ضحايا انتهاك الخصوصية
ضحايا انتهاك الخصوصية
بقلم الاعلامية / د هاله فؤاد
إن موضوع الحق في الخصوصية من أهم الموضوعات في وقتنا الحاضر لما نراه في مجتمعنا من إنتهاكات صارخة للخصوصية .
الخصوصية هي حق الفرد في في المحافظة على معلوماته الشخصية وحياته الخاصة ، وهي أيضا قدرة الأشخاص في منع المعلومات المتعلقة بهم لتصبح معروفة للأخرين وبالأخص المنظمات والمؤسسات ، إذا كان الشخص لم يختار طوعا أن يقدم تلك المعلومات .
والحق في الخصوصية يعتبر حق من حقوق الانسان وعنصر هام في العديد من القوانين التي يمكن أن تحظر على الحكومة والقطاع الخاص إتخاذ إجراءات يمكن أن تهدد خصوصية الأفراد.
والخصوصية من منظور حقوق الانسان تلزم بعدم جواز تعريض أي شخص للتدخل التعسفي في حياتة الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته ، ولا يتعرض لحملات تمس شرفه وسمعته .
أنواع الخصوصية :
هناك العديد من أنواع الخصوصية منها :
الخصوصية الجسدية :
وتشمل الاحتياج الجسدي للراحة ، للأكل والشرب ، عدم التلامس الجسدي ، من حق الفرد أن يخبر الأخرين بأنه لايحب التلامس الجسدي ، ومن الخصوصية الجسدية أيضا عدم دخول غرفة الشخص دون أن يستأذن أولا .
الخصوصية الفكرية :
وتعني خصوصية التفكير وإحترام أفكار الأخرين .
خصوصية الوقت :
إن الوقت ثروة كبيرة فيجب إستغلاله بصورة جيدة حتى لايذهب سدى ، وبالتالي يعد إحترام خصوصية الوقت سواء في العمل أو المنزل أو في العلاقات الإجتماعية أمرا هاما .
الخصوصية الجنسية :
العلاقات الجنسية لابد أن تتضمن القبول والاتفاق والاحترام والحفاظ على السرية بين الطرفين .
خصوصية الأشياء :
وتشمل خصوصية الممتلكات مثل المنزل والسيارة والمجوهرات والأثاث وغيرها من الممتلكات الخاصة .
الخصوصية العاطفية :
الخصوصية العاطفية تمثل إحترام وتقدير المسشاعر وعدم الانتقاد .
أهمية الخصوصية :
إن الخصوصية ضرورية من أجل الاستقلال الذاتي وممارسة حق الاختيار ، الخصوصية تمنح الشخص القدرة على مراجعة تصرفاته وسلوكياته ، كما تمنح القدرة على صياغة الأفكار والأنشطة الابداعية ، فالخصوصية ضرورية للابداع والابتكار ، كما توفر الخصوصية مساحة يستطيع فيها الفرد مشاركة الأسرار والانخراط في اتصالات محدودة ومحمية.
الخصوصية في الأديان :
حثت جميع الأديان السماوية على الحق في الخصوصية .
الديانة اليهودية :
من أمثلة إحترام الديانة اليهودية للخصوصية ، إعتبار التسمع على الأبواب من خوارم المروءة التي يجب على المؤمن اليهودي الحق أن يتحاشها .
الديانة المسيحية :
من أمثلة إحترام الخصوصية في الديانة المسيحية ماورد في إنجيل لوقا ( وأي بيت دخلتموه ، فقولوا أولا : سلام لهذا البيت ، فإن كان في البيت إبن سلام ،يحل سلامكم عليه . وإلا ، فسلامكم يعود لكم . وانزلوا في ذلك البيت تأكلون وتشربون مما عندهم : لأن العامل يستحق أجرته . لاتنتقلوا من بيت إلى بيت ) .
الخصوصية في الدين الإسلامي :
من أمثلة إحترام الدين الإسلامي للخصوصية :
حق الفرد في حرمة مسكنه ويظهر هذا جليا في قول ( الله تعالى ) :
( يأيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون ، فان لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم إرجعوا فارجعوا هوأزكى لكم والله بما تعملون عليم .)
صدق الله العظيم
إنتهاك الخصوصية :
إن إنتهاك الخصوصية يعني الاطلاع على خصوصيات الأخرين دون علمهم أو أخذ إذن منهم حتى لو لم تكن أسرارا .
ومن أشكال إنتهاك الخصوصية التطلع على الملفات الشخصية التي توجد بجهاز الشخص مثل الصور الشخصية وأوراق العمل مثلا ، وأيضا متابعة المواقع التي يزورها المستهدف على الانترنت أو السلع التي تلفت إنتباهه لدراسة سلوكه الاستهلاكي .
ومن أهم أمثلة إنتهاك الخصوصية الصارخة والمجرمة هي إنتهاكاك خصوصية الفتيات والسيدات في الطرقات والمواصلات والأعراس والحفلات بتصويرهن دون علمهمن وإستخدامها إستخدام يسيء إليهن وإلى شرفهن وسمعتهن .
ونجد الأن بعض الأشخاص المهوسون بتصوير كل شاردة وواردة ونشرها عبر مواقع التواصل الإجتماعي دون النظر إلى النتائج المدمرة بل والقاتلة للأشخاص الذين صوروا دون إذن منهم وعلى غفلة منهم ثم تحدث المفاجأة والكارثة بأن الناس تخوض في الأعراض بنشر الصور ومقاطع الفيديوهات وتتداولها وتشيرها ثم تحدث الفاجعة وتسقط الضحايا واحدة تلو الأخرى.
من ضحايا انتهاك الخصوصية بسنت التي راحت ضحية أناس إنعدم ضميرهم وراحوا يفبركوا صورا مسيئلة لها تنال من شرفها وسمعتها ، ولم تستطع تلك الفتاة الصغيرة مواجهة هذه الاتهامات الباطلة فانتحرت حتى تهرب من مجتمع لايأخذ بمقولة المتهم بريء حتى تثبت إدانته بل قاموا بالحكم عليها بالاعدام ولم يستمعوا لها حتى أهلها والدليل على ذلك رسالتها قبل الانتحار والتي قالت فيها
( ماما ياريت تفهميني أنا مش البنت دي ، وإن دي صور متركبة والله العظيم وقسما بالله دي ما أنا ليست أنا ) .
بسنت ضحية شباب مستهتر ومجتمع يحكم على البنت بأنها مجرمة وأنها السبب ، وأنها المسئولة وهذا بغير دليل واضح .
والسيدة سائحة التجمع التي صورها شخص ما وقام بنشر صورها ، نحن لسنا بصدد الحكم على مدى صحة ما قامت به السيدة نحن بصدد الحكم على إنتهاك الخصوصية ، ليس من حق أي شخص أن يصور غيره بدون موافقته ، وهذا سبب بالتأكيد مشاكل لهذه السيدة .
والمعلمة التي قام أشخاص بتصويرها وهي ترقص في رحلة نيلية وقاموا بنشر الفيديو على مواقع التواصل الإجتماعي مما عرضها لوابل من السب والقذف والتوبيخ والتشهير ، وأيضا نحن لسنا بصدد الحكم هذا التصرف لأئق أم لا ، ولكن مهما كان ليس من حق من صورها أن يقوم بذلك الفعل ولا النشر والتشيير ، هذا التصرف دمر هذه المعلمة وأسرتها .
والمدرسة قامت بالتحقيق معها وهذا تصرف غير سليم لأنها لم تكن في المدرسة ، فطالما خارج حدود المدرسة فليس من حق المدرسة التدخل في تصرفات المدرسين والمدرسات .
هؤلاء بعض نماذج بسيطة ممن يتعرضون لانتهاك الخصوصية من تصوير بالهاتف أو الحصول عل الصور الشخصية وإستغلالها في إبتزاز الفتيات والنساء ، وغيرها من طرق وأساليب إنتهاك الخصوصية .
واجب المشرع تغليظ العقوبة على من يقوم بتصويرأي شخص دون علمه لأن هذا يهدد أمن المجتمع .
حتى الصحفي الذي يقوم بتصوير مقاطع فيديو يجب عليه أن يراه ويراجعه جيدا قبل النشر ليرى هل يمكن لهذا الفيديو أن يؤذي أي شخص .
يحضرني فيديو على أحد المواقع الإخبارية يظهر أحد الأشخاص بأنه رجل البر والإحسان الذي يقوم باطعام الفقراء ، فهو يخصص يومين في الأسبوع يقوم بتوزيع الوجبات مجانا للفقراء ، هذا تصرف وسلوك جميل نتمنى أن يسلكه العديد من الناس ، ولكن !!!!
تصوير طوابير الناس وهم يتهافتون ويتزاحمون للحصول على وجبة طعام غير لائق على الإطلاق ، ألا ترى يامن صورت هؤلاء الناس أنهم حينما يشاهدون أنفسهم بهذه الصورة وهي منتشرة أمام ذويهم يتألمون ويشعرون بالمهانة والذل وإنتهاك كرامتهم .
ولذلك يجب على من ينشر محتوى إعلامي يتضمن صورا سواء لأناس عاديين أو مسؤولين أخذ إذن مسبق من الأشخاص الظاهرين فيها .
وأن توظف الصور لصالح المصلحة العامة دون إنتهاك للخصوصية .
إن الحياة الخاصة محمية بموجب الدستور والقوانين والاتفاقيات ، وأي إعتداء عليها يعرض فاعلها للمساءلة القانونية .
التعليقات مغلقة.