حكاوينا في الغربة لا تنتهي …. عندما تكون حياتك في شنطة سفر فأنت لا تحمل فيها فقط أمتعتك ولكن تحمل معها كل ما يخصك ,,,تحمل معك عمرك الذي قد ينتهي في غربتك وتعود و ما يخصك في صندوق … أو لا تعود وتتبع السُّنة الشريفة وتُدفن حيث كنت
في غربتك انت وحيد مهما كثر من حولك … ضحكتك مصطنعة تخفي بها ألمك …تلتقط عشرات الصور لتثبت لنفسك أولا أنك مازلت حيا وبخير وتحيا وتبتسم
تصبح الأخبار عندك كلها سيان …. فلان يتزوج … فلان مريض …. فلان توفاه الله ….
لا تملك حتى رفاهية أن تحزن على حبيب ذهب
وتصبح أخبارك أنت أيضا عند الأهل والأصدقاء في وطنك مجرد أخبار عادية …. لو سألوا أصلا حتى مع وجود مواقع التواصل الان فالحوارات فيها أغلبها ليست للاطمئنان قدر ماهي لنشر أي شيء فقط
عندما تكون في اغربة متواصلا مع اهل بلدك حيث تكون وتسعى لتكون داعما لهم ساعيالحل مشاكلهم قدر ماتستطيع … لتكون فعالا معهم يحدث لك أمور كثيرة أهمها أنك تصاب من حيث لا تدري باكتئاب مضاعف فانت لا تحمل فقط همك ولكن هموم كثيرة حولك منها مالا تجد له حلا…. والأسباب كثيرة …منها … أنك تعيش ألم كل قصة كأنه ألمك
وعندما أسرد لقارئنا العزيز هنا نموذج لبعض القصص قد يشعر بما نعانيه …. وقد لا يستشعرها ويتهمنا بالمبالغة فلتتابعها وتحكم
***
عاش حياته غريبا … عادت زوجته بالأولاد لمصر عند دخولهم الجامعات … وأصبحت لقاءات الأسرة متقطعة … وفي زيارة الزوجة له …هاتفها بمجرد نزول الطائرة قائلا لا تقلقي احتمال أتأخر عليك قليلا ولكني قادم ليفاجئها بوجوده …و كانت المفاجأة فعلا ..وبمجر أن نزلت وعند استلام الحقائب رأته واقفا مبتسما كعادته ممسكا بباقة زهور ليستقبلها بها … وأشارت له ولكنها فجأة رأته يسقط والزهور تسقط جواره ليودع الحياة قبل أن تخرج لتسلم عليه …,كأنها جاءت لتودعه وينظر لها النظرة الأخيرة
***
في أواخر الأربعينيات من عمره … ظن كغيره أن تحقيق الأحلام يكمن في الغربة …. أتى لابن عمه ليساعده في الحصول على عمل …حصل على تأشيرة زيارة …ولم يحصل على عمل …. فلم يكن الأمر سهلا كما يتوهمونه من يعيشون في مصر من أن الغريب مليونير وأنه بمجرد نزوله سيجد العمل …. أصيب بجلطة مفاجأة ونقلوه إلى المستشفى …وظل بها إلى أن لقي ربه غريبا …ولعله خير
***
حالات كثيرة تأتي محملة بآمال …وتعود وتترك لنا مع ذكرياتها آلام …. ولكنها الحياة
في غربتك تعيش همك وحدك خشية أن تقلق أهلك …وهم من الأصل منشغلين بهومهم ….
تعيش فرحك وحدك …. تشعر دائما أن هناك شيء منقوص فرحتك ينقصها حضن أُم.. فرحة أخوة
في غربتك يراك من في وطنك تعيش رفاهية يفقتدونها … لا ينظرون إلى أنهم هم من يعيشون تلك الرفاهية ولا يشعرون بما أنعم الله عليهم من نعم …. فهم يعيشون أحلامهم بينما كل أحلامك مؤجلة
وعندما تبدي رأيك فيما يخص وطنك والذي تستشعر همومه ربما أكثر من كثير منهم يأكلون من خيره و يملأون الدنيا بالشكوى مما أنت أصلا محروم منه و لا تشكو إلا إلى ربك يتهمونك بانك تعيش بعيدا ولا تشعر بما يعانونه فالأفضل لك أن تخرس لأنك واكلها والعه كما يظنون في عقولهم المليئة بالوهم
ولو اشتكى الغريب لصديق في وطنه تكون الإجابة السخيفة … طب وإيه اللي مقعدك …وكأنه لو عاد فبسلامته سيتكفل بمسئوليته مثلا
المغترب …. يعيش آلام لاحدود لها …. ويعاني نظرات مليئة بأفكار من بعض النفوس المريضة عافاهم الله مما ابتلاهم به
سكرات الغربة لا يشعر بها إلا من جربها …. فارحموا المتغرب من نظراتكم وكلماتكم التي لا تدل إلا على أنكم فقدتم جزء كبير من إنسانيتكم

المقال السابق
المقال التالى
قد يعجبك ايضآ