عبدالغني السيد المطرب الذي مات على باب تحية كاريوكا
كتبت / غادة العليمى
عبد الغنى السيد الصوت الساحر الذى لم يمهله القدر ليحظى بمكانته التى يستحقها
مطرب بكى معه الجمهور قبل أن يرحل ومات بقلبه الكبير وهو يحاول أن يزرع السلام بدل الخلاف ورحل فى نهاية تشبه الحكايات
البلبل الباكى
عبدالغني السيد لم يكن مطربًا عاديًا بل كان نجمًا من نجوم الصف الأول ينافس محمد عبدالوهاب في مجده بل ويتفوّق عليه في استفتاء جماهيري مطلع الثلاثينيات
صوته الرخيم المليء بالشجن جعله يلقّب بـ “البلبل الباكي” ترك لنا ما يزيد عن 800 أغنية ما بين الطرب الأصيل والعاطفة الصافية
حتى أن عبدالوهاب نفسه اعترف قائلاً:
هو المطرب الوحيد اللي هزمني مرتين!”
عُرف عبدالغني السيد برقّة قلبه وشدة انفعاله فكان يسعى دائمًا للصلح بين الناس وكأنه وُلد ليُطفئ الخلافات.
المكالمة الأخيرة
نهض “البلبل الباكي” عبدالغني السيد من نومه مسرعًا على صوت تحية كاريوكا عبر التليفون وهى تصرخ في لهفة:
“تعالَ طلّقني منه!”كانت صديقته المقربة وكانت تستنجد به وكان لا يعلم أن تلك المكالمة ستكون آخر ما يسمعه في حياته وآخر مرة يخرج فيها من بيته حيًّا
حقيقة ماحدث
في يوم 9 ديسمبر 1962 إشتعل خلاف بين تحية كاريوكا وزوجها الفنان فايز حلاوة فإتصلت بصديقها عبدالغني تستنجد به
ذهب فورًا وحاول الحديث بصيغة هادئة رزينة ليهدأ الخلاف المشتعل لكنه لم يهدأ وأشتعل أكثر وأكثر وفوجئ بكاريوكا تصرخ فيه بعصبية شديدة
“أنا جايباك تطلقني مش تصالحني!”
فإنفعل هو الآخر وإرتفع ضغطه فجأة وسقط مصابًا بأزمة قلبية حادة نُقل إثرها إلى مستشفى العجوزة وهناك أسلم الروح بهدوء بعد حياة مليئة بالغناء والدموع
نبوءة الرحيل
يروي نجل الفنان عبدالغني السيد في أحد اللقاءات أنه قبل وفاة والده بساعات قليلة دار بينه وبين والدته حديث غريب وكأنه يحمل نبوءة الرحيل قال لها مبتسمًا:
“الست عاملة حفلة وطالبة مطرب كبير وماحدش هيغني فيها غيري أنا أحسن مطرب هيغنيلها!”
فسألته والدته بدهشة: “الست أم كلثوم؟”
فأجابها بهدوء مريب:
“لا… ستنا عايشة الصغيرة مش الكبيرة.”
وبالفعل لم تمر ساعات حتى أسلم الروح إلى بارئها في 9 ديسمبر عام 1962 عن عمرٍ لم يتجاوز الرابعة والخمسين ودُفن في السيدة عائشة كما لو كان قد ودّعها بلسانه قبل أن يلقاها
ترك وراءه أبناءه الثلاثة: ليلى (14 عامًا)، وإيمان (9 أعوام)، وابنه الصغير الذي لم يتجاوز السابعة آنذاك ورحل المطرب الذي أبكى جمهوره بصوته الرقيق ثم أبكاهم برحيله الصادم
مات عبدالغني السيد وهو يحاول يُلمّ الشمل بقلب كبير لم يحتمل الانقسام رحمة الله عليه
وترك لنا تراث زاخر من الأغنيات وقصة تروى من النبل الانسانية لنهاية حياة مطرب راةع اسمه عبد الغنى السيد