احمد علي يكتب.. طفل المرور ضحية المجتمع

خلال الأيام الماضية أصبح ابن القاضي او المشهور أعلاميا بطفل المرور ضحية المجتمع ترند علي السوشيال ميديا، حيث أمتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن طفل يبلغ من العمر 13عاما وقيامه بالتعدي بالقول والتنمر علي رجال شرطة المرور في أحد شوارع زهراء مدينة نصر، أثناء قيادته سيارة ومعه مجموعة من أصدقائه.

وبالرغم الهجوم الشديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي علي ابن القاضي “طفل المرور” بسبب تصرفه الخاطئ مع رجال المرور بالالفاظ غير المحترمة ونظرة التعالي والغرور التي يتكلم بها معتمدا علي مكانة وحصانة والده سيادة المستشار رئيس المحكمة، وانه لكونه ابن القاضي يمكنه فعل الخطأ وتجاوز القانون دون محاسبة، بل هو من يحاسب وظهر ذلك في حواره مع رجل شرطة المرور الذي أستوقفه اثناء قيادته السيارة ومعه اصحابه، فيقول له “متحطش ايدك عليا، وانت مش لابس كمامة ليه، ابعد عني متقربش” 

وبعد عرضه علي النيابة التي أفرحت عنه لكونه حدث ولا يجوز قانونا حبسه إحتياطيا مع أخذ تعهد علي والده بتعديل سلوكه، لكن طفل المرور قام بنشر مقطع فيديو أخر يعلن انتصاره علي المجتمع وقيمه ويقول في الفيديو “أحنا نحبس ومنتحبسش” بالاضافة الي الالفاظ القذرة، مما جعل النيابة تصدر أمر ضبط وأحضار له ولاصدقائه، ويتم احتجازهم تحت التحقيق، وايداع طفل المرور دار رعاية لتعديل سلوكه لمدة أسبوع. 

وبالرغم من قيام والده سيادة المستشار بنشر بيان أعتذار لرجال شرطة المرور ووزارة الداخلية والشعب المصري لما بدر من أبنه من سلوك خاطئ، لكن لم تتوقف حملات رواد مواقع التواصل الاجتماعي علي طفل المرور وعلي والده واصفين ان الطفل قليل التربية وان والده سيادة المستشار لم يحسن تربيته، فكيف له ان يقوم بالحكم بالعدل في قضايا المواطنين، مطالبين والده بالاستقالة او ان تكون ثقوم الدولة بإقالته.

السؤال هنا، هل طفل المرور جاني ام مجني عليه، وهل يمكن بالفعل تعديل وتهذيب سلوكه ليتخلص من نظرته الطبقية لافراد المجتمع بحكم انه ابن المستشار رئيس المحكمة، وهل طفل المرور هو ضحية لتربية خاطئة من والداه ، ام هو ضحية لجماعة الاقران اصدقاء السوء الذين اشعلوا في الطفل الصغير التكبر وانه ابن المستشار ولا يمكن لاحد محاسبته، وظهر ذلك في الفيديو من خلال قولهم لرجل المرور، كلم سيادة المستشار قاصدين صديقهم طفل المرور. 

الواقع ان طفل المرور هو ضحية تربية خاطئة من الاب والأم بسبب التدليل الزائد عن الحد بحكم أنه طفل وحيد علي ثلاث بنات، كما واضح ان الطفل لم يتعلم كيف يتعامل مع من يكبره سنا، والغرور والنظرة الطبقية لافراد المجتمع، طفل المرور ضحية اصدقاء السواء الذين أستغلوا صغر عمره وقاموا بغرس الغرور والتكبر داخل صديقهم بحكم انه ابن المستشار وانه لا يمكن محاسبته حتى لو أخطأ. 

طفل المرور ضحية غياب او تغييب دور المدرسة في التنشئة والتربية لاسباب كثيرة منها ضعف رواتب المعلمين في ظل غلاء المعيشة، وأهانة المعلم من بعض أولياء الأمور داخل أماكن عملهم وعدم حمايته من الوزارة او النقابة، فأصبح المعلم ملطشة للأولياء المرور، كذلك الاعمال الفنية السينمائية او المسرحية او التلفزيونية التي صورت المعلم بشكل ساخر وتريقة علي لبسه او طريقته او تصويره بالجشع الذي لا يهمه سوي إعطاء الدورس الخصوصية، لذلك قلت هيبة المعلم المربي وأصبح مجرد موظف يؤدي عمله في توصيل المعلومة للتلميذ دون القيام بالدور التربوي، بسبب تعليمات الوزارة التي تحظر عليه تعنيف الطالب اذا قام بسلوك خاطئ، ويمكن مجازاته اذا قام والده بتقديم شكوي ضده. 

طفل المرور ضحية لاعلام فاسد يبحث عن الترند والتفاعلات وأصبح يركز الضوء علي الهلس من خلال التركيز علي أخبار مطربي المهرجانات، او راقصة أصبحت ترند لمجرد وصلة رقص في محل كوافير، او الازياء العارية للفنانات في مهرجان الجونة، وغاب عن الاعلام إظهار النمازج المحترمة، فطالبة من كفر الشيخ تحصل علي المركز الأول في حفظ وتجويد القران الكريم علي مستوي العالم لا يتم ذكرها نهائيا او تسليط الضوء عليها. 

طفل المرور ضحية لمجتمع تتحكم فيه المادة بشكل كبير، وتنتشر الالفاظ القبيحة في الشوراع ووسائل المواصلات وحتي بعض الاندية، دون وجود رادع او حتي تعديل سلوك، مجتمع يكون فيه رئيس نادي جماهيري ترند بسبب وصلات السب والشتم للجميع دون وجود رقيب او رادع، محتميا في حصانته البرلمانية. 

الخلاصة يا سادة ان طفل المرور قبل ان يكون جاني فهو مجني عليه.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.