ريهام طارق تكتب: حين يسقط ضمير صاحبه الجلاله في مستنقع التريند

عندما يصبح التريند خصماً للإنسانية  

يقاس اليوم النجاح بعدد الإعجابات والتعليقات، مما جعلنا نتسابق بجنون نحو التريند، في سباقٍ يخلو من الضوابط والقيم.

بقلم: ريهام طارق 

وفي هذا السباق المحموم، تنهار المبادئ، و يختزل فيه الشرف والإنسانية إلى مجرد أرقام على الشاشات، و أصبح اشباه الإعلاميين والصحفيين شهود على مرحلة جديدة من الانحدار الأخلاقي، حيث تتسابق بعض الشخصيات الإعلامية لاستغلال أي مأساة، بل حتى الموت، لتحقيق مشاهدات و تريندات، دون أدنى إحساس بالخجل أو احترام لحرمة الموتى وكرامة الأحياء.

اقرأ أيضاً: الدكتور أحمد هنو: يوم الثقافة لم يكن ليكتمل دون منير

أين المهنية؟ يا اصحاب القلم الذهبي:

هل هذه هي الصحافة؟ هل هذا هو الإعلام الذي نطمح إليه؟ ما نشاهده اليوم ليس إعلامًا ولا إبداعًا، بل مجرد استعراض مسرحي رخيص، تتصدره شخصيات لا تمت للمهنة بصلة إلا بالاسم، تستبيح أعراض الناس وشرفهم، وتستغل المآسي لتحقيق مكاسب شخصية.  

ما يحدث مؤخرًا من تجاوزات فاضحة بحق أي فنان فارق الحياة هو تجاوز لكل الخطوط الحمراء. كيف يجرؤ أي إعلامي أو صحفي على استغلال ذكرى أو موقف أو مأساة تمس السمعة أو الشرف لإنسان لا يستطيع الدفاع عن نفسه أو رد الأذى عنه، لأنه بات بين يدي الله؟ كيف تحولت المهنية إلى أداة لتشويه سمعة الآخرين، فقط من أجل حفنة من المشاهدات؟

 أين ضمير بلاط صاحبه الجلاله؟  

القضية التي أتحدث عنها أعمق من مجرد إعلامي تجاوز حدوده، أو صحفي ارتكب خطأ، أو برنامج تخطى الخطوط الحمراء. إنها صورة تعكس أزمة ضمير حقيقية تعاني منها مجتمعاتنا اليوم، كيف وصلنا إلى هذا المستوى المتدني؟ كيف تحولنا إلى وحوش تفترس بعضها البعض بلا شفقة أو رحمة؟

اقرأ أيضاً: نيللي كريم مع كوكبه من النجوم يجتمعون في “جاني في المنام” 

رسالة إلى من يهمه الأمر  

إلى كل من يعتقد أن طريق النجاح يمر عبر سحق الآخرين والإساءة إليهم، تذكروا أن التاريخ لا ينسى، السمعة التي تهدمونها اليوم، هي نفسها التي ستسقطون تحت أنقاضها غدًا. الإعلام رسالة، والصحافة أمانة، وإذا لم يكن لديكم الشجاعة لتحمل هذه المسؤولية، فـ ارحلوا و اتركوا المجال لمن يستحقه.  

ما نحتاج إليه اليوم ليس مجرد محاسبة المخطئين، بل وقفة جادة لإعادة تعريف مفهوم الإعلام الحقيقي، وغرس المبادئ والقيم الراقية في وجدان الجيل الجديد من الإعلاميين. يجب أن نعلمهم كيف يكون الإعلام أداة لرفع شأن القيم الإنسانية، لا وسيلة للركض خلف التريندات على حساب الكرامة.  

علينا أن نقف بصدق أمام الله ثم أمام ضمائرنا، ونتذكر أن الاحترام والرقي في التعامل، والتمسك بالقيم، والتعاطف الإنساني، هي الركائز الأساسية لكل حضارة قوية. أما من يلهثون وراء التريندات الرخيصة، فمصيرهم الزوال والنسيان، لأن القيم الحقيقية هي وحدها ما يبقى.

وفي الختام، على كل صحفي يسعى ليصنع اسما خالدا في سماء صاحبة الجلالة، عليه أولا أن يتقي الله في كلمته، ويتذكر دائمًا أنه قدوة تحمل على عاتقها مسؤولية عظيمة. بقلمه يستطيع أن يغير مجتمعًا بأكمله، بزرع القيم والمبادئ في النفوس، يتذكر دائما أن قلمه أمانة، يسأل عنه يوم الدين.  

اتقوا الله في كلماتكم، وتذكروا دائمًا أنكم في يوم ما إليه راجعون.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.