تحديات الصحافة في عصر التكنولوجيا المتسارعة: بين المهنية والمصالح المتشابكة

تُعد التغطية الصحفية في الميدان السياسي من أصعب المهام التي يمكن أن يواجهها الصحفي في مسيرته المهنية، فهي ليست مجرد نقل للمعلومات أو تغطية للأحداث، بل هي عملية دقيقة تتطلب موازنة بين الحقائق والمصالح المتشابكة، وبين السرعة المطلوبة في نقل الخبر والمصداقية التي تشكل أساس العمل الصحفي.

الرياض: ريهام طارق 

يجد الصحفي نفسه أمام تحديات متعددة تتراوح بين الضغوط السياسية، وتأثيرات الرأي العام، ومتطلبات المؤسسات الإعلامية التي يعمل لصالحها، مما يجعله مطالبًا باتباع نهج متوازن يضمن تقديم معلومات دقيقة دون الانحياز أو التأثر بأي أجندات خفية.  

التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية أساس الصحافة الواعية: 

تلعب القوانين الإعلامية والمواثيق الأخلاقية دورا محوريا في فرض التزام الصحفي بمعايير مهنية تهدف إلى تحقيق التوازن بين حرية التعبير وإحساس المسؤولية تجاه المجتمع. من أبرز هذه المبادئ احترام خصوصية الأفراد، وعدم التعدي على حياتهم الشخصية، وتجنب التحريض على الكراهية أو العنف.

المحتوى الإعلامي قوة مؤثرة بين البناء والهدم:

المحتوى الإعلامي أشبه بسلاح ذي حدين، فهو قوة جبارة قادرة إما على تعزيز استقرار المجتمع وتماسكه، أو تقويضه من الأساس، لذلك، يتحتم على الصحفي المحترف التحلي بالمسؤولية والوعي الكامل بأبعاد كلماته، والابتعاد عن نشر أي معلومات قد تهدد الأمن القومي أو تخل بالاستقرار السياسي والاجتماعي للدولة، القلم الحر لا يقتصر دوره على نقل الأحداث فحسب، بل يمتد ليكون أداة لبناء الوعي المجتمعي وترسيخ الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام، أو العكس تمامًا حين يسيء استخدامه.  

صراع الصحفي بين المصداقية وعامل الوقت والقواعد المهنية والأخلاقية:

أصبح من الصعب الوصول إلى المصداقية ،  حيث يلتزم الصحفي بالحصول على معلومة من مصادر رسمية موثوقة والتحقق منها بدقة قبل نشرها، وهذا يضعه في ضغط مستمر أمام عامل الوقت وضغط تحقيق السبق الصحفي التي قد تدفعه أحيانا إلى نشر معلومات غير مكتملة أو غير مؤكدة. وهنا تتجلى أهمية الالتزام بالقواعد المهنية والأخلاقية التي تحكم العمل الصحفي بشكل عام. لذا يجب على الصحفي التحلي بالصبر و التأني والتثبت من صحة كل التفاصيل قبل تقديمها للجمهور الذي يعتمد عليه في تشكيل رؤيته حول القضايا السياسية المطروحة.

الحيادية: تميمة نجاح الصحفي المحترف:  

العمل الصحفي في الميدان السياسي أشبه بالسير على حبل مشدود، حيث يتعين على الصحفي أن يكون في قلب الحدث دون أن يصبح جزءًا منه أو يتأثر بجانب بعينه ، المهنية الحقيقية تكمن في تحقيق التوازن الدقيق بين الحيادية والتأثير، من خلال طرح الأسئلة الجريئة دون الانحياز أو التأثر بالمواقف الشخصية ويتطلب هذا الأمر مهارات تحليلية متقدمة وقدرة على استيعاب خلفيات الأحداث وتحليلها بموضوعية بعيدًا عن أي مؤثرات قد تحجب الرؤية الواضحة للحقائق كما أن الصحفي بحاجة دائمة إلى بناء شبكة علاقات متينة تمكنه من الوصول إلى المعلومات بسرعة ودقة مع الحفاظ التام على استقلالية شخصيته وحيادية ميوله ، ليظل صوته نزيها يعكس الحقيقة للجمهور دون تحيز أو مجاملة  ويحرص على تهدئة الأوضاع، من خلال تقديم التفسيرات المبنية على الحقائق بعيدًا عن الإثارة والمبالغة.  

اقرأ أيضاً: ساره جمال تطرح أحدث اغانيها بعنوان”راهنت عليه”

لغة الكتابه أداة قوية تساهم في تشكيل الرأي العام، وإن كلمة غير

من جانب آخر، فإن الدقة في اختيار الكلمات والتعبير تمثل ضرورة حتمية في التغطية السياسية بشكل خاص، فاللغة سلاح ذو حدين يساهم اما أن يساهم في تشكيل الرأي العام، أو كلمة غير دقيقة أو تفسير خاطئ يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة.

لهذا، يجب على الصحفي أن يحرص على استخدام لغة واضحة، خالية من العبارات الغامضة، ومع التطور التكنولوجي الهائل، أصبح الصحفي لديه العديد من الأدوات الرقمية الحديثة التي تساعده على تحليل البيانات السياسية وتقديم تقارير مبنية على إحصائيات دقيقة، ليمنح الجمهور الصورة كاملة مما يساعد على تجنب تداول الشائعات التي قد تضر بالاستقرار والأمن العام.  

في النهاية، يبقى الصحفي الذي يلتزم بالدقة والمصداقية هو من يحظى بثقة جمهوره، ويثبت نفسه كمصدر موثوق به، ليظل البوصلة التي تقود المجتمع إلى الحقيقة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.