“صنم الشهوه وإنهيار المقام” بقلم أحمد عز

إذا ما إستقرئنا “كلمه شهوه” في نفوس وعقول المحيطين؛ سنجد أن لها إرثًا مقيتًا.. يُشير فقط “للشهوه الجنسيه” الأكثر ظهورًا في حياتنا على الإطلاق.. لذا قبل أن نبدأ حديثنا.. يجب أن نقف على مسافه واحده من المفاهيم المستخدمه بمعناها وفقًا لقناعتنا.. حتى يتسنى لنا في ضوءها فهم المقال، ثم بعدها تنتقد ما تشاء.. فالشهوه من منظورنا.. هي رغبات نفسيه مستمره تدفع صاحبها للقيام بسلوكيات تُحقق له الشعور بالراحه والرضا، تلك الرغبه تحتاج للإعتدال وفق معايير بعيده عن “الإسراف والزهد” لتُصبح (فضيله) بين رذيلتين. (فالعفه) وسط بين رذيلتين الشره وإنعدام الرغبه.. وقبل تحليل المشهد سنحاوله تأصيل وتحليل مختصر لشهوات إهتزت لها الخليقه. 

“الصنم الأكبر” شهوه العظمه “العصيان الأول” أصل كل  الشرور.. بعدما خلق الله أدم من “صلصالا من حمأ مسنون” تعجب إبليس متسائلًا ماذا سيكون هذا الطين.. حتى سوى الله أدم ونفخ فيه من روحه وتمم خلقه وأمر الملائكه بالسجود له تكريمًا له.. إلا إبليس عمته شهوه الكبر فعصى أمر ربه.. وطُرد من الجنه وهو رجيم، فامتلأ بالحقد تجاه أدم وذريته.. وتوعدهم بالإنتقام “الإغواء – وسوسه” أي محاوله الإقناع المزيف “التبرير” بما يرضى الهوى والرغبات. 

– “الخطيئه الأولى..شهوه الخلد”   “العصيان الثاني” بعدما أسكن الله سيدنا أدم وحواء الجنه يتنعمان فيها بكل الملذات حذرهم الله من التلذذ بفاكهه شجره واحده .. لعب إبليس سياسه الإغواء “تعظيم الرغبه” لتجنح عن الإعتدال في محاوله للإقناع المزيف بأن هذا المنع خلفه سر كبير، لهو الخلود الدائم وإستجاب أدم نحو تحقيق رغبته في الخلد في ملك لا ينفذ ولا يبلى .. حتى عصى أمر ربه وندم وأخرجه الله وزوجته من الجنه وانزلهما للأرض حيث حياه الكدح والشقاء والنزاع ومحاربه الهوى.
– “الجريمه الأولي..شهوه الطمع”  “العصيان الثالث” لعلنا جميعًا نعرف أول حادثه قتل على سطح الأرض حينما وضعت حواء توأمين (هابيل وأخته) و (قابيل وأخته) والتي كانت أكثر جمالاً .. وحينما أمر سيدنا ادم أن يتزوج كلا منهم اخت الأخر لتعمير الأرض قادت شهوه قابيل إلى الطمع في رزق أخيه وعصى أمر أبيه وقادته للحقد والعدوان وانهى حياه أخيه مهشمًا رأسه وهو نائم ولم يشعر بالحسره والإثم الكبير والندم إلا حينما إستفاق على مشهد دفن الغراب لغريمه في التراب.
– “الخطيئه الكبرى..شهوه الجنس” العصيان الأخير”لما كان سيدنا يوسف يتمتع بأمانه  وحسن الخلق فإستحق أن يعمل فى قصر عزيز مصر..ونظرًا لجماله الباهر فُتنت به إمرأه العزيز وأحبته وأخذت تتقرب منه وكان يُعرض عنها إمتثالًا لأوامر ربه وخوفا من عصيانه فراودته حتى أبى، وأراد الهروب فمزقت ثوبه من الخلف وكان دلاله على كذب حديثها بأنه من راودها حتى شاعت القصه بين نساء المدينه فتحدثت كل النساء عنها بسوء متعجبين من الأمر
– “إنهيار المقام” عزيزى القارئ سواء كنت ممن تُسلم بتلك التوثيقات الإلهيه أم لا.. فهى مما لاشك فيه تشكل عبره لمن يعتبر  فالشهوات بمختلف ألوانها ليست بجرم إذ أنها فطره غريزيه ولا سيما تميز الإنسان بالميزان  العقلى فعليه بالإعتدال حتى لا “يتهدم المقام”.. فلا يتحول “التنافس إلى صراع .. النعمه إلى نقمه..السلطه إلى قهر..الغنى إلى تعالى .. الشهوه الجنسيه إلى سجان، المظهر الحسن إلى تباهي وتفاخر .. وهكذا
– فكلا منا يبنى لمحبيه مقامًا زجاجيًا في الصدور وعسى هذا المقام بالمقيم يليق، فهو مقامًا شفافًا.. من أثر نقاء مواقفهم وسلوكياتهم.. وأن هدم هذا المقام سيحوله إلى فتات مكسور وإذا ما رُمم لن يعود براقًا كما كان.. فمنهم من يحاول الإصلاح ومنهم من يكابر ويستمر في العناد؛ حينما عصى أدم ربه جعل الله تكلفه العوده كبيره على قدر المقام فكان عصيان الغفوه الذى يستوجب الغفران أما عصيان إبليس إستكباريًا مع سبق الإصرار والتحدى لخالقه!!
إن تسليم شاره القياده للشهوه بمثابه السكير او متعاطى المواد المخدره، الذى يشتهي كل شئ  فإذا إشتدت الرغبه غاب العقل وستجد كل ما هو قبيح مثير وجميل.. فعند الجوع ليس هناك خبز سئ.. حتى تستفيق وتعقل ما فعلت فتكتشف الكارثه ومدى تدنى وإنحطاط فعلك.
كم من مقام تهدم في لحظات سجودك لصنم الشهوه وتعظيم الغفله ضاربًا بعرض الحائط  ميزان العقل المميز بين الصواب والخطأ، الكابح لجماح الشهوات.
-أنظر إلى شهوه السلطه في  العمل التي تجعلك تقهر.. وتجنى على موظفيك.. لتظل قامتك وكلمتك هي العليا.. فقد تدهس أحب المحبين فيتهدم مقامك في أعين الآخرين.
– إن إتباع الهوى جعل إمرأه العزيز التي تمتلك المال والجمال والخدم والسلطه.. تهدم مقامها بيديها.. وجعلت نسوه المدينه يتحدثن عنها بسوء.
– لقد إنتقلت عمليات إشباع الشهوه من الواقع الحقيقى إلى الواقع الإفتراضى وما يتبعها من عمليات قرصنه ونصب وإحتيال وإختراق وإبتزاز فأصبح الرجل والمرأه يتكشفان في لحظه غفله (ضعف) لايف فيتهدم مقامهما على المشاع.. قد تبرر الزوجه خيانتها بمحادثه الغرباء، والتدلل على مديرها بدعوى إفتقاد الكلام الطيب والمعسول وإهمال الزوج فيرى أبناؤك محادثاتك صدفه.. فيتهدم مقامك في أعينهم.. أنظر إلى الاب الذى سيبرر خيانته لأم أبناؤه بدعوى أهمال الزوجه له، والتي فُقد شبابها بسبب أبناؤه فيسعى لإشباع غرائزه في نساء اخريات ونسى أن إمرأته لها غرائزها التي يجب أن تشبعها هي الآخر، وقد يعمي عن رؤيه أبناؤه لمحادثاته او صوره بالخطأ وهو بين أحضان أخرى.. او فيديو كول يتكشف فيه لأمرأه لإشباع شهوه إفتراضيه.. “الشهوه الجنسيه” هي شبكه العنكبوت.. والفخ  الأوسع على الإطلاق الذى يستقطب في شباكه كل الفرائس بمختلف الوانهم .. إلا من أمتلك سيف الحياء، سيف العقل، سيف الثوابت، سيف المبادئ.. حينها هي الملف الذى يتم إلقاؤه على الأرض لتخضع الفريسه على ركبتيها.. وتمارس هذا الإثم في لحظه ضعف؛ كم منا يسجد لصنم الشهوه يوميًا .. كم يقع في الفخ كالحيوان الذى يلهس مربوطًا في سلسله غرائزه ورغباته لايرى تهدم مقامه فى عيون الأخرين.. فقد تكون مثل أعلى براقًا وطوق نجاه لكثيرين ظمأى ضالين يحذون حذوك، فلا تكن وجهتهم نحو الرذائل بعدما كنت أيقونه للفضائل.. إن تغليب شهواتك بمختلف ألوانها على اداه العقل المنظم الأول لسلوكنا سيهدم مقامك في عيون “طلابك.. لاعبيك..موظفيك جنودك.. قارئيك ..مرضاك أصدقائك.. وأبناؤك” نعلم تمامًا أنك لست بمعصوم من الخطأ ولستِ أنتِ بمريم العذراء، فالكل ليس بمتناقض ولكن الكل يجاهد ولكن فلنحذر ساعه الغفله، غلطه الشاطر بألف.. فسجان اليوم سجين الغد.. والديان لا يموت. قد أكون اليوم ناصحًا ومعلمًا والغد قد أكون مذنبًا وسجينًا فكلنا مؤمنون.. صادقون، مخلصون..حتى موقف الإمتحان حتى ساعه الغفله، حتى لحظه الموت.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.