ظاهرة الانتحار بحبة الغلة القاتلة … بقلم / د: محمد عبد الكريم

ظاهرة الانتحار بحبة الغلة القاتلة:

د: محمد عبد الكريم

انتشرت حالات الانتحار بحبة الغلة خصوصا في الأماكن الريفية نظرًا لاستخدمها في أمور الزراعة لقتل السوس في الغلال والمحاصيل والتخزين المعتادة للفلاحين، وتكمن خطورتها في إطلاقها غاز الفوسفين «شديد السمية» وهو غاز لا يوجد علاج أو ترياق مضاد له، يتسبب غاز الفوسفين في تلف في كل أجهزة الجسم ويسبب انخفاض ضغط الدم بالصدمة وخفقان بالقلب وارتفاع في السكر والصدمة الحرارية وانهيار القلب والأوعية الدموية، وضيق التنفس الحاد، والفشل الكلوى، ويسبب انفجارا في المعدة، وهو الموت السريع.
يسئل الكثير عن حكم المنتحر شرعاً؟ وهل هو كافر؟ وهل سيدخل النار؟
أقول إن المنتحر شخص تمرد على قضاء الله وقدره خرج على أصل من أصول الإيمان كونه لم يصبر على القضاء والقدر فهو بذلك مرتكب لخطيئة ذنب كبير فهو يائس من الحياة وما هكذا يكون المؤمن، ولكن مع ذلك فأمره موكول إلى الله البصير بعباده فهو شخص غير كافر ومن ثم يصلىً عليه ويدفن في مقابر المسلمين.
فالانتحار حرام شرعا؛ لما ثبت في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم،وإجماع المسلمين على حرمة الانتحار، فالمنتحر وقع في كبيرة من عظائم الذنوب وكبائرها؛ إلا أنه مع وقوعه في هذه الكبيرة لا يخرج عن الملة، ويظل على إسلامه.
فلقد نهى ربنا عن ذلك وتوعّد النبى صلى الله عليه وسلم فاعلها بالعذاب الأليم؛ لأنه دليل على ضعف الإيمان ورقّة الدين، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أن اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ، كما وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتَل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن شَرِب سُمًّا، فقتل نفسه، فهو يتحساه فى نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردَّى من جبل، فقتل نفسه، فهو يتردى فى نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا».
والإنسان العاقل هو الذى لا يقدم على الانتحار مهما أصابه من بلاء الدنيا، بل يصبر ويحتسب مقتديًا في ذلك بالأنبياء والصالحين، ولا بد للإنسان أن يعرف أن الحياة الدنيا هي دار امتحان وابتلاء، قال تعالى: {الَّذِى خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُم أَيُّكُم أَحْسَنُ عَمَلًا}.
فنحن لا نجزم بدخول المنتحر النار، بل هو تحت المشيئة أن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له؛ لعموم قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، ومن أصول أهل السنة أنهم لا يشهدون على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار إلا من ورد فيه النص عن المعصوم صلى الله عليه وسلم بخصوصه.
وعلاج هذه الظاهرة تكون في الأساس بالتربية الدينية الشاملة الواعية، وإعلاء منظومة القيم الدينية، ولا بد من حملات مجتمعية توعوية، عن طريق جميع القنوات الاعلامية، والصحف، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيس بوك؛ لإحياء الروح المعنوية عن طريق بث الأمل في النفوس، والخوف من عقاب الله عز وجل.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.