شعبان فضائل وأحكام بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركي
شعبان فضائل وأحكام بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركي
الشيخ أحمد على تركي
مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
لماذا سُمِّيَ شعبان بهذا الاسم؟
سمي بذلك لتشعبهم فيه، أي تفرقهم في طلب المياه .
والعرب عندما سمت أسماء الشهور، نقلتها من الأزمنة التي كانوا فيها .
وسموا (شعبان) من (الشَّعب)، وهو التفرق، لتفرقهم فيه لطلب الماء قبل رمضان.
فضل شهر شعبان:
أحاديث كثيرة وردت فى فضل شهر شعبان تفيد أن الأعمال ترفع فيه إلى الله تعالى وأنه شهر يغفل عنه الناس وأن الله يغفر لعباده في ليلة النصف منه إلا لمشرك أو مشاحن.
فمن هذه الأحاديث :
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال :
“قلت : يا رسول الله لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان ؟
قال : «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» .
وهو شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان .
فهو بين الشهر الحرام وشهر الصيام اشتغل الناس بهما عنه فصار مغفولًا عنه.
وفي قوله :
«يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان»
إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقًا أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم .
وفيه :
دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة ، وذلك محبوب لله عز وجل .
وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد :
• أنه يكون أخفى وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل لا سيما الصيام فإنه سر بين العبد وربه. .
• أنه أشق على النفوس ، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس .
• أن المنفرد بالطاعة بين أهل المعاصي والغفلة قد يُدفع به البلاء عن الناس كلهم فكأنه يحميهم ويدافع عنهم .
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «العبادة في الهرج كالهجرة إليَ» .
رواه مسلم
• وأما رفع الأعمال في شعبان فهو الرفع السنوي ولا ينفي الرفع أو العرض الأسبوعي يومي الاثنين والخميس والرفع اليومي في صلاتي الصبح والعصر .
وأما ليلة النصف من شعبان :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«يَطّلع الله تبارك وتعالى إلى عباده ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن».
ما يستحب في هذا الشهر :
جاءت السنة المطهرة باستحباب الإكثار من الصيام في هذا الشهر .
عن عائشة رضي الله عنها قالت :
“كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان ، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان” .
وفي لفظ لمسلم عنها :
“كان يصوم حتى نقول قد صام قد صام .
ويفطر حتى نقول قد أفطر قد أفطر .
ولم أره صائمًا من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان ، كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلًا” .
وفي الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان .
وفيه دليل على أنه يخص شعبان بالصوم أكثر من غيره .
• وعن أم سلمة رضي الله عنها :
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان يَصِله برمضان .
وشهر شعبان مقدمة لشهر رمضان ، ولذلك شُرع فيه الصيام ، ليحصل التأهب والاستعداد لاستقبال شهر رمضان ولترويض النفس على طاعة الله .
وقد روي عن السلف أنهم كانوا يلقبون شهر شعبان بشهر القراء .
هل يشرع صوم شعبان كاملًا ؟
يستحب الإكثار من صوم شعبان لكن لا يصومه كله لقول عائشة السابق رضي الله عنها :
“ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان” .
ولا يُعارض ذلك ما سبق من قولها :
“كان يصومه كله” .
وقول أم سلمة : “يصله برمضان” .
لأن الجمع ممكن بحمل ذلك على المبالغة، والمراد التكثير .
كما أن وصل شعبان برمضان جائز لمن وافق عادته ولا يلزم منه صوم الشهر كاملًا .
وقد أشار إلى ذلك ابن حجر بعدما ذكر حديث عائشة رضي الله عنها :
كان يصوم شعبان إلا قليلًا .
فقال : وهذا يبين أن المراد بقوله في حديث أم سلمة عند أبي داود وغيره أنه كان لا يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان يصله برمضان أي كان يصوم معظمه .
ونقل الترمذي عن ابن المبارك أنه قال:
جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقول صام الشهر كله .
حكم الصوم في النصف الثاني من شعبان :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» .
وهذا في حق من لم تكن له عادة في الصوم فيكره له الصوم بعد انتصاف شعبان .
أما من كان له عادة كصوم الاثنين والخميس أو صوم يوم وإفطار يوم أو وصَل النصف الثاني من شعبان بالنصف الأول فالصوم في حقه مشروع .
وبذلك يتم الجمع بين هذا الحديث وما سبق من الأحاديث الدالة على استحباب صوم أكثر شعبان.
حكم صوم يوم الشك وتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين :
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» .
• وقال صلى الله عليه وسلم :
«لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه» .
والنهي في الحديثين للتحريم إلا أن يوافق صومه عادة له .
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان ، إذا لم يُرَ الهلال بسبب الغيم أو نحوه .
وسمي يوم الشك لأنه يحتمل أن يكون يوم الثلاثين من شعبان .
ويحتمل أن يكون اليوم الأول من رمضان .