طوفان الأقصى.. اكتوبر الأسود في حياة اسرائيل بقلم انتصار احمد رجب

فلسطين الأبية أرض الرسالات السماوية

طوفان الأقصى.. اكتوبر الأسود في حياة اسرائيل بقلم انتصار احمد رجب

قال الله عز وجل في كتابه العزيز:
«وَ نَجَّيْنَاهُ وَ لُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ».
والضمير الغائب هنا هو لفظ « و أنجيناه » يعود إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام والمراد
بـ الأرض هي أرض « فلسطين » وهي محل هجرة إبراهيم و لوط عليهما السلام ، بعد أن نجاهما الله من القوم الظالمين.

فلسطين الأبية أرض الرسالات السماوية

الروح تتألم ، والقلب ينزف دما ، وزفير الحزن والألم يملأ هذا الوطن المكلوم ، لقد شربت فلسطين من آهات الذل والانكسار ، مما أعاد إليها صدى الشوق والحنين إلى الحرية كما كانت قبل الاحتلال ، ولا حرج عليكِ يا فلسطين الحبيبة ، إن الله لا يقبل الظلم ، ولا يقبل ان اليهود أحفاد القردة و الخنازير تمتد أيديهم إليكِ بالعنف والظلم ، فـ الظلم وان طال عمره لن يستمر في الأرض المباركة.

اااااه يا فلسطين و الله إن الكلمات تختنق في حلقي مصحوبة بألم وقهر كلما رأيت أشلاء و دماء الشهداء الأبرار تداس وتحرق و الأنفاس تختنق تحت هدم البيوت ، صراخ الأمهات والأطفال يمزق قلبي ، أشعر بالعجز عندما أرى ما يحدث في فلسطين ، خاصةً بعد عملية طوفان الأقصى و الأعداد الهائلة و المتزايدة من الشهداء والجرحى والمفقودين بعد قذف إسرائيل لهم بالصواريخ وقنابل الفسفور المحرمة دوليا.

طوفان الأقصى

تتجمد الدموع في عيني و أقاوم الانهيار ، متمسكه بآخر خيوط الصبر و الأمل والطمأنينة لروحي و قلبي الحزين ، وأتذكر وعد الله ، بأن النصر قريب لا محالة ، وزمن النصر قد اقترب ، و بدايته « طوفان الأقصى » 7 اكتوبر 2023 التضحية والاستشهاد في سبيل الله.

فلسطين في قلب كل عربي حر

دولة فلسطين في قلب كل عربي حر يرفض الظلم ، وستبقى إلى الأبد رمز الصمود والقوة والتضحية ، ولا خيار أمامنا إلا أن ندعو لها بأن يعجل الله النصر للفلسطينيين ويجعل من أحجارهم وابلاً من سچيل على اليهود وأعوانهم
ومن يناصرهم ، وأن يقوي المجاهدين وينصرهم بجنودٍ من عنده يقاتلون معهم بإذن الله العزيز الحكيم.

قال الله تعالى:
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

تتمتع فلسطين وعاصمتها القدس بمكانة كبيرة لدى المسلمين والمسيحيين في مختلف أنحاء العالم ، وهي مدينة تاريخية وثقافية مهمة ، وموطن للعديد من الأماكن الدينيه ، و الرسالات السماوية ، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومهد المسيح عليه السلام ، أولى القبلتين ، وتعد أكثر دولة تضم مقدسات إسلامية جامعة لكل الأديان على أرض واحدة.

المسجد الأقصى

يوجد بها المسجد الأقصى أولى القبلتين لدى المسلمين وثالث الحرمين الشريفين ، وكنيسة القيامة التي يأتي إليها المسيحيون ، و أوجد فيها اليهود لـ أنفسهم ما يسمى بـ حائط المبكى ، و اعتادوا على التعبد فيه ، و الحائط المبكى هو الحائط الذي ربط فيه النبي صلى الله عليه وسلم البراق في رحلة الإسراء والمعراج ، ويطلق عليه عند المسلمين اسم «حائط البراق» وقد اعتادوا على العبادة فيه ، فهي أرض مقدسة لجميع الأديان السماوية

و قد استمر الاحتلال في نهب ثرواتها واغتصاب أرضها وهدم مستشفياتها و قُراها
و مساجدها و كنائسها وقتل النساء والأطفال ، وهي صامدة أبية ، لم ولن تكن يوماً ما فريسة سهلة ، فرغم قوة السلاح والقصف والعدوان و خذلان العرب لها ، تمسك الشعب الفلسطيني الأبي بأقل الإمكانيات و سخروا الله لهم كل من حولهم من أجل قول «الله اكبر» بصوت مسموع رج صداه العالم كله ، و مازالت حجارة أطفال فلسطين هو السلاح القوي الذين يواجهون به الموت من أجل رفعة بلادهم المغتصبة

فلسطين تتحدث عن نفسها

وتقع فلسطين في قلب منطقة الشرق الأوسط ، وتعتبر نقطة التقاء بين أفريقيا وأوروبا وآسيا ، على جزء مهم من البحر الأحمر ، في موقع جغرافي مميز ، وتتميز فلسطين بـ عراقتها و تاريخها ، و كرم شعبها ، وتعدد ثقافتها و معتقداتها ، ومهما طال الأمد صامته ، تتحدث عن نفسها للعالم بكل فخر واعتزاز ، ها أنا أرض التاريخ ، أرض الشهداء و الأسرى و الجرحى ، أنا أرض الزيتون أرض السلام التي ذكرني الله بها في القرآن الكريم بالأرض المباركة ، كنت ومازلت مطمع لليهود منذ آلاف السنين ، منذ دخلني الصليبيون و حررني عمر بن الخطاب من اليهود ، ثم مرة أخرى على يد صلاح الدين الأيوبي ، ثم احتلوني مرة اخرى ، وفتحت أبوابي بحجة التسامح ومنح حرية العبادة لجميع الأديان.

وفي عام 1948، تم تقسيم فلسطين إلى دولتين ، واحدة عربية والأخرى يهودية ، واحتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967
وأعلنتها عاصمة لإسرائيل ، رفضت الأمم المتحدة والعديد من الدول الأخرى ضم إسرائيل للقدس الشرقية ، وتعتقد أن القدس يجب أن تكون مدينة مفتوحة للجميع. .

إن المسلمين عامة ، والفلسطينيين خاصة ، لديهم عقيدة راسخة لن تتغير ، وهي أن القدس عاصمة فلسطين ، ولن تتمكن أي قوة على وجه الأرض من تغيير تلك الحقيقة التاريخية ، ولهذا السبب ، لا يزال الشعب الفلسطيني يكافح من أجل استعادة أرضه المسروقة وسط استنفار عالمي تضامناً مع الفلسطينيين ، واستمرار القصف المتعمد للمدنيين ، من قبل الاحتلال الإسرائيلي ، وستبقى القدس وفلسطين وحدة لا تتجزأ ، ولن تنفصلان حتى يأذن الله عز وجل بالنصر المبين.

وبذلك استطاع اليهود احتلال بعض المدن الفلسطينية عبر التاريخ ليعلنوا كيانهم الضعيف المزعوم دولة إسرائيل ، بناءً على وعد بلفور المذيف للتاريخ ، والذي منح اليهود شرعية كاذبة لإقامة وطن لهم على أرض فلسطين.

وعد بلفور و حديث جولدا مائير

لم يكن وعد بلفور والولايات المتحدة و الانتداب البريطاني والدولة العثمانية فقط هم الذين دعموا إنشاء وطن لليهود في فلسطين ، بل العرب أيضاً ، إذ نسوا بسلبيتهم القوة والوحدة الوطنية التي كانوا يتمتعون بها قبل عام 1948، وعدم قدرة اليهود على احتلال أي بقعة في فلسطين بسبب الصحوة العربية و وحدتهم ، لكنهم اليوم سلموا رقاب الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي الذي يقتلهم و يذبحهم و يدمرهم بدم بارد كيفما يشاء.

و حين تحدثت جولدا مائير عن سلبية العرب قالت: عندما أحرقنا المسجد الأقصى لم أنم طوال الليل ، و توقعت أن يأتي العرب نازحين من كلّ حَدَبٍ وصَوْب اى « مِنْ جميع الأقطار و الجهات» تجاه إسرائيل ، وعندما بزغ الصباح أيقنت و علمت أننا أمام أمة نائمه.

و منذ أن توغل الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينيه ، بدأت محاولاتهم في تدبير المخططات و المخادع وجمع المناصرين والمؤيدين لهم لإقامة دولتهم المزعومة ، لكن مؤيديهم كما أثبت التاريخ ، كانوا أول أعدائهم حيث تعرض اليهود للطرد المستمر من الدول الغربية قبل عام 1948 ، وتخلص منهم الغرب بعد مجازر قُتل فيها عدد كبير من اليهود على يد الروس و الألمان والبريطانيين والأمريكيين أنفسهم ، وهم الذين أصبحوا يتحدثون الان لدعم اليهود و مُساندتهم حتى لا يعودوا إليهم مرة أخرى و يشاركوهم الحكم والاقتصاد وحياة الرفاهية.

لـ إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها

كما أن بعض حكام العرب والحكام الغربيين سمحوا لهم بأن يفعلوا ما يريدون تجاه الفلسطينيين تحت شعار « لـ إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها » فـ كان طوفان الأقصى تاريخاً أسود علي اليهود ، محطما أسطورة الدولة التي لا تقهر و أقوى دولة مزعومة في العالم ، إذ نجحت المقاومة الفلسطينية في إلحاق خسائر بـ اليهود في العتاد والأسلحة و الأرواح لم يشهدوها منذ 70 عاما على الأقل ، فـ معركة طوفان الأقصى هزّت صورة إسرائيل العسكرية في ظل عدم امتلاك حماس جيشا نظاميا ، بل عناصر أو كتائب صغيرة بـ تسليح لا يرقى إلى ما بـ أيدي إسرائيل من اسلحه و معدات حديثه غير الاسلحه التي تذوها بها أمريكا و الدول الأخري.

قتل المدنيين العزل

ولكي يستعيد اليهود هيبتهم مرة أخرى ، فإنهم يتعمدون الآن قتل المدنيين العزل ، وتفجير المنازل ، وتهجير أهل غزة من أرضهم من أجل احتلالها والسيطرة عليها ضمن خطة التوسع المستهدف في الضفة الغربية بـ الأراضي المحتلة.

وبسبب العنف والتدمير والقذف المستمر بأحدث الاسلحه المحرمه دولياً ، نجد نساء و أطفال و رجال و شيوخ ، تحولت أجسادهم إلى أشلاء ، نحتسبهم شهداء عند ربهم يرزقون ، وتحولت غزة إلى كومة من الركام والخراب وسط محاولات البحث عن مفقودين تحت التراب لدفنهم أيضا تحت التراب وقوات الاحتلال تقتل وتقصف المدنيين بدعم غربي وصمت عربي.

ومن أجل دعم فلسطين ، يمكننا رفع الوعي بالقضية الفلسطينية ونشرها بين الناس ، وخاصة بين الشباب ، ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية ، وإطلاق حملات تضامن مع الشعب الفلسطيني ، وجمع الأموال والمساعدات الإنسانية لإرسالها إلى الفلسطينيين ، وإدانة الأعمال الإجرامية التي يرتكبها الإسرائيليون تجاه المدنيين في غزة وفلسطين من أجل الضغط على الحكومات العربية والإسلامية لدعم القضية الفلسطينية.

برغم خذلان العرب لهم

وعلى الرغم من كل التحديات ، فإن الشعب الفلسطيني مصمم على مواصلة نضاله لإستعادة حقوقه المشروعة ، وستبقى فلسطين قضية الإنسانية حتى تتحرر من قيود الاحتلال الإسرائيلي الغاشم ، كما ستبقى المقاومة الفلسطينية شوكة في عظام إسرائيل ومن يدعمها ، تعكر صفو سلامهم وتحبط كيدهم ، ومع النصر المبين وعودة القدس عاصمة لفلسطين ، يتحرر الأقصى من دنس وانتهاكات اليهود ، وتؤتي أشجار الزيتون ثمارها مع إشراقة يوم جَديد من نور شمس الحرية.

وبرغم خزلان حكام العرب و اشتداد الحرب في فلسطين أقسم الله تعالى أن يعود السلام إليها
هكذا قال الله تعالى
« فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا »
نعم ستعود فلسطين آمنة مطمئنة ، وسيعود المسجد الأقصى حراً والمسلمون جميعا يصلون فيه لـ رب العالمين ، ولكن عندما يشاء الله ذالك ، وعندما يعود المسلمون ، والعرب تحديدا ، إلى دينهم وإيمانهم واتحادهم كما كانوا سابقا
«لأن في الاتحاد قوة» ولمن يفهم ذلك
فإن نصر الله لفلسطين قادم حتماً و الأيام القادمة ستثبت ذلك.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.