سيده المشرق …. بقلم / شعراوى محمد

سيده المشرق

بقلم / شعراوى محمد

تقاطرت حبات العرق متلألأة فوق جبين المهاجر الكليل معلنة عن قيظ يأبى الانكسار وسط صحراء مترامية تلوح كثبانها الذهبية مد البصر فتبدو وكأنها بلا نهاية فجلس متكئا على صخرة يلتقط أنفاسه اللاهثة متحسسا أنفه المجدوعة وجروح وجهه ورقبته البارزتين
ثم تنهد في عزم قائلا والله لا أتركك يا زباء حتى آخذ بثأر سيدي أيتها الغادرة
ثم عاود المسير حتى وصل إلى أبواب تدمر فاستوقفه بعض جنودها
الجندي : من الرجل ؟؟
قصير : قصير بن سعد القضاعي
الجندي : صاحب جذيمة الأبرش ويحك ما أتي بك إلى هنا بعد ما كان ؟ وما هذا الذي أصابك في وجهك ؟
قصير : انه عمرو بن عدي لما رأى ما قد أصاب خاله مالك على يد سيدتي هند وأنا بصحبته حتى رماني بخذلانه وزعم أني قد غررت به وتركته فريسة سهلة لها ففعل بي ما ترى
الجندي : هذا أمر لا يفصل فيه إلا سيدتي الملكة
قصير : حسنا ما قلت وأرجو أن تفعل فإني ما جئت هنا إلا مستجيرا بها من بغي ذلك الجائر وأعوانه
الجندي : فلتمض بيننا إذا
ومضي قصير بين خيول الجند يريد الوصول إلى هند قاتلة سيده حتى وصلوا إلى بوابات ذلك القصر المنيف في وسط تلك المدينة الزاهرة وكانت تدمر (بالميرا) مدينة تجارية تقع في وسط سوريا في بادية الشام وقد قامت بها حضارة عظيمة تميزت بفخامة مبانيها ومعابدها حيث ان المدينة نافست روما فخامة وعظمة وبهاءا تحيط بها الجبال من كل جانب وكانت محط قوافل التجارة قبل الميلاد ومحطه تجارية هامه على طريق الحرير
توقف الجميع طلبا لاذن الدخول على الملكة هند بنت غسان الرياني والتي عرفت بالزباء و زنوبيا ملكة تدمر
أخذ قصيريتأمل عظمة قصر الزباء ومهابته حتى جاءه الاذن بالدخول فتقدم تحيطه الجنود من كل ناحية حتى نزل على ركبتية راكعا أمام الملكة
قصير : مليكتي سيدة المشرق قد جئتك أرجوا منك العفو والصفح فقد رماني عمرو بن عدي بما علمت وفعل بي ما ترين فهلا أجرتني ؟؟
زنوبيا : قف يا قصير – ثم نظرت إليه نظرة متأملة – قد أجرتك على ألا تغدر أو تخون
قصير : أأغدر بمن أحسنت إلي وأكرمتني !!
زنوبيا : حسنا فقد وهبتك الأمان على أن تحدثني عن عمرو وما ينوي فعله
أخذ قصير يحدث زنوبيا عن عمر مفتونا بجمال تلك المرأة الأسطوري
كانت الملكة زنوبيا ربة حسن وجمال فائق تجيد الفروسية والصيد والقنص. وكانت ذات هيبة وجمال تلوح العظمة على محياها قوية اللحاظ ذكية في اقصى درجات الذكاء . عاشت عظمة الملوك كملوك الأكاسرة وكأكبر ملكات المشرق، تضع قبعة اقرب الى العمامة على رأسها وترتدي ثوباً أرجوانياً مرصعاً بالجواهر كثيراً ماكانت تترك ذراعها مكشوفة كـالتماثيل
طمع في ملكها مالك بن فهم ملك الحيرة وقاتل أبيها والمُلَقَّب بـ “جذيمة الأبرش” و”الوضاح” فخطبها لنفسه فاستجابت مشترطة حضوره إليها
ولمّا رآها قال “إنها لعروس زبَّاء” أما هي فرأت فيه قاتل أبيها فأمرت بقطع عروقه فنزف دمه ومات.
مضى قصير بن سعد تحت حماية زنوبيا التي منحته الأمان يراقب مداخل تدمر ومخارجها حتى عرف عنها كل شيء ودرس قصر زنوبيا حتى علم بكل ما فيه حتى ذلك الممر السري الذي أعدوه للحوادث الطارئة
وبينما هو في شغله ذلك تاجر ونمت تجارته حتى أدعى يوم من الأيام ذهابة إلى الحيرة لإحضار قافلة تجارية وعاد محملا بأجولة زعم أن فيها طعاما لكنها كانت تحمل الموت الزؤام
قرب منتصف الليل تسلل قصير ألى مخزن كان يضع فيه بضاعته القادمة من الحيرة لكنه اتجه إلى أحد الأجولة وفتحها وياللعجب خرج منها فارس مهيب
قصير : مرحبا بك يا سيدي
عمرو بن عدي : مرحبا يا قصير أحسنت صنعا يا رجل أجدت دورك نعم الصاحب أنت
قصير : والله لا يرقأ لي جفن حتى نأخذ بثأرنا من تلك الغادرة وقد حانت ساعة الانتقام
عمرو : فلنحل وثاق الرجال ونمضي لما جئنا من أجله
وانطلق الاثنان يحلان وثاق تلك الأجولة فيخرج منها رجال أشداء وانطلقوا عن منتصف الليل ينشرون الموت والدمار في تلك المدينة التي كانت حاضرة الدنيا وحسنة الزمان بينما أخذ عمرو وقصير يبحثان عن زنوبيا التي ما ان علمت بالحدث حتى شحذت سيفها وقاتلت قتال الأبطال حتى ضعفت مقاومتها وأدركت أنه لا طاقة لها بالمقاومة فذهبت الى مخبأها السري لتجد عمرا وقصير يقفان على مدخله
عمرو : مرحبا بك أيتها الفاتنة كم اشتقت إلى لقاءك
نظرت زنوبيا الى قصير بغيظ : أهذا جزاء ما أحسنت إليك وأكرمتك
والله لن تنال ما أردت من شرف قتلي بيدي لا بيد عمرو ثم رفعت خاتما كانت تلبسه في يدها إلى فمها تعب ما فيه من سم زعاف حتى سقطت صريعة في الحال وصارت قولتها هذه ( بيدي لا بيد عمرو) مثلا لكل من لا يمنح من أراد الشماتة والأذى به فرصة ويفضل فعل ذلك بنفسه لا بيد عدوه
شعراوى محمد
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.