .. هل هي برامج تستضيف مايطلق عليهم مفكر إسلامي … أم برامج بعض مثقفي اللاثقافة …أم أن هذا هو دور منارة الإسلام الأزهر الشريف ؟؟
وفى رأيي لا بد ان يكون ذلك للأزهر الشريف .. وأيضاً ما هي أسس التجديد ؟؟
التجديد كما أراه لا يعنى هدم الثوابت ولكن بالتصحيح المستنير والاعتماد على الأرضية المعرفية التي نعيشها اليوم، وبإحترام تراثنا (ولكن لا نعطيه أكثر من دوره)، فأصحابه اجتهدوا مشكورين في عصرهم .فعلينا أن نجتهد لعصرنا وفق ما نراه مناسباً لمشاكل هذا العصر، بدون التعدى على فرائض الدين أو تشويه ثوابت الإسلام ووفق ما دعانا إليه الله تعالى مراراً وتكراراً في تنزيله الحكيم … أفلا تعقلون} ؟؟، {أفلا تتفكرون} ؟؟، {أفلا يتدبرون} ؟؟،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ