طارق الشناوي يكتب عندما لا يملك الأهل والأصدقاء حق البكاء على غياب الأحباب!

ماتت «مى سكاف» وهى دون الخمسين ممتلئة رغبة فى الحياة وبأمل فى الغد. من يستطيع فقط أن ينعى مى سكاف هو من يقيم خارج سوريا، الصمت ستجده هو عنوان كثر من الأهل والأصدقاء، مى كانت مدركة أنها مطلوبة لو عادت للمثول أمام جهات التحقيق، وكان قد سبق ذلك أن ألغت نقابة الفنانين السورية عضويتها بحجة أنها لم تسدد الاشتراك، وهو نفس ما واجه كل الفنانين المعارضين ويقيمون فى الخارج

كان عدد من المثقفين والفنانين فى 2011 يرفعون شعار الحرية- قبل أن تتلوت المقاومة بداعش وأخوتها- سأل المحقق مى سكاف عن سر الثورة قالت لا أريد أن يحكم ابنى حافظ ابن بشار الأسد، وبعد نحو 7 سنوات، يصبح السؤال فى باريس كيف ماتت مى؟.

وهو ما سوف تجيب عنه قطعا السلطات الفرنسية، وبعدها سيسمح بدفن الجثة، هل كان موتاً طبيعياً أم جريمة مدبرة؟ قطعا ننتظر كلنا أن تأتى الإجابة القانونية لتغلق باب التكهنات، ولكن مشاعر الغربة الإجبارية التى عاشتها فى سنواتها الأخيرة كانت تعذبها وهى يوميا تنزف حنينا للوطن. تابعتها منذ بداية انطلاقها سينمائيا بفيلم ماهر كدو (صهيل الجهات) الذى مثل سوريا فى مهرجان دمشق 1991 وبعدها كانت المحطة التالية لها فيلم (صعود المطر) مع أنشط مخرجى السينما السورية عبداللطيف عبدالحميد، ثم تعددت المحطات المهمة وأهمها لقاؤها مع المخرجين نبيل المالح ونجدت أنزور.

مى من أسرة مسيحية، ولكنها ليست الوحيدة التى عارضت بشار، المخرجة السورية الأرمنية الأصل غايا جيجى عارضت وهى تهمس فنيا فى فيلم ( قماشتى المفضلة) الذى عرض هذا العام فى قسم (نظرة ما) بمهرجان (كان). طبعا الفنانين السوريين خارج سوريا لم يلتزموا الصمت وعلى رأسهم أصالة التى أرسلت لى بالواتساب.

(كلمة حق هى أغلى كلمة، وموقف متجرد من المصالح هو أعظم موقف، تلك هى مى سكاف فهى السيدة التى سمعنا فى الماضى عن مثيلاتها دون أن نقابلهن، حتى وجدنا مى وكان لى شرف مشاركتها شعورها أو بالأحرى بعضا منه، لأنها عاشت من أجله وماتت حسرة عليه، أما نحن فإننا نذهب عنه لنعيش بعضا من الوقت لأنفسنا، ثم يسكننا بعدها الموت ألماً، شاركناها الزمن، ولكنها غادرتنا قبل أن تكمل رحلتها، هل خافت من شعور الخوف أو تضعف فتستسلم فرحلت؟ أبدا أنا راهنت على شموخها، ومثلى كثيرون ولم تخذلنا أبدا، مى عاشت ورحلت سيدة موقفها، هكذا كن النساء المناضلات مجموعة كرامات ونبل وبطولات، لتكمل رحلة جميلة بوحيرد وشادية بوغزالة، وكثيرات قاتلن من أجل الوطن، ماتت من أجل الحرية والتى ليس بدونها هناك وطن).

وانتهت كلمات أصالة، ربما عرف أغلب المصريين اسم (مى سكاف) فقط مع رحيلها، فلقد أخلصت للهجة السورية فى كل أعمالها الفنية، ولهذا لم تجد أعمالها الدرامية مساحات على الشاشات المصرية، مى نموذج واضح للمثقف صاحب الموقف الفنى والسياسى والفكرى، وكانت على استعداد لسداد (الفاتورة) فى أى لحظة. ماتت مى وهى تكتب على صفحتها قبلها بلحظات، أنها متفائلة بالغد وبسوريا الغد!.نقلا عن المصرى اليوم

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.